- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2016-10-13
يؤكد محرر صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ألوف بن أن الإسرائيليين منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 انتقل مركز الصراع مع الفلسطينيين لداخل إسرائيل، وهو صراع على الوعي والرواية، وأن الجدل حول جنازة شمعون بيريز يأتي على هذه الخلفية. ويرى ألوف بن الذي جاءت أقواله ضمن لقائه بمثقفين عرب بمبادرة مركز «إنجاز» في مدينة الناصرة، أن مقاطعة « المشتركة « لجنازة شمعون بيريز تشكل ومضة سياسية خلاقة وحددت حقيقة مهمة على الأرض مفادها أن المواطنين العرب في إسرائيل (17%) قد تطوروا كما وكيفا.
وضمن قراءة ما بين الكلمات وخلف سطور ردود الفعل الإسرائيلية على مقاطعة جنازة بيريز يعتبر ألوف بن أن الإسرائيليين يخشون ازدياد قوة فلسطينيي الداخل وعودتهم لروايتهم التاريخية، مذكّرا بأن كلمة نكبة لم تتداول تقريبا في الإعلام قبل عشرين سنة. ويرى أن قادة كثرا من فلسطينيي الداخل شاركوا في جنازة اسحق رابين بعد اغتياله في 1995 وقاطعوا بعد عشرين سنة جنازة بيريز بعدما «انقلبت الآية وزاد عدد النواب العرب من خمسة إلى ثلاثة عشر نائبا، بل إن التاريخ السياسي لإسرائيل يبدأ بالمواطنين العرب فيها. وهم اليوم أكثر قوة مقارنة مع عقدين للوراء».وتابع «ومنذ عودة اليمين للحكم بقوة في 2009 تكرّس حكومات إسرائيل طاقة كبيرة من أجل تكميم الأفواه مستخدمة «العصا والجزرة» ولكن دون جدوى. ولذا يرى بن أنه منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 انتقل الصراع لداخل إسرائيل وهو صراع على الوعي والرواية وأن الجدل حول جنازة بيريز يأتي على هذه الخلفية. ويتابع «نحن اليوم أمام أقلية فلسطينية قوية في إسرائيل وتستطيع أن تقول روايتها ورؤيتها وتوضح أنها ليست جزءا من الرواية الإسرائيلية المتمثلة بجنازة بيريز التي وضعتكم مقاطعتها بواجهة الأجندة الإعلامية وهذا مهم جدا».ودلل على ذلك بالقول إن المواطنين العرب كتبوا وثائق رؤيوية عام 2006 استثارت وقتها الإسرائيليين لكنكم صممتم عليها ولم تغيروا فاصلة منها وهم يبدون اليوم جاهزية أكبر لسماعكم».
واستذكر استطلاع رأي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» قبل أسبوع يظهر أن 60% من الإسرائيليين غاضبون على «المشتركة» فيما يتفهم 40 % منهم موقفها. ويعتقد الكاتب الإسرائيلي أن تأسيس القائمة المشتركة وتحولها لقوة برلمانية ثالثة في الكنيست لعب دورا في زيادة مخاوف الإسرائيليين بعدما ظنوا أنها سرعان ما ستتفكك نتيجة خلافات داخلية. ويضيف «عندما تكبر وتزداد قوة الأقليات كالفلسطينيين والمتدينين المتزمتين (الحريديم) لا تستطيع إسرائيل فرض أمور عليها ولا تغامر في الدفع نحو شجار كبير معها. ويعتبر أن مقالات الرأي الكثيرة التي ينشرها مثقفون من فلسطينيي الداخل باللغة العبرية تعكس الوعي بأن هنا جمهورا يرغب بالاهتمام به وله تجاربه وروايته. وإزاء مزاعم بأن الأحزاب العربية منشغلة بالقضية الفلسطينية وأنها تشكل أحيانا منديلا أحمر يخيف الإسرائيليين يوضح ألوف بن أن المواطنة لا ينبغي أن تكون مرتبطة بالموقف والسلوك السياسيين حيال الاحتلال . وردا على سؤال يقول ألوف بن إنه ربما لا مجال لمواطنة حقيقية كاملة للمواطنين العرب في إسرائيل طالما لم يسو الصراع. ويذكّر بأن المواطنة والمساواة لم تتحقق حتى عندما أبدوا سلوكا سياسيا مهادنا وتحدثوا بصياغات جميلة قبل عقود ولكن هذا لا يعني أنه لا حاجة للحديث اليوم بحكمة وبعقل». كما يعتقد بن أنه طالما ينشغل المواطنون العرب بالشأن المدني هذا جميل لكنه سينفجر عندما تنشب حرب في أو على غزة . ويضيف «السلام الاقتصادي لن ينجح حتى معكم. حكومة نتنياهو تتحدث عن ميزانيات للمواطنين العرب لكنها تعتبر الأرض والتخطيط والبناء موضوعا حساسا». كما يرى أن الإسرائيليين طالما كانوا عنصريين لكن العنصرية اليوم باتت سافرة ومكشوفة، منوها لوجود إسرائيليين غير عنصريين. ويقر بن بما يتهرب منه مراقبون آخرون بقوله إن الإسرائيليين يغضبون حينما يكاشفهم أحد بمواقف عنصرية ولا أخلاقية لهم بوضعه مرآة أمامهم، وهذا يعكس قدرا من عدم الثقة بالنفس وهذا ما يفسر الاهتمام الإسرائيلي الدائم مثلا بالحفريات الأثرية بحثا عما يعزز ادعاءات تاريخية في البلاد. ويشير الى أن ذلك الرفض الإسرائيلي لمن يقول له «أنتم غير أخلاقيين» تجلى بما حصل مع صحيفة «هآرتس» يوم هاجم غدعون ليفي الطيارين الذين قصفوا أحياء غزة بالحرب الأخيرة. ويتفق ألوف بن مع مراقبين إسرائيليين آخرين يعتقدون أن الوضع الراهن سيستمر دون ضغط خارجي على إسرائيل وأن من يعارض دولة نتنياهو اليهودية لن يقوى على التغيير ولن يعود الوسط – اليسار للحكم دون تعاون وحوار مع المجتمع العربي في إسـرائيل
«القدس العربي»
«القدس العربي»