من طبيعة الانسان أن يأمل بالخير وان يكون متفائلاً. ولكن عندما يتجند التفاؤل ويكون غير واقعي بقدر كبير فإنه قد يؤدي الى صدمة وطنية ويأس هدّام. كل من يواصلون الايمان بحل المشكلة الفلسطينية من خلال صيغة الدولتين للشعبين مقتنعون بأن هذا الحل بالفعل ممكن وضروري في الوقت ذاته. فالأمل بالهدوء، السلام، ووضع حد للنزاع مع الفلسطينيين يقود الكثيرين من بيننا إلى الإيمان بانه يمكن وينبغي مواصلة تسويق «وعد بلفور» إسرائيلي لصالح إقامة فلسطين مستقرة. فزعماء اليسار يتبنون سياسة «الرؤيا والامل» ويعارضون «سياسة الفصل» التي يتبناها نتنياهو كما يدعون. ولكن ينبغي الاعتراف والقول ان هذه تخويفات لها أساس، وهي غير منقطعة عن الواقع الذي حولنا. على هذه الخلفية طرح أربعة نواب من حزب العمل خطط سلام شخصية. وهؤلاء النواب هم حيليك بار، بوجي هرتسوغ، عومر بارليف، وارال مرغليت. خطط السلام هذه، احتمال قبول الفلسطينيين لها يقترب من الصفر. فالرفض الفلسطيني ليس تكتيكيا بل استراتيجي. كل اقتراحات الحل الوسط والتنازلات بعيدة الاثر التي عرضت على الفلسطينيين في كل المؤتمرات وفي كل المفاوضات في الماضي من ايهود باراك، ايهود اولمرت، تسيبي لفني، البروفيسور شلومو بن عامي، شمعون بيريس ويوسي بيلين رفضوها. قالوا «لا» لكل خطط السلام. للفلسطينيين خطة سلام واحدة فقط – السلام مقابل حق العودة. ينبغي التسليم في هذه المرحلة بحقيقة أنه لا يمكن الوصول الى حل والى اتفاق شامل يؤدي الى السلام، الأمن، نهاية النزاع، الدولة الفلسطينية في حدود متفق عليها. فالحد الاقصى التي تبدي اسرائيل استعدادها للتنازل عنه لا يصل حتى الى الحد الادنى الذي يبدي الفلسطينيون استعدادهم لقبوله. بالنسبة لليسار، فان حل الدولتين للشعبين هو حل وسط نزيه. بالنسبة للفلسطينيين هذا حل استسلام وذل. في أوساط بعض الخبراء في ما يجري في قيادة السلطة الفلسطينية هناك اعتقاد يقول ان ابو مازن ومؤيديه توصلوا الى الاستنتاج بانهم لا يستطيعون ولا يرغبون في أن يأخذوا على عاتقهم مسؤولية إقامة دولة. يتبين أنهم يفضلون استمرار الوضع القائم كأمر لا مفر منه، ما يعني ان يكونوا ضحية خالدة بسبب الاحتلال الاسرائيلي. فهذا الوضع يمنحهم فضائل. يضمن الجيش الاسرائيلي للسلطة الأمن في وجه سيطرة «حماس»، توفر اسرائيل شروط الوجود الحيوي للسكان، كالكهرباء، الماء، الطب، ووالعمل لعشرات الالاف، وكذلك فان ابو مازن والسلطة الفلسطينية معروفون ويستقبلون في العالم كممثلي دولة. للسلطة ممثليات دبلوماسية في أرجاء العالم. وهم اعضاء معترف بهم في العديد من المنظمات الدولية. الاحترام والفخر الفلسطيني يجدان الرضى برفع علم «الدولة» الفلسطينية من على مبنى الامم المتحدة. هذا الواقع يمنح الفلسطينيين المجال للاستمتاع بكل العوالم: ان يكونوا معترفا بهم في العالم كدولة، وكذا ان يكونوا ضحية خالدة، الا يأخذوا على أنفسهم المسؤولية، وان يتهموا دوما اسرائيل فقط. معظم مواطني اسرائيل وزعمائها لا يرفضون اقامة كيان فلسطيني مجرد من السلاح، حين تنشأ الظروف الاقليمية والمحلية، عندما يوافقون على التنازل عن شروط حق العودة والانسحاب الى حدود 67 للوصول الى نهاية النزاع ونهاية المطالب. الفهم الواقعي في هذه المرحلة هو أنه لا يمكن الوصول الى اتفاق سلام شامل، ولذلك فان الامكانية الوحيدة المتبقية هي التوقيع على اتفاق انتقالي موسع.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف