- الكاتب/ة : عاموس عوز
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2016-10-02
كثيرون من سخروا من شمعون بيريس. سموه «صاحب الأحلام»، مثلما جرى ليوسف في سفر البدء. ولكن يوسف الذي في سفر البدء لم يكن فقط صاحب أحلام بل كان شخصا أقام دولة كبرى على أقدامها بعد أزمة قاسية. كان لشمعون بيريس ميزة نادرة وعظيمة القيمة: القدرة على التغير. فالناس بشكل عام ممن وصلوا إلى سن ستين فأكثر لا يتغيرون. وعندما عرفت شمعون بيريس بعد حرب «يوم الغفران» كان لا يزال في نظري صقراً جارحاً، مؤيداً للاستيطان، عاشقاً للمستوطنين، «أمنياً»، «كلما كانت هناك أرض أكثر كان أفضل»، «كلما كانت هناك قوة أكبر كان أفضل». أمام ناظري تغير الرجل. اكتشف ما هي حدود القوة، ومع أنه لم يستخف أبدا بالقوة، بدأ يؤمن بالحاجة إلى الحل الوسط، إلى الحوار، إلى السلام الذي ينطوي على تنازلات. سلام إسرائيلي – فلسطيني وسلام إسرائيلي – عربي. تحدث الكثيرون عن تفاؤل بيريس. تفاؤل بلا حدود. في واقع الأمر من خلف هذا التفاؤل اختبأ أمل عنيد في أن تغير الحكمة، الكلمات، والجهود وجه الواقع. أحيانا كان هذا أملا بريئا، ولكنه جيد في نظري أكثر بألف مرة من التهكم المتقن. لم يكن بيريس حزبياً عظيماً، رغم أن الناس درجوا على أن يعزو له الحيل، الدهاء والحبكات، كان في أساسه رجلا على ما يكفي من البراءة وفي أحيان كثيرة وقع في الفخ، ولكنه تعثر لأن عينيه كانتا تتطلعان إلى النجوم. ومع أنه كان حزبياً متوسطاً جداً إلا أنه كان سياسيا عظيما: يرى الواقع ليس فقط في عيون اليوم أو في عيون صباح الغد أو عيون التمهيدية ومؤتمر الحزب، أو الانتخابات التالية بل في عيون العقود التالية وحتى الأجيال التالية. كانت له حماسة بالغة فيما يتعلق بالمستقبل. أكثر من مرة طلبت أن أتحدث معه عن الماضي، عن بن غوريون، عن حرب التحرير، عن الحلف مع فرنسا، عن أمور كان مشاركا فيها، ولكنه جذبني بقوة إلى مواضيع أخرى تماما: نانو تكنولوجيا، الطب الذي يمكنه أن يغير إيجابا طبيعة الإنسان. وبالفعل كان الرجل ذا أحلام كبيرة، بريئا وذكيا في الوقت ذاته، ولكن أحلامه تحققت مرات عديدة أكثر من شكوك كثيرين آخرين. ولعل أن يكون المرء «صاحب أحلام» هي الوصفة للحياة الصعبة، ولكن لا حسد لمن فقد قوة الحلم. لقد كان الرجل مليئا بالفضول، مثيرا للفضول، وقد أحببته.