- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2016-08-31
سمعنا كثيراً عن مبادرة السلام المصرية المنسوبة للرئيس "عبد الفتاح السيسي"، لكن أين هي هذه المبادرة؟ وما هي تفاصيلها؟ وما هو مضمونها؟ والحقيقة لا وجود لمبادرة مصرية، حتى أن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، "أحمد مجدلاني"، في تصريح له لجريدة "القدس المقدسية 19-8-2016"، نفى وجود شيء اسمه مبادرة سلام مصرية، وأن من اخترع هذا القول هو رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، فالخداع والمماطلة والتسويف وقلب الحقائق الإسرائيلية هي لعبته، وبخاصة حول القضية الفلسطينية وهذا ليس بجديد، حتى أن هذه السياسة المخادعة، تظهر في صحافتها، ومن خلال كتّابها ومعلقيها، وقد فشلت في تسويقها للعالم، فـ"نتنياهو" الذي يزعم وجود مبادرة مصرية، هدفه إبعاد الأنظار، وكبديل للمؤتمر الدولي للسلام، الذي تقوده فرنسا، ولو كان هناك مبادرة مصرية لكان الفلسطينيون أول من دعموها، والموقف الفلسطيني لا يتعارض بتاتاً مع الموقف المصري، فإسرائيل التي تختلق هذه الأسطوانة، وحديثها المتكرر عنها، لها هدف واضح، هو خلق انطباع عن خلاف فلسطيني-مصري، ولإظهار التناقض في المواقف العربية، ولقطع الطريق على المبادرة الفرنسية التي ترفضها، فلا يوجد شيء رسمي أسمه "مبادرة مصرية"، كما أن الجانب المصري لا يتحدث عن مثل هذه المبادرة، فإسرائيل لا تريد مبادرة سلام لا مصرية ولا فرنسية، ولا مبادرة السلام العربية، وكل ما تريده لقاء إقليمي يعقد في مصر، بمشاركتها ومشاركة الفلسطينيين، بهدف كسر الجليد.
لكن إسرائيل مستمرة في خداعها، ومحاولة إعطاء مصداقية لمزاعمها، فقد ذكر راديو إسرائيل باللغة العبرية بتاريخ "19-8-2016"، أن السلطة الفلسطينية أزالت معارضتها للمبادرة المصرية، لعقد مؤتمر إقليمي في القاهرة، لتحريك المسيرة السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين، وزعم المصدر العبري أن الرئيس "محمود عباس" اجتمع مؤخراً مع مسؤولين مصريين في رام الله، وأوضح لهم أنه لا يعارض المبادرة المصرية، شريطة أن يتم تنسيقها مع المبادرة الفرنسية، وأن لا تكون بديلاً لها، فهذا الخبر المزعوم، دون الكشف عن مصدره، يندرج في زرع البلبلة، والتشويه على المبادرة الفرنسية، التي لا تريدها إسرائيل.
في هذا السياق، ولزرع البلبلة والتهرب من عملية السلام، تروج إسرائيل إلى أن الرئيس الأميركي "باراك أوباما"، وقبل انتهاء ولاية حكمه، يعتزم التقدم بمشروع لمجلس الأمن الدولي، ينص على حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وفقاً لحدود عام 1967، عملاً برؤية حل الدولتين، ومع تمنياتنا بأن يكون هذا الطرح حقيقيا، إلا أننا نشكك به، ولإظهار الرغبة الإسرائيلية بعملية السلام اتصل "نتنياهو"-حسب جريدة "يديعوت احرونوت 24-8-2016"- هاتفياً بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" وبحث معه عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، غير أن جنرالا إسرائيليا ونائب كنيست حالياً، وهو "الجنرال يوم طوف سامية"، وفي مقابلة إذاعية مع راديو إسرائيل "24-8-2016"، كشف عن عدم وجود خطة إستراتيجية إسرائيلية لمعالجة المشكلة الفلسطينية، بل أن ما يوجد هو الثرثرة والكلام الفارغ، وأن الوزراء يعترفون أن رئيس الوزراء "نتنياهو" لا يطرح ولا يقدم لهم مجريات الأمور السياسية المتعلقة بالسلام، وأنهم لا يعرفون شيئاً، إلا ما يقرأونه في وسائل الإعلام.
في هذا الوقت الذي تحاول إسرائيل خداع العالم بأنها جادة في السلام، تواصل تسريع المشروع الصهيوني الاستيطاني، الذي يسير وفق خطة صهيونية، على المدى الآني وعلى المدى البعيد، فهي لا تريد سلاماً، ولا أمناً، ولا استقراراً، وكل ما تريده التوسع وترسيخ الاستيطان، وتكريس الاحتلال، حيث أصبحت تدعي بأن الأراضي الفلسطينية غير محتلة، بل محررة، وإذا كان رئيس الوزراء الأسبق "أرئيل شارون"، أعلن عن توطين مليون مستوطن في الأراضي المحتلة، فإن الوزير الحالي "يؤاف غالنت"، وفي جولته للكتل الاستيطانية في منطقة الخليل، أعلن عن توطين نصف مليون مستوطن خلال عقد من الزمن في هذه المنطقة، ويعزو ذلك للأهمية الإستراتيجية والتاريخية للمشروع الصهيوني، ووزير الزراعة الحالي "أوري أرئيل" –من حزب البيت اليهودي- اعترف بأن إسرائيل فشلت مرات عديدة، في محاولتها إحلال بديل للمنظمة، فهو لا يعارض الحوار مع الفلسطينيين، وفقاً لخطة حزبه، ومفادها أنه ستكون هناك دولة واحدة بين البحر المتوسط ونهر الأردن هي دولة إسرائيل، "معاريف 21-8-2016"، بينما يعلن رئيس الوزراء "نتنياهو" مواصلة البناء الاستيطاني في "يهودا والسامرة"، فإن إسرائيل تبني في "أرضها" التاريخية.
الجديد جاء من قبل وزير الجيش الجديد "أفيغدور ليبرمان"، حيث يسعى لإحياء مشروع روابط القرى، الأمر الذي جربته إسرائيل وفشلت في إقامة هذه الروابط في سنوات الثمانينات، التي قادها البروفيسور "ميلسون"، وخطة "ليبرمان" هذه مصيرها الفشل أيضاً، وأيضاً في محاولته المعلنة العصا والجزرة، والتمييز بين من يريدون التعايش مع إسرائيل، ومن يسعون لتوجيه الضربات لها، ومن أهم أهداف الخطة، محاولة تجاوز منظمة التحرير الفلسطينية، وليس باستطاعة إسرائيل أو غيرها، فرض قيادة شرعية على الشعب الفلسطيني، أما بالنسبة لقطاع غزة، فإن "ليبرمان" يعلن أن سياسته الإعمار مقابل نزع السلاح، وحسب "ليبرمان" فيجب أن يدرك الفلسطينيون أن إسرائيل لن تمكنهم من التسلح أو سرقة الأموال المخصصة لسكان غزة، مع أن هذه السياسة فشلت أيضاً، حتى أن عملية "الصخرة الصلبة" العسكرية ضد غزة قبل سنتين، اعترفوا بفشلها، حيث تجري تحقيقات بين قادتها للبحث عن أسباب الفشل، حتى أن جزرة "ليبرمان" يعارضها المستوطنون أما الوزير "زئيف الكين"، من كبار المقربين لـ "نتنياهو" أعلن أن حل الدولتين غير قابل للتطبيق، وأن التسوية الوحيدة التي يريدها الفلسطينيون، انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وهذا ما لا يقبل به الإسرائيليون، "معاريف 23-8-2016"، والوزير "نفتالي بينت" رئيس حزب البيت اليهودي، ينادي بتطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات والمناطق التي تحتاج إليها إسرائيل أولاً، وبعد ذلك فرض السيادة الإسرائيلية على جميع الأراضي المحتلة، واستمرار البناء الاستيطاني في كل مكان مما يطلقون عليه "أرض إسرائيل"، بما في ذلك مدينة الخليل الذي يعتبرها مدينة الآباء، وبعد كل هذه المواقف الواضحة والإجراءات على الأرض، يهاجمون الفلسطينيين، ويتهمونهم برفض الجلوس على طاولة المفاوضات، وهذه الأقوال مضحكة فعلى ماذا يجري التفاوض؟
موقع قدس نت بتاريخ "21-8-2016"، قال أن الإجراءات العنيفة والقاسية التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، تجعل من الصعب عليها الادعاء أنها تسعى وراء السلام، بل لتثبيت إجراءات الحكومة، إنها تعمل من أجل تخليد الاحتلال، وتقول: لقد أصبحنا نشعر بالخجل من يهوديتنا بسبب الاحتلال"، وأخيراً فقد نشرت جريدة "هآرتس 16-8-2016"، أن وزير التربية والتعليم "نفتالي بينت"، قدم مبادرة جديدة، هي جولات لطلاب المدارس بزيارة المحارق النازية في بولندا، ففي تعليق صحفي إسرائيلي على هذه المبادرة اعتبرت "ناقصة"، فالمطلوب من الوزير تنظيم رحلات لزيارة القرى البدوية في النقب، التي يجري مصادرة عشرات آلاف الدونمات من أراضيها، وزيارة قرية "العراقيب" التي تم هدمها أكثر من مئة مرة، وجولة في الضفة الغربية لإطلاع الطلاب على ممارسات المستوطنين ضد الفلسطينيين، فقد توصل الموقع إلى أن هناك "محارق" أخرى تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين يجب عدم تجاهلها.