يتوقع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بأن تتحول اسرائيل إلى دولة ثنائية القومية ومعنى ذلك الحرب. "علينا أن نعمل كل ما في وسعنا لمنع هذا، أو السكوت"، حذر كيري وزراء خارجية الدول المانحة والسلطة الفلسطينية. من المغري أن نقول لكيري صباح الخير يا جون، أين كنت حتى اليوم؟ ويكاد يكون واجباً العجب لماذا لم تستخدم الادارة الأميركية رافعة المساعدة والاتفاق الذي وقع لتوه مع اسرائيل كي تخضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وتشترط المساعدة بتقدم المسيرة السياسية. ولكن انتقاد الادارة الأميركية ووزير خارجيته – الذي وظف اياما وليالي كي يدفع المسيرة السلمية الى الامام – لن يكون غير عادل فقط، بل سيطهر الدنس الاسرائيلي. ليست الادارة الأميركية هي المذنبة في افول المفاوضات السياسية، وليس من مهامها إنقاذ دولة اسرائيل من نفسها. لقد كان لوزير الخارجية الأميركية الاسبق، جيمس بيكر، رأي قاطع في هذا الشأن: "الولايات المتحدة لا يمكنها أن ترغب في السلام اكثر من الطرفين نفسيهما"، قال بعد المأزق في مؤتمر مدريد. في فرصة أخرى نطق بسخرية رقم هاتفه، في حال رغبة الطرفين في استئناف المفاوضات. إدارة براك اوباما بعيدة عن أن تتخذ موقفا مشابها، ولكنها هي أيضا توصلت إلى الاستنتاج أن مساعيها لن تجدي نفعا في ضوء سور المعارضة الاسرائيلية ومصاعب محمود عباس. وللوهلة الأولى يلقي كيري الذنب على الطرفين، ولكن فحصا دقيقا لــ "لائحة الاتهام" تظهر أن وزن المعارضة الاسرائيلية وبالاساس بناء المستوطنات أعلى بكثير من وزن المعارضة الفلسطينية. كيري هو مراقب مرشو. فمستقبل دولة اسرائيل عزيز عليه. وهو يعرض على الاسرائيليين توقعا واقعيا وواعيا. فهو لا يعرض، كما لا بد أن يكون هناك من يدعون ضده، حين يناشد نظراءه في العالم للقيام بشيء ما، أو الصمت. مواطنو اسرائيل ملزمون بأن يروا في دعوة كيري هذه جرس ايقاظ حادا وأليما موجها لهم. نتنياهو، الذي يواصل تسويق بضاعته العليلة، التي تعد بمستقبل رائع، نجح حتى الان في اغلاق حدود اسرائيل في وجه تسلل الافكار، الاقتراحات، والمطالبات باجراء مفاوضات. ويعلق نتنياهو آماله الان على الدول العربية لتنقذه من الحاجة الى خوض مفاوضات مع الفلسطينيين. يحلم رئيس الوزراء بدولة يهودية في "المناطق" أيضا، وفي الوقت ذاته يكذب على مواطني الدولة ويعرضهم للخطر حين لا يوضح ما هو التهديد الذي يقفون أمامه. هذا بالضبط هو الوقت الذي يكون فيه مواطنو اسرائيل مطالبين بان يقرروا مصيرهم: الاستماع الى كيري، او السير وراء نغمات نتنياهو نحو الهاوية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف