بعد أسبوعين من إثارة شركة NSO الإسرائيلية حالة فزع دولية، حيث ناشدت كبرى شركات التكنولوجيا «أبل» زبائنها اجراء تحديث عاجل لأجهزة الايفون لديهم بسبب ثغرة خطيرة في الحماية، يظهر الآن تحقيق أجرته «يديعوت احرونوت» بان قسم الرقابة على التصدير الأمني في وزارة الدفاع «آفي» منحها رخصة لبيع برنامجها للتجسس «بجسوس» لشركة خاصة في دول عربية. هذا ما تفيده مصادر رفيعة المستوى في وزارة الدفاع. وجاء الكشف عن المحاولة الفاشلة لادخال برنامج التجسس، الشهر الماضي، في جهاز نشيط حقوق الانسان في اتحاد الامارات، ليسلط الضوء على نشاط شركة NSO خلف الكواليس ويثير الانتقاد على قرار الدولة السماح لها بالعمل في دول عربية. وتنتقد محافل في وزارة الدفاع بشدة اعطاء رخصة التصدير لشركة NSO وتدعي بانه في الزمن الحقيقي ايضا كان مسؤولون في الوزارة ممن قالوا لمسؤولي قسم الرقابة «آفي» انه لاعتبارات الامن القومي محظور السماح بتصدير البرنامج للدول العربية. وادعى مسؤول في الوزارة بان «اصدار مثل هذه الرخصة فضيحة». رغم أن المسؤولين في وزارة الخارجية ايضا يوضحون بان NSO، التي توجد اليوم تحت سيطرة شركة أميركية، فرنسسكو برتنراز، لم تكن تشارك باي شكل في الثغرة نفسها، فهم يدعون بان «مجرد ربط الشركة بالمنشورات في موضوع هجمة السايبر على نشيط حقوق الانسان يلحق ضررا بالسمعة الطيبة للدولة». شركةNSO، التي أسسها ثلاثة اسرائيليين، ومن بين أهم مطوريها خريجون لوحدات النخبة في أسرة الاستخبارات، وعدت زبائنها بان يوفر لهم برنامج «بجسوس» قدرة على السيطرة من بعيد على الهاتف النقال من خلال غرس حصان طروادة يرسل بالبريد الالكتروني. والمعنى هو أنه من اللحظة التي يتسلل فيها الى الهاتف يسيطر عليه ويسمح بالتنصت، الحصول بالتوازي على ما يكتب يسحب كل المعلومات المحفوظة فيه (بما في ذلك الدخول الى حسابات البنك والبريد الالكتروني) وكذا السيطرة والرقابة على البطارية. ويتبين أيضا من مراسلات NSO التي كشفت عنها «نيويورك تايمز» بان الشركة تعرض قدرة باسم «Room Tap» تسمح باستخدام الميكروفون في الجهاز للتنصت في الغرفة التي يوجد فيها الجهاز. وادعى منافسو الشركة بان هذه منافسة غير عادلة لان البرنامج يعتمد على معلومات من الاستخبارات الاسرائيلية، إلا أنهم ادعوا في شركة NSO بان هذا كان تطويراً قاموا به هم أنفسهم. وعلم الآن أن البرنامج الذي بيع لتلك الدولة العربية كان يفترض به بداية أن يتضمن تطويرا يسمح بالاقتحام والسيطرة على البريد الالكتروني في الجهاز الخلوي دون ان يضغط صاحبه على الرابط الذي يتلقى البريد. ولكن بعد وقت قصير من اصدار الرخصة، غيروا في قسم الرقابة «آفي» الشروط واجبروهم على بيع برنامج يتطلب ضغطا على الرابط للبريد الالكتروني. وتمت الوساطة للصفقة مع الدولة العربية من خلال مسؤولين سابقين في جهاز الأمن. اما البيع نفسه، وخدمة تركيب البرنامج والارشاد به فقد تم مع شركة خاصة في تلك الدولة. ليست هذه هي المرة الاولى التي يكشف فيها النقاب عن أن منتجات NSO تستخدم للتجسس على نشطاء حقوق الانسان (وليس في الحرب ضد الارهاب): فقد علم في الماضي بان برنامج «بجسوس» بيع لحكام ذوي سجل مشكوك فيه من حيث حقوق الانسان في بنما، المكسيك، تركيا، موزمبيق، كينيا، ونيجيريا. وبقدر ما هو معروف فان NSO تستوفي شروط رخصتها ولا تبيع الا حسب الاذون. ولكن محاولة اقتحام ايفون نشيط حقوق الانسان في اتحاد الامارات تؤكد الاشكالية الكامنة في العلم الذي بدايته في الخبرات التي تكتسب في أسرة الاستخبارات ونهايته في اياد ليس اسرائيلية. في وزارة الدفاع شددوا على أن «الوزارة تمارس آلية رقابة مرتبة، بموجب القانون، تعمل بالتعاون الوثيق مع وزارة الخارجية». أما في NSO فادعوا بان الشركة «لا تفعّل البرامج نيابة عن زبائنها. فالشركة تطور منتجات هدفها مساعدة الحكومات على مكافحة الجريمة والارهاب. ولا تبيع الشركة إلا لهيئات حكومية مخولة ومسؤولة بموجب قوانين التصدير الأمني».

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف