في نهاية الاسبوع كان يبدو أن تهديد «يهدوت هتوراة» بسبب العمل في محطة القطار يوم السبت قد زال، ولن يؤدي الى انفجار الائتلاف كما حدث قبل 17 سنة في قضية النقل. ولكن مع خروج السبت عاد ممثلو الحريديين الى التهديد. وهناك من طالب بأن يقيل نتنياهو وزير المواصلات، اسرائيل كاتس.
قبل ذلك قام رئيس الحكومة بفعل ما هو صحيح من ناحيته: بدون «يهدوت هتوراة» ليس لديه ائتلاف. والامر الاخير الذي يريده هو تفكك حكومته بسبب قضية السبت، التي هي الامر الأخير في جدول أعماله. ونظراً لأنه لم يرغب في الظهور كمن يخضع للحريديين، ومن جهة اخرى لا يمكنه التنازل عنهم، فقد توصل الى حل وسط منطقي يقول إن تحسين محطة «السلام» في تل ابيب سيتم كما خطط له، مع اغلاق جزء من شارع ايلول أمام الحركة يوم السبت، وإن العمل في محطات اخرى سيكون في الايام العادية. مبدأ «الضرورة» جاء لمساعدته: لو كان نقل المواد يتم خلال الايام العادية لأحدث هذا ازدحاما مروريا، الامر الذي يمنع سيارات الاسعاف من الوصول الى اهدافها. وعندما اقتنع الاصوليون بأن الحديث يدور عن الضرورة، سمحوا بانتهاك حرمة السبت.
قبل 17 سنة كانت هناك حاجة الى نقل مواد كبيرة على شوارع البلاد. وقالت شركة الكهرباء إن الامر يمكنه أن يتم فقط في ايام السبت. كان عمر حكومة باراك شهرين فقط. وقد سافر باراك لبضعة ايام من اجل الاجازة في الجليل بعد حملة انتخابات مضنية وتشكيل الحكومة الصعب. جاء الينا رجال «يهدوت هتوراة» وقالوا بشكل حاسم إنهم سيتركون الائتلاف اذا تم نقل البضاعة.
سارعنا الى القاموس لفهم مغزى الكلمة، لكن ذلك لم يساعد. وكان الحاخام ميخال ملكئور هو وزير المجتمع والشتات. وكان اسحق هرتسوغ سكرتير الحكومة، وكنتُ أنا وزير العدل. وحسب طلب باراك حاولنا دون فائدة اقناع الحزب الحريدي بالتراجع عن تهديده.
عندها توصلنا الى الحل الذي مكّن من النقل في الليالي العادية: يبنى بسرعة موقف خاص للسيارات الضخمة، حيث إن الجزء الاول من السفر يتم بين يوم الخميس ليلا ويوم الجمعة. وتتوقف يوم السبت، وتستمر في السفر بين السبت والاحد. وعندما اتصلنا لابلاغ رئيس الحكومة باراك، قال إن الخضوع للحريديين قد يخلق الانطباع الخاطئ بين اوساط السياسيين، وإن عرفات والاسد الأب قد يعتبرانه ضعيفا. حاولنا نحن الثلاثة اقناعه بأن الحل الذي تم التوصل اليه سيمنع الدومينو وتفكيك الائتلاف. رفض باراك، ويبدو أنه لم يقتنع بأن «يهدوت هتوراة» ستنفذ تهديدها. سافرت الحافلة يوم السبت وترك الحريديون الائتلاف وبعدهم ترك آخرون. بعد بضعة اشهر وجدنا انفسنا مع ائتلاف من 32 عضو كنيست.
الحل الوسط كان استعداد تنازل الشركاء من اجل تحقيق الاهداف الايديولوجية المركزية. ولقي هذا الاستنكار عندما كان هناك نجاح في اعتبار أن الاستعداد للحل الوسط هو محاولة للحفاظ على الحكم بأي ثمن. كان من المفروض أن يتنازل باراك من أجل تقدم العملية السياسية التي كانت مهمة بالنسبة له. وقد استطاع نتنياهو أن يتنازل من اجل ضمان استمرار سياسته. وبقي الآن أن نرى اذا كانت الحكمة هي التي ستتفوق، وكل شيء سينتهي بالطريقة الصحيحة: الحل الوسط.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف