طرح الوفد الفلسطيني إلى الامم المتحدة، الخميس الماضي، مشروع قرار في «اليونسكو» يلغي الصلة بين «جبل البيت» والحائط الغربي وبين اليهود واليهودية.
هذه الجبهة، التي يديرها الفلسطينيون ضد اسرائيل، هي حرب وجودية أخرى على الدولة، شجرة ليس لها جذور لا يمكنها أن تنمو، واسرائيل بلا تاريخ هي إسرائيل بلا مستقبل. وعليه فقد قرر الفلسطينيون ان يزيفوا ويعيدوا كتابة تاريخ الشعب اليهودي.
فهم الفلسطينيون ومنظمات مناهضة لاسرائيل بأنهم عن طريق العنف والحرب لا ينجحون في هزيمة دولة اسرائيل، طرد الشعب اليهودي من بلاده، أو احتلال الارض، ففتحوا جبهة ضد اسرائيل في المؤسسات الدولية، في الشبكات الاجتماعية، وفي وسائل الاعلام العالمي، تتحدى شرعية الشعب اليهودي في وطن قومي في بلاده.
هذه محاولة لتصوير دولة اسرائيل كجسم استعماري قرر ذات صباح السيطرة على قطاع جغرافي تعسفا بين افريقيا وآسيا.
وليس صدفة أن طرح رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الفكرة البائسة لرفع دعوى ضد الحكومة البريطانية على وعد بلفور.
إن جهود الفلسطينيين في هذه الجبهة هي دليل آخر على أنهم لا يريدون العيش الى جانبنا، بل العيش بدلاً منا. الفلسطينيون، وعلى رأسهم ابو مازن، سيجربون كل طريق غير المفاوضات وذلك لان المفاوضات تستوجب الحلول الوسط، وهذا هو ما لا يستعد الفلسطينيون لقبوله.
بالنسبة لهم، لا نهاية للنزاع إلى أن يحققوا ما يسمونه «فلسطين الكاملة»، تلك التي تتضمن يافا، صفد، وحيفا. بدءاً من الرفض العربي بالاعتراف بقرار التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947، عبر الحروب الشاملة، وعشرات جولات من الاعمال العدائية والاف العمليات، حاولت الدول العربية، وآخرها منظمات «الارهاب»، اخضاع اسرائيل بالقوة وبالدم. الحقيقة التي يجب قولها: لم يتضرر أي من الدول العربية التي وقعت مع اسرائيل على اتفاق سلام (مصر والاردن) لأنها سلمت بوجود دولة اسرائيل، بل العكس – السلام ذخر استراتيجي لها بقدر لا يقل عنه لنا.
ولكن القيادة الفلسطينية على أجيالها لم تتنازل عن حلم تصفية اسرائيل؛ بنت السلطة الفلسطينية جهاز «ارهاب» مهندساً وجيش «مخربين انتحاريين» من خلال التحريض والاموال التي حصلت عليها من دول العالم – بعضها بناء على التأييد للكفاح الفلسطيني وبعضها على أمل بأن تنبت التنمية الاقتصادية السلام.
ولما ليس ثمة أمل في عمل ذلك بالقوة يتجه الفلسطينيون لاعادة كتابة التاريخ، جاعلين هذا الصراع صراعا بين الاسلام واليهودية.
والعبث هو ان هذه ليست فقط جبهة يفتحونها حيال اليهود بل هي جبهة يفتحونها أيضا ضد العالم المسيحي والتاريخ المسيحي في القدس.
هذه جبهة خطيرة لانها حرب من نوع جديد على الرواية وعلى التاريخ، حرب بين اليهودية والمسيحية وبين الاسلام. لا أعرف كم الفلسطينيون واعون للخطر في مثل هذا الصراع، حيث من شأنهم ان يخسروا فيه اكثر مما يأملون في أن يكسبوه.
أومن بأن أجزاء واسعة في اوساط الفلسطينيين معنيون في العيش الى جانب اسرائيل. ولن يبعد اليوم الذي يعترف فيه الفلسطينيون بالخطأ التاريخي الطويل لرفض السلام ويطالبون قيادتهم، سواء في غزة أو في الضفة بالكف عن طريق الحرب.
كانت خيبة الأمل الكبرى هي رؤية الدول التي سكتت بينما يعيد العالم العربي كتابة التاريخ والدين اليهودي.
من المخيب للآمال أن دولا مثل فرنسا، ايطاليا، السويد واسبانيا امتنعت عن التصويت.
يذكرني هذا بما كتبه ايلي فيزل: «عكس الحب ليس الكراهية، بل عدم الاكتراث.
عكس الفن ليس البشاعة، بل عدم الاكتراث، عكس الايمان ليس الكفر، بل عدم الاكتراث، وعكس الحياة ليس الموت، بل عدم الاكتراث».
حان الوقت لتوقف الامم المتحدة التدهور الاخلاقي الذي وصلت اليه وان تصوت الدول حسب معاييرها الاخلاقية بدلا من السماح للدول الاخرى التي ليس بينها وبين حقوق الانسان أي شيء، باستخدام المنظمة كأداة تهكمية للدعاية العنصرية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف