كتب ناصر عبدالرحمن: لأن الزمن في غزة شي آخر , فهو لا يدفع الناس إلي برودة التأمل, ولكن يدفعهم إلي الانفجار والارتطام بالحقيقة , فالزمن يدفع بأطفالها بان يكونوا رجالا , فالكل يتكالب عليها لإغراقها في البحر أو في الصحراء أو في الدم , فخاصرتها ملئي بالألغام ولحمها يتطاير بين شظايا القذائف , وكأن أهل غزة عبارة عن حجارة شطرنج , فالملك هو الذي يحكم ويقرر وعلي جنود أهل غزة تنفيذ الأوامر بدون ممارسة حقهم في الاعتراض, فإذا فكر احدهم في الاعتراض فالزنازين المعتمة مشرعة في وجوههم ليعشوا اسؤا لحظات حياتهم أو تمارس عليهم الإرهاب الوظيفي فيقطع رواتبهم ليعشوا حالات من التشرد والتوهان, , فهاهي أمواج البحر المتلاطمة تتلاعب فيهم وتحدد مصائرهم بدون إرادتهم , ففي خضم التناقضات الموجودة أصبحت غزة يتيمة وتحول المواطن فيها إلي مجرد رقم هامشي, وسؤالي هل هذه هي تلك المفاهيم التي انطلقت ثورتنا لتحرر الأرض والإنسان ؟ وهل هذا هو المنطلق الذي نريد فيه أن نحرر وطننا من دنس الاحتلال؟
لقد أصبحت قصتنا مع الوطن حكاية عشق تروي في الكتب ويتغني بها التاريخ ولكن قصتنا مع مسئولي الوطن تشوبها علاقة من الشك والريبة والتوهان, فها أنا اكتب مقالي هذا والكهرباء مقطوعة وقلمي يسطر كلماته في هذه العتمة الموحشة وأصبحا نشتاق إلي مياه الشرب والاستحمام , وهاهي معابرنا مغلقة ومرضانا يموتوا علي الطرقات سواء من المعابر أو من الإهمال الصحي وشبابنا يلتحفون السماء ويفترشون الأرض بحثا عن كرامتهم المفقودة وأطفالنا يبيعون كرامتهم من اجل لقمة عيش مغمسة بالدماء.
ما يجري في غزة ياسادة هو عبارة عن جرائم حرب يجب أن يخضع المسئولين إلي الحساب والعقاب , ألا تستحون أيها المسئولين , أليس لديكم كرامة وانتم تنظرون إلي شعبكم في غزة وهو يموت لحظة بلحظة , أليس لديكم ضمير يجعلكم تتنازلون عن أجندتكم الشخصية والحزبية المقيتة وتنتبهوا لشعبكم ولو للحظة , فيبدو انك لاتقراو التاريخ جيدا فتاريخ مناضلي غزة ناصع البياض , فهم من انزلوا ملوكا عن عروشهم , فالحالة لن تبقي هكذا طويلا فالطوفان قادم وحينها سوف تدركون جيدا ماذا فعلتم بأنفسكم , فما عاد هناك وقتا للمغامرة فالموت أهون من عيشة بلا كرامة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف