أعطوا ما لقيصر لقيصر: بنيامين نتنياهو على حق. انه على حق حين يقول ان العالم في جيب اسرائيل، وانه على حق حين يتنبأ بمستقبل مضمون لاسرائيل في الأمم المتحدة، وانه على حق حين يظهر، وهو واثق من نفسه، ويبتسم وهو متفائل بشكل لم يسبق له مثيل، فلديه كل الأسباب لذلك. نتنياهو على حق، وهذه هي الكارثة. خاب أملنا. خاب أمل كل من آمن بالعالم، وكل من آمن بباراك اوباما، كل من آمن بأوروبا، كل من آمن بالرأي العام الغربي في التأثير على الحكومات. خاب أمل كل من آمن بأنه لن تكون هناك كولونيالية في القرن الـ 21 وان الاحتلال العسكري الفظ لا يستطيع الصمود لفترة طويلة من الوقت. كل نبوءات الغضب، التي كان مصدر الأمل لمن آمن بان الاحتلال الاسرائيلي يجب أن ينتهي. وعدونا بالضغط الدولي والعقوبات، العزلة الدولية ووقف المساعدات الأميركية، المقاطعة والاستنكار، وحصلنا على احتلال، لم يسبق أن كان عميقا الى هذا الحد، واسرائيل التي لم تكن قوية الى هذا الحد. وعودات بأن الاحتلال لا يستطيع أن يستمر الى الابد، وهو ما زال مستمرا. لماذا؟ لأن اسرائيل قوية. وهي ليست معزولة ولا بطيخ. اعترفوا: الاحتلال الاسرائيلي معزز اليوم أكثر مما كان عليه قبل عشر سنوات ونهايته لا تلوح بالافق. يجب الاعتراف بذلك. يجب الاعتراف بان الفلسطينيين معزولون، مقسمون ومنسيون بشكل لم يسبق له مثيل على المستوى الدولي، العرب ينزفون والمسلمون متروكون، والمهاجرون مكروهون، ويستفيد الاحتلال الاسرائيلي من هذا الوضع السيئ. فقد العالم اهتمامه بالصراع الذي هو الأخطر على أمنه، والذي يثير موجات العنف الأوسع. فقد اهتمامه في الصراع الذي يستطيع حله بسهولة نسبية. لا يوجد صراع يوجد حوله اتفاق عالمي واسع الى هذا الحد، لا يوجد موضوع يوحد العالم مثل رفض الاحتلال الاسرائيلي. من الهند وحتى كوش من بكين وحتى واشنطن مرورا بموسكو، جميعهم يقولون انهم ضد وجميعهم تقريبا لا يفعلون شيئا. كل شيء مليء بالتناقضات: لا توجد دولة تعتمد الى هذا الحد على دعم المجتمع الدولي مثل اسرائيل، وهي بالذات تسمح لنفسها بتمريغ وجهه، الامر الذي تجرؤ عليه دول قليلة فقط. الجهة الناطقة الوحيدة المتبقية هي المجتمعات المدنية وجهات مثل الـ «بي.دي.اس». هي لم تتنازل وتعمل بتصميم من أجل مقاومة الواقع الذي يعيش فيه ملايين البشر تحت الاحتلال البشع. لكنهم وحدهم. يتضح أيضا أنه في الديمقراطيات الغربية قوة الرأي العام محدودة. خاصة عند الحديث عن اسرائيل. تتغير وسائل الاعلام الدولية بالتدريج لصالح الاحتلال. الجامعات مشتعلة واليسار الاوروبي غاضب والليبرالية الأميركية تحتج، والحكومات تفعل ما تريد. تدفع الضريبة الكلامية وتستدعي نتنياهو بطريقة محترمة – كما فعلت هولندا في الاونة الاخيرة، صاحبة الصورة المتحضرة. لماذا يجب دعوة من أعلن أنه لا ينوي إنهاء الاجحاف؟ وأيضا لا ننسى اتفاق المساعدة من قبل الولايات المتحدة. هذه الغرابة – دولة مرتبطة الى هذا الحد بالعالم وتستطيع التصرف وكأنه لا يوجد عالم – ليس لها تفسير منطقي. جميع التفسيرات المعروفة، بدءاً من تهمة المحرقة وحتى الخوف من الاسلام لا تكفي لتفسير السلوك المنافي للقيم المعلنة ولمصالح المجتمع الدولي. يجب الاعتراف بذلك. يجب الاعتراف بان نتنياهو على حق حين يعد الأمم المتحدة بأنه «بعد عدة سنوات سيصوت الكثير منكم لصالح اسرائيل». يجب الاعتراف بان العالم لا ينوي رفع اصبعه من أجل تحرير الفلسطينيين (والاسرائيليين) من الاحتلال. يجب الاعتراف بأن لدى نتنياهو أسبابا جيدة تجعله راضيا. تعود الطابة الى الساحة الاسرائيلية الداخلية التي هي لامبالية وخالية تقريبا من الناس.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف