- الكاتب/ة : ميخائيل سفارد
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2016-10-26
منذ زمن طويل، عندما كنت طالبا في الاعدادية في القدس، كان لي معلم مدنيات قال للصف شيئا مفاجئا. الدولة هي وسيلة والجوهر دائما هو الناس. والنظم الاجتماعية تهدف الى خدمة الناس، الناس فقط، لذلك لا توجد «مصلحة دولة» بشكل منفصل عن مصلحة من يعيش فيها. كان هذا قبل مليون سنة حيث كان باستطاعة المعلم إسماع افكار كهذه دون أن يتعرض للمعاناة والعذاب. كان ذلك قبل أن يمنح الله الثقافة الغربية الكثير من قيمها الانسانية، ومنع الحرب على هذه القيم، وقبل أن يحصل طلاب الحاخام كوك على احتكار «الوعي اليهودي».
لكن بسبب معلمي في المدنيات ووالدي اللذين وافقا على رأيه، بقيت غير متدين. طفل أسرته القناعة بأن الولاء للدولة ليس ولاء لكيان ميتافيزيقي عضوي، له قيمة ووجود خاصان به، بل لحقوق الانسان الذي يعيش تحت سيطرتها. وأنه لا حق في الوجود للدولة التي لا تطمح ولا تسعى ولا تبذل الجهد من اجل توفير الشروط التي تسمح بالسعادة والتطور الشخصي لجميع من فيها، وتبذل ما في وسعها من اجل منع التسبب بالمعاناة للناس. الولاء السياسي لكيان سياسي هو الولاء للقيم التي من اجلها نشأ، وليس لوجودها بحد ذاته.
الجدل حول شرعية ظهور رئيس «بتسيلم»، حجاي العاد، في مجلس الامن التابع للامم المتحدة ومطالبته اعضاءه باتخاذ خطوات تؤدي الى انهاء الاحتلال، وُلد أولا وقبل كل شيء، بسبب الهستيريا السياسية لحكومة اسرائيل التي تشعر بلهب المجتمع الدولي حول سياسة الاستيطان، حيث أن هذا اللهب بدأ يقترب من مؤخرتها. ولكن اذا أنصفنا بعض منتقدي العاد، وافترضنا أنه في جوهر انتقادهم يوجد موقف يعتبر النشاط المدني في أطر دولية من اجل تغيير سياسات حكومية، هو اخلال بولاء المواطنين، فان هذا الموقف يتأسس على عدم الفهم المطلق لفكرة العقد الاجتماعي.
في أيام من هذه السنة، ظهرت أنا ايضا في مجلس الامن باسم منظمة حقوق الانسان «يوجد حكم»، بصفتي المستشار القانوني لهذه المنظمة. وقد طلبت من اعضاء مجلس الامن اتخاذ خطوات تجبر دولة اسرائيل على وقف سياسة الاحتلال، ولا سيما سياسة الاستيطان.
دولة اسرائيل تقمع منذ خمسين سنة ملايين الاشخاص بالقوة. مئات آلاف الاشخاص ولدوا وعاشوا حياة كاملة دون الحصول على الحقوق التي تُمكنهم من التأثير في مصيرهم ومستقبلهم، ومئات الآلاف أنهوا حياتهم دون أن يتذوقوا خلالها طعم الحرية السياسية.
كما قال العاد في خطابه في الامم المتحدة، فان الفلسطينيين في كل نفَس يتنفسون الاحتلال. واذا سمح لي أن أضيف – في كل نفس فان نسبة الاكسجين تقل، تُسلب من قبل المستوطنات والمستوطنين، والخنق الفلسطيني يزداد.
ولكن لا تكفي حقيقة وجود اخلال لحقوق الانسان بهذا القدر الكبير لاتهام الدولة. احيانا تكون هذه الاخلالات هي حاجة واقعية. في الحرب الدفاعية الاكثر عدالة، يمكن أن يعاني الأبرياء. والسؤال الرئيس هو هل سياسة الاعتداء هي أمر لا بد منه أم اختيارية.
يصعب التفكير بمثال أكثر ادانة من سياسة حكومات اسرائيل وعلى رأسها الحكومة الحالية تجاه الاحتلال والمستوطنات.
خمسون سنة من الكولونيالية، حيث يتم سلب الممتلكات الخاصة والجماعية ممن هم تحت الاحتلال، مع غطاء قانوني، وفصل وتمييز بين الناس بناء على اصلهم القومي، ورفض السلام بشكل ممنهج ومدو، وتثبيت الاحتلال لاجيال – كل ذلك اعتمادا على القوة والاخلال بالقانون الدولي.
ما الذي يفترض أن تقوم به نشيطة في حقوق الانسان بعد أن تعرف كل ذلك عن الاحتلال؟ جواب اليمين يرسلها الى الشعب: لاقناع الجمهور في اسرائيل بضرورة انهائه، وطالما أنها لم تنجح في ذلك، فلتجلس بهوء وتقبل بحسم الاغلبية. إلا أن هذا الجواب يعتبر الديمقراطية مسألة تقنية ويتجاهل واجب الاغلبية في تثبيت القيم التي قامت الدولة من اجلها. الدولة التي تعتدي وتسرق وتفرض نظام الفصل العنصري على اقلية قومية، لا يمكنها ادعاء الشرعية التي تنبع من حسم الاغلبية. وايضا لا يمكنها أن تتوقع أن يقبل بذلك نشطاء حقوق الانسان. اضافة الى ذلك، توجيه النشيطة الى الجمهور الاسرائيلي يتجاهل حقيقة أن الاحتلال ليس مسألة داخلية اسرائيلية، وحتى لو كان هكذا، فان حقوق الانسان دائما تخص المجتمع الدولي.
نشطاء حقوق الانسان في جميع أرجاء العالم وفي اسرائيل يجب أن يكونوا ملتزمين بالدفاع عن حقوق الانسان. وبهذا يعبرون عن ولائهم المدني. في كل مكان تعمل فيه الدولة، وبقصد، الحاق الضرر الخطير بالناس الذين تسيطر عليهم، فان التوجه للعالم حسب القنوات القانونية الدولية، ليس شرعيا فقط، بل هو واجب مدني.
لا تتوقعوا من نشطاء حقوق الانسان الاسرائيليين أن يحتفلوا معكم بمرور يوبيل على الاحتلال، والوقوف دقيقة صمت وطأطأة الرأس. الاحتلال غير مشروع، وسياسة حكومة اسرائيل ليست قانونية ولا أخلاقية، تحركها الايديولوجيا التي تتجاهل المعاناة الكبيرة التي تسببها لملايين الناس الذين يعانون تحت سيطرتها طوال حياتهم.
ليس من حق الغالبية فرض عقوبة القمع هذه ضد الاقلية، لا سيما أن هذه الاقلية ليست شريكة في اتخاذ القرارات حول مستقبلها. ليس من حق النشيط في حقوق الانسان التنازل عن أي أداة من أدوات التغيير طالما أنها ليست عنيفة – وطنية أو دولية – من اجل مقارعة هذا الاحتلال القبيح والطويل الى أن يتحطم الى شظايا.
لكن بسبب معلمي في المدنيات ووالدي اللذين وافقا على رأيه، بقيت غير متدين. طفل أسرته القناعة بأن الولاء للدولة ليس ولاء لكيان ميتافيزيقي عضوي، له قيمة ووجود خاصان به، بل لحقوق الانسان الذي يعيش تحت سيطرتها. وأنه لا حق في الوجود للدولة التي لا تطمح ولا تسعى ولا تبذل الجهد من اجل توفير الشروط التي تسمح بالسعادة والتطور الشخصي لجميع من فيها، وتبذل ما في وسعها من اجل منع التسبب بالمعاناة للناس. الولاء السياسي لكيان سياسي هو الولاء للقيم التي من اجلها نشأ، وليس لوجودها بحد ذاته.
الجدل حول شرعية ظهور رئيس «بتسيلم»، حجاي العاد، في مجلس الامن التابع للامم المتحدة ومطالبته اعضاءه باتخاذ خطوات تؤدي الى انهاء الاحتلال، وُلد أولا وقبل كل شيء، بسبب الهستيريا السياسية لحكومة اسرائيل التي تشعر بلهب المجتمع الدولي حول سياسة الاستيطان، حيث أن هذا اللهب بدأ يقترب من مؤخرتها. ولكن اذا أنصفنا بعض منتقدي العاد، وافترضنا أنه في جوهر انتقادهم يوجد موقف يعتبر النشاط المدني في أطر دولية من اجل تغيير سياسات حكومية، هو اخلال بولاء المواطنين، فان هذا الموقف يتأسس على عدم الفهم المطلق لفكرة العقد الاجتماعي.
في أيام من هذه السنة، ظهرت أنا ايضا في مجلس الامن باسم منظمة حقوق الانسان «يوجد حكم»، بصفتي المستشار القانوني لهذه المنظمة. وقد طلبت من اعضاء مجلس الامن اتخاذ خطوات تجبر دولة اسرائيل على وقف سياسة الاحتلال، ولا سيما سياسة الاستيطان.
دولة اسرائيل تقمع منذ خمسين سنة ملايين الاشخاص بالقوة. مئات آلاف الاشخاص ولدوا وعاشوا حياة كاملة دون الحصول على الحقوق التي تُمكنهم من التأثير في مصيرهم ومستقبلهم، ومئات الآلاف أنهوا حياتهم دون أن يتذوقوا خلالها طعم الحرية السياسية.
كما قال العاد في خطابه في الامم المتحدة، فان الفلسطينيين في كل نفَس يتنفسون الاحتلال. واذا سمح لي أن أضيف – في كل نفس فان نسبة الاكسجين تقل، تُسلب من قبل المستوطنات والمستوطنين، والخنق الفلسطيني يزداد.
ولكن لا تكفي حقيقة وجود اخلال لحقوق الانسان بهذا القدر الكبير لاتهام الدولة. احيانا تكون هذه الاخلالات هي حاجة واقعية. في الحرب الدفاعية الاكثر عدالة، يمكن أن يعاني الأبرياء. والسؤال الرئيس هو هل سياسة الاعتداء هي أمر لا بد منه أم اختيارية.
يصعب التفكير بمثال أكثر ادانة من سياسة حكومات اسرائيل وعلى رأسها الحكومة الحالية تجاه الاحتلال والمستوطنات.
خمسون سنة من الكولونيالية، حيث يتم سلب الممتلكات الخاصة والجماعية ممن هم تحت الاحتلال، مع غطاء قانوني، وفصل وتمييز بين الناس بناء على اصلهم القومي، ورفض السلام بشكل ممنهج ومدو، وتثبيت الاحتلال لاجيال – كل ذلك اعتمادا على القوة والاخلال بالقانون الدولي.
ما الذي يفترض أن تقوم به نشيطة في حقوق الانسان بعد أن تعرف كل ذلك عن الاحتلال؟ جواب اليمين يرسلها الى الشعب: لاقناع الجمهور في اسرائيل بضرورة انهائه، وطالما أنها لم تنجح في ذلك، فلتجلس بهوء وتقبل بحسم الاغلبية. إلا أن هذا الجواب يعتبر الديمقراطية مسألة تقنية ويتجاهل واجب الاغلبية في تثبيت القيم التي قامت الدولة من اجلها. الدولة التي تعتدي وتسرق وتفرض نظام الفصل العنصري على اقلية قومية، لا يمكنها ادعاء الشرعية التي تنبع من حسم الاغلبية. وايضا لا يمكنها أن تتوقع أن يقبل بذلك نشطاء حقوق الانسان. اضافة الى ذلك، توجيه النشيطة الى الجمهور الاسرائيلي يتجاهل حقيقة أن الاحتلال ليس مسألة داخلية اسرائيلية، وحتى لو كان هكذا، فان حقوق الانسان دائما تخص المجتمع الدولي.
نشطاء حقوق الانسان في جميع أرجاء العالم وفي اسرائيل يجب أن يكونوا ملتزمين بالدفاع عن حقوق الانسان. وبهذا يعبرون عن ولائهم المدني. في كل مكان تعمل فيه الدولة، وبقصد، الحاق الضرر الخطير بالناس الذين تسيطر عليهم، فان التوجه للعالم حسب القنوات القانونية الدولية، ليس شرعيا فقط، بل هو واجب مدني.
لا تتوقعوا من نشطاء حقوق الانسان الاسرائيليين أن يحتفلوا معكم بمرور يوبيل على الاحتلال، والوقوف دقيقة صمت وطأطأة الرأس. الاحتلال غير مشروع، وسياسة حكومة اسرائيل ليست قانونية ولا أخلاقية، تحركها الايديولوجيا التي تتجاهل المعاناة الكبيرة التي تسببها لملايين الناس الذين يعانون تحت سيطرتها طوال حياتهم.
ليس من حق الغالبية فرض عقوبة القمع هذه ضد الاقلية، لا سيما أن هذه الاقلية ليست شريكة في اتخاذ القرارات حول مستقبلها. ليس من حق النشيط في حقوق الانسان التنازل عن أي أداة من أدوات التغيير طالما أنها ليست عنيفة – وطنية أو دولية – من اجل مقارعة هذا الاحتلال القبيح والطويل الى أن يتحطم الى شظايا.