تحدثت في الامم المتحدة ضد الاحتلال لأنني أحاول أن أكون انسانا. والناس حين يتحملون مسؤولية الاجحاف بحق اشخاص آخرين، فمن واجبهم الاخلاقي أن يعملوا. تحدثت في الامم المتحدة ضد الاحتلال. لأنني اسرائيلي. وليست لي دولة اخرى أو مواطنة اخرى أو مستقبل آخر. فهنا كبرت وهنا سأُدفن. ويهمني مصير هذا المكان، ومصير الناس هنا، ومصير دولتي الذي هو مصيري. ومن اجل كل ذلك فان الاحتلال هو كارثة.
تحدثت في الامم المتحدة ضد الاحتلال، لأنه بعد سنوات طويلة من العمل، أنا واصدقائي في "بتسيلم" توصلنا الى عدد من الاستنتاجات، اليكم واحدا منها: الواقع لن يتغير اذا لم يتدخل المجتمع الدولي. أعتقد أن حكومتنا ايضا تعرف ذلك، لهذا فهي منشغلة الى درجة كبيرة في التخويف من هذا التدخل. تدخل المجتمع الدولي هو أمر مشروع في كل موضوع يتعلق بحقوق الانسان، ولا سيما عند الحديث عن موضوع مثل السيطرة على شعب آخر: الاحتلال ليس مسألة اسرائيلية داخلية، بل هو مسألة دولية واضحة.
اليكم استنتاج آخر: لا توجد فرصة لأن يبادر المجتمع الاسرائيلي، دون مساعدة، الى وضع حد للكابوس. الكثير من اجهزة الاخفاء تحيط بالعنف الذي نمارسه يوميا من اجل السيطرة على الفلسطينيين. الكثير من المبررات تراكمت. والكثير من الخوف والغضب – في الطرفين. وفي نهاية المطاف، أنا على ثقة بأن الاسرائيليين والفلسطينيين سيضعون حدا للاحتلال. لكننا لن ننجح في فعل ذلك من غير مساعدة المجتمع الدولي.
الامم المتحدة هي أشياء كثيرة. الكثير منها فيه اشكالية، وبعضها غبية جدا. وأنا لست معها، لكن الامم المتحدة ايضا هي التي منحتنا دولة في العام 1947، وذلك القرار، وحتى الآن هو الأساس الشرعي الدولي لدولة اسرائيل، الدولة التي أنا مواطن فيها. ومع كل يوم يمر على الاحتلال لا نقوم فقط بتدمير فلسطين – بل ندمر بأيدينا شرعية دولتنا.
أنا لا أفهم بالضبط ما الذي تريد الحكومة الاسرائيلية من الفلسطينيين عمله. نحن نسيطر عليهم منذ نحو خمسين سنة، نحطم اراضيهم ونستخدم القوة العسكرية والبيروقراطية بنجاح كبير، وليست لنا مشكلة مع أنفسنا أو مع العالم. ماذا من المفروض أن يعمل الفلسطينيون بالضبط؟ اذا تجرأوا وتظاهروا يعتبر ذلك ارهابا شعبيا، واذا طالبوا العقوبات يعتبر ذلك ارهابا اقتصاديا، واذا انتهجوا المسار القانوني، يعتبر ذلك ارهابا قضائيا، واذا توجهوا الى الامم المتحدة يعتبر ذلك ارهابا دبلوماسيا. يتبين أن كل شيء يفعله الفلسطينيون، باستثناء الاستيقاظ صباحا والقول "شكرا سيدي الرئيس"، هو ارهاب.
ما الذي تريده الحكومة؟ رسالة خضوع؟ أن يختفي الفلسطينيون؟ إنهم لن يختفوا.
نحن ايضا لن نختفي ولن نصمت. يجب العودة وقول ذلك في كل مكان: الاحتلال ليس نتيجة حسم ديمقراطي. قرارنا هو تعبير عن العنف وليس عن الديمقراطية. ليس هناك لدولة اسرائيل خيار شرعي بالاستمرار على هذا النحو. ولا يوجد خيار للاستمرار في التعاطي مثلما تم التعاطي الى الآن: الكثير من الاقوال وصفر من الافعال.
تحدثت في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة ضد الاحتلال لأنني متفائل. لأنني اسرائيلي. لأنني ولدت في حيفا ولأنني أعيش في القدس، ولم أعد فتى صغيرا، وكل يوم في حياتي مر في ظل سيطرتنا عليهم، لم أعد أحتمل ذلك. محظور تحمل ذلك أكثر، وعما قريب ستكون قد مرت خمسون سنة، والنهاية لا تلوح في الأفق.
تحدثت في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة ضد الاحتلال لأنني أحاول أن أكون انسانا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف