- تصنيف المقال : تقارير
- تاريخ المقال : 2013-07-16
تقرير خاص
اليمين الاسرائيلي وحل الدولة الواحدة
وقائع جديدة- قديمة بشأن رؤية
اليمين الإسرائيلي لـ "التسوية السياسية"
"الدولة الواحدة" أفضل من
"التقسيم إلى دولتين"!
إعداد وحدة :
التاريخ: 19-05-2013
خلفية تاريخية
يرى فريق من الإسرائيليين أنه لم تعد هناك إمكانية لتطبيق حل الدولتين، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. ولذلك فإنه يدعو إلى تطبيق حل الدولة الواحدة بين النهر والبحر، أو ما يعرف أيضا باسم "الدولة ثنائية القومية"، العربية واليهودية. وتنتمي الغالبية العظمى في هذا الفريق إلى معسكر "أرض إسرائيل الكاملة"، وهناك أقلية صغيرة فيه تنتمي إلى معسكر "اليسار الراديكالي"، وهو معسكر صغير في إسرائيل، وليس ممثلا في الكنيست.
وتطلع معسكر "أرض إسرائيل الكاملة"، وهو معسكر اليمين، دائمًا، إلى إقامة دولة إسرائيل في كل "أرض إسرائيل"، التي تشمل، بمفهومه، فلسطين التاريخية وشرق الأردن، وشعاره "للأردن [النهر] ضفتان، هذه لنا وتلك أيضا". والأب الروحي لهذا المعسكر هو زئيف جابوتينسكي، زعيم ومؤسس "الحركة الإصلاحية الصهيونية". ووفقا لهذا المعسكر فإن اليهود والعرب يجب أن يعيشوا في هذه "الدولة الواحدة" وتحت سيادة يهودية. ورغم الكلام المعسول الذي حاول قادة هذه الحركة نثره، بأن "العرب واليهود سيتمتعون في الدولة الواحدة بالمواطنة والحقوق المتساوية"، إلا أن خططا نشروها في الماضي عبرت عن السعي إلى حكم اليهود للعرب بالحديد والنار.
ولعل أبرز هذه الخطط هي تلك التي عبر عنها جابوتينسكي نفسه من خلال مقال شهير بعنوان "الجدار الحديدي - نحن والعرب"، نشره في العام 1923. ويقرّ جابوتينسكي في هذا المقال بأن العرب هم "أمة حية"، لكن لا يوجد أي احتمال بأن يوافقوا على تطبيق آمال الصهيونية في فلسطين. واعتبر أنه من أجل تبديد أية آمال لدى العرب بالتخلص من الصهاينة فإنه ينبغي إنشاء ما وصفه بـ "الجدار الحديدي"، الذي هو عبارة عن كتائب عسكرية يهودية تحت قيادة بريطانية وفي إطار القوة الاستعمارية البريطانية في الشرق الأوسط، وتشكل جبهة حصينة من حيث قوتها العسكرية وإصرارها بلا مساومة على تطبيق الأهداف الصهيونية. ويشار هنا إلى أن أبرز أتباع جابوتينسكي، بعد قيام إسرائيل، هم أعضاء حزب حيروت، الذي أسسه مناحيم بيغن، وأصبح لاحقا يعرف باسم حزب الليكود، الذي يتزعمه الآن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو.
وفي مقابل هذا المعسكر اليميني، تأسست حركة يهودية في فلسطين، في العام 1925، باسم "بريت شالوم" (تحالف السلام). وقد أسست هذه الحركة مجموعة من المثقفين اليهود، الذين دعوا إلى إقامة حكم ذاتي ثنائي القومية، يكون في البداية تحت نظام الانتداب البريطاني، ويتمتع فيه العرب واليهود بمساواة كاملة في الحقوق السياسية والمدنية، وتتم بعد ذلك إقامة دولة ثنائية القومية.
ورأى مؤسسو هذه الحركة، وجميعهم جاء من الحركة الصهيونية، أنه كان ينبغي تطبيق التطلعات الصهيونية من خلال نهضة ثقافية يهودية جديدة يمكن أن تتطور في "أرض إسرائيل" فقط. وسعت حركة "بريت شالوم" إلى التوصل إلى اتفاق استيطاني مع العرب الفلسطينيين، وأن اليهود "كأمة" قدموا من أجل الاستيطان في البلاد التي كان العرب يشكلون الغالبية العظمى من سكانها قبل ذلك. واعتقدوا أنه كلما مرّ الوقت فإن معارضة العرب الفلسطينيين للصهيونية ستتزايد، ولذلك يجب التوصل إلى اتفاقيات وتفاهمات معهم.
ونظر أعضاء "بريت شالوم" إلى أنفسهم على أنهم الصهاينة الحقيقيون، بدعوى أن مؤلفات مؤسس الصهيونية وواضع فكرة "دولة اليهود"، ثيودور هرتسل، تحدثت عن التعايش بين اليهود والعرب في فلسطين. وألمحوا إلى أن استخدام الحركة الصهيونية وقادتها، مثل دافيد بن غوريون، لأفكار هرتسل كان مضللا، وأنهم تجاهلوا رؤية هرتسل فيما يتعلق بالتعامل مع أبناء البلاد الأصليين وقوميتهم.
إلا أن أغلبية أعضاء المؤتمر الصهيوني رفضت أفكار "بريت شالوم"، التي تحولت إلى حركة هامشية داخل الحركة الصهيونية. وفي العام 1933 تم حلها على ضوء المعارضة الشديدة والواسعة لأفكارها داخل الييشوف وفي أعقاب انشقاق عدد من المؤسسين عنها ونشوء خلافات بين الذين بقوا فيها. وكان جابوتينسكي قد وصف أعضاء "بريت شالوم" بأنهم "شخصيات هزلية" وأعلن أن هذه ليست حركة صهيونية.
العودة إلى حل الدولة ثنائية القومية
لم يتخلّ اليمين، وخاصة ما يُعرف بـ "اليمين العقائدي"، أي أتباع جابوتينسكي، عن فكرة "أرض إسرائيل الكاملة". ويمكن رؤية ذلك في مقالات عديدة، وحتى في أعمال منحوتة. فقبل نحو عشرين عاما، وضعت بلدية عكا في المتنزه البحري في المدينة، تمثالا ضخما تضمن خريطة لـ "أرض إسرائيل"، تشمل فلسطين التاريخية وشرق الأردن.
ورغم توقيع حكومة إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقيات أوسلو، في العام 1993، والاعتراف المتبادل بين الجانبين، واستطلاعات الرأي التي تظهر أن أغلبية الإسرائيليين تؤيد حل الدولتين، إلا أن "اليمين العقائدي" في إسرائيل عاد، في السنوات الأخيرة، إلى طرح حل الدولة الواحدة ثنائية القومية، في منطقة فلسطين التاريخية، علما أن بعض هؤلاء يسلخون قطاع غزة عن هذه "الدولة". ويتحدث هؤلاء عن فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، مثلما تم فرضه على القدس الشرقية وهضبة الجولان، وهي خطوة تتنافى مع القانون والمواثيق الدولية، ومنح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين، بشروط وتدريجيا.
وتجدر الإشارة إلى أنه فيما يتحدث "اليمين العقائدي" عن إقامة الدولة ثنائية القومية، فإن اليسار في إسرائيل، والمقصود ليس اليسار الصهيوني وإنما ما يوصف بـ "اليسار الراديكالي"، يتهم إسرائيل بأنها أقامت فعلا الدولة ثنائية القومية، وأن هذه هي دولة أبارتهايد، كونها تمارس سياسة تفرقة عنصرية بحق الفلسطينيين.
وفي هذا السياق جاء مقال وزير الدفاع ووزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق، موشيه آرنس، الذي يُعتبر الراعي الحقيقي لنتنياهو، المنشور في صحيفة "هآرتس" يوم الثلاثاء الماضي، واعتبر فيه أن "التخوف من إقامة الدولة ثنائية القومية في أرض إسرائيل هو، على ما يبدو، الدافع، في معسكري اليمين واليسار، لتقديم مقترحات عديدة من أجل التخلي عن تلال يهودا والسامرة [أي الضفة الغربية]، أرض إسرائيل التوراتية، لصالح قوى ليست معروفة بالشكل الكافي ومستقبلها غير معروف أبدا".
وأضاف آرنس أن "الذين يؤيدون إقامة دولة فلسطينية في يهودا والسامرة إنما هم ببساطة يعارضون إضافة المزيد من العرب إلى سكان إسرائيل". وتابع أن "جميع الصهاينة، منذ فترة ثيودور هرتسل، يعلمون أنه سيكون في الدولة اليهودية عدد كبير من المواطنين العرب. والشرط لإقامة دولة يهودية، وفقا لزئيف جابوتينسكي، هو وجود أغلبية يهودية". ولفت إلى أن جابوتينسكي لم يوضح ماذا تعني هذه "الأغلبية اليهودية" وما هي نسبتها.
وتساءل آرنس "هل علينا أن نغادر إلى الأبد أجزاء كبيرة من يهودا والسامرة واقتلاع عشرات ألوف الإسرائيليين من بيوتهم؟ أو ربما نخطط لشمل مناطق يهودا والسامرة ضمن دولة إسرائيل والموافقة على قبول العرب الذين يعيشون فيها كمواطني الدولة؟ وكم من الوقت تبقى لنا كي نجمع معطيات من أجل تقليص عوامل انعدام اليقين، التي تشوش رؤيتنا للمستقبل، إلى حين نضطر إلى اتخاذ قرار مصيري بهذا الحجم؟ هل يعمل الزمن لصالحنا أم ضدنا؟".
ورأى أنه في هذه الأثناء يتعين على إسرائيل العمل على دمج الأقلية العربية فيها في المجتمع الإسرائيلي، وفي موازاة ذلك عليها تشجيع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل. وأشار إلى أن "مدى الاندماج مرتبط مباشرة بالسؤال ما إذا كان بإمكان أقلية كبيرة أن تعيش بسلام في إسرائيل. فالأقلية التي تعيش في حالة اغتراب عن الدولة تشكل مشكلة. والأقلية التي تندمج فيها جيدا وترى فيها بيتا يمكن أن تكون كنزا".
ولاحظ آرنس أنه "توجد في السنوات الأخيرة مؤشرات تدل على اندماج تدريجي للكثيرين من العرب في المجتمع الإسرائيلي. ويحدث هذا بصورة عفوية، من دون مساعدة كبيرة من جانب الحكومة. وكان بالإمكان التقدم بشكل أفضل في هذا الصدد لو أن الدولة تبنت هذه المهمة كأفضلية عليا. ومع مرور الوقت سوف يتضح أن المشكلة الديمغرافية مختلفة عما يتم طرحه اليوم".
ومن أجل حل "المشكلة الديمغرافية" في الدولة ثنائية القومية، يقترح آرنس إيجاد محفزات اقتصادية لجذب اليهود إلى الهجرة إلى إسرائيل، بحيث يهاجر إليها نصف مليون يهودي خلال عقد، بدلا من 20 ألفا سنويا كما هي الحال في الوقت الحالي.
ويروّج آرنس منذ عدة سنوات لفكرة الدولة ثنائية القومية. وقال قبل ثلاث سنوات في مقابلة صحافية إن "التوقعات من المفاوضات مع [الرئيس الفلسطيني] محمود عباس ليست واعدة... واحتمال أن ينتج شيء عنها ليس كبيرا. وهناك إمكانية أخرى وهي الأردن. ولو كان الأردن مستعدا لأن يستوعب أراضي وسكانًا إضافيين، لكان هذا الأمر أسهل وطبيعيا أكثر. لكن الأردن لا يوافق. ولذلك فإنني أقول إن بالإمكان النظر إلى خيار آخر، وهو أن تفرض إسرائيل القانون على يهودا والسامرة، وتجنيس نحو مليون ونصف المليون فلسطيني". وسنتطرق في السطور المقبلة إلى الإحصائيات حول عدد الفلسطينيين.
وبدا آرنس أنه غير متأثر من اتهامه بالترويج لفكرة الدولة ثنائية القومية. وقال "لقد أصبحنا دولة ثنائية القومية، ودولة متعددة الثقافات والقطاعات أيضا، ويوجد هنا عشرون بالمئة أقليات، وهذه حقيقة، ولا يمكن الدخول في سجال مع الحقائق".
"العالم سئم منا"
يعتبر أوري إليتسور أحد الأشخاص البارزين في معسكر اليمين - الاستيطاني وهو الرئيس الأسبق لمجلس المستوطنات.
وكان إليتسور قد قدم محاضرة خلال ندوة عقدتها "مبادرة جنيف"، في العام 2009، وقال فيها إن "الحل الأسوأ هو، على ما يبدو، الحل الصحيح: دولة ثنائية القومية، على أساس ضم كامل [للضفة الغربية]، وجعل السكان [الفلسطينيين] مواطنين كاملين".
وفيما عبر نشطاء "مبادرة جنيف" عن دهشتهم من هذه الأقوال، تبين أنها ليست مفاجئة بالنسبة لنشطاء حركة "غوش إيمونيم" الاستيطانية.
وقال إليتسور في مقابلة أجرتها معه صحيفة "هآرتس"، في حينه، إن "الوضع القائم هو طريق مسدود. ولا يمكنه أن يستمر إلى الأبد. والمشاكل التي تواجهها إسرائيل، في السنوات الخمس الأخيرة، سببها أن العالم سئم منا. وهو يقول لنا ’أنتم قلتم لنا أن هذا [الاحتلال] هو حالة مؤقتة، وها هي أربعون عاما قد مرّت على الحالة المؤقتة. ونحن مستعدون لأن نوافق على عشر سنوات أخرى، لكننا نريد أن نعرف كيف ستتطور الأمور’. وقد بدأ الإسرائيليون يدركون ذلك أيضا. وأريد أن نبحث عن حلول في الجانب الآخر من كفة الميزان، تلك الواقعة بين الوضع القائم وبين ضم وتجنيس جميع الفلسطينيين".
ورأى إليتسور أن "ثمة من يقترح أن يحيا السكان الفلسطينيون تحت حكم إسرائيل، ولكن أن يصوتوا للبرلمان الأردني. وهناك اقتراحات حول حكم ذاتي، وكانتونات، وإدارة ذاتية خالية من الصلاحيات. لكن ليس صدفة أو مجرد إهمال، أن أيا من هذه المقترحات لم تتحول لتصبح سياسة رسمية لحزب الليكود أو معسكر اليمين. وفي نهاية الأمر تعود جميعها إلى الطريق المسدود، وهو أن مجموعة سكانية بأكملها تعيش تحت حكم إسرائيل وليس لديها حقوق مواطن في إسرائيل. هذا غير مقبول كوضع دائم. وإنما هو أمر ممكن لفترة مؤقتة وسينتهي تحت ضغط متزايد، داخلي وخارجي".
وأشار إليتسور إلى الفرق بين رؤية اليمين ورؤية "اليسار الراديكالي" إزاء الدولة ثنائية القومية. وقال "أنا أتحدث عن دولة الشعب اليهودي توجد فيها أقلية عربية كبيرة، وهم يتحدثون عن دولة عربية توجد فيها أقلية يهودية. والمتظاهرون اليساريون في بلعين ملتزمون بشكل كامل بالمصلحة الفلسطينية".
وأضاف إليتسور أن ثمة نقاط التقاء بينه وبين اليسار غير الصهيوني: "أنا أؤيد رفض أمر عسكري يقضي بتفكيك مستوطنات، وهم يؤيدون رفض أمر عسكري بتأدية الخدمة في المناطق [المحتلة]، وكلانا ضد الجدار... لكنني لن أقيم حلفا مع الفوضويين رغم أنني ضد الجدار. ويوجد لدينا أساس مشترك، لكن يوجد وراءه نقاش عميق جدا. وبرأيي، فإن دولة إسرائيل أقيمت من أجل الحفاظ على حقوق الأقلية اليهودية الصغيرة في الشرق الأوسط، ونحن ستة ملايين مقابل 300 مليون، وهذا هو دورها المركزي. وبعد أن تؤدي دورها المركزي، فإنها دولة ديمقراطية أيضا. ولذلك يتعين عليها منح حقوق إنسان لكل واحد، يهودي أو غير يهودي".
ولاء الفلسطينيين مقابل الجنسية الإسرائيلية
وفي ذلك الوقت اعتبر عضو الكنيست السابق، حنان بورات، الذي توفي مؤخرا وكان زعيم المستوطنين، أنه في حال إقامة الدولة ثنائية القومية، فإنه "يجب أن يكون أمام أي عربي في البلاد ثلاث إمكانيات: الأولى، من يريد دولة عربية ومستعد لتطبيق ذلك بالإرهاب والنضال ضد الدولة، لا مكان له في أرض إسرائيل. الثانية، من يوافق على مكانته وعلى السيادة اليهودية، لكنه لا يريد المساهمة في حياة الدولة وتنفيذ واجباته، بإمكانه أن يكون مقيما، وسيحظى بحقوق إنسان كاملة، لكنه لن يحظى بتمثيل سياسي في مؤسسات الدولة. كما أن واجباته، مثل الخدمة العسكرية أو الوطنية، لن تكون كاملة. الثالثة، الفرد الذي يقول إنه مخلص للدولة وقوانينها، ومستعد لأن ينفذ واجباته وقسم الولاء لها، بإمكانه أن يحصل على مواطنة كاملة".
ووفقا لبورات فإن "هذا مبدأ أخلاقي بنظري، وهو أن لا نفرض المواطنة ولا نمنح الجنسية بشكل عشوائي. فقد حاولوا القيام بذلك في شرقي القدس، والحقيقة هي أن هذه المحاولة قد فشلت".
كذلك رفض مبدأ "دولة جميع مواطنيها" وأكد أنه "قبل ثلاثين عاما عارضنا في غوش إيمونيم حلولا انطلاقا من الخوف، سواء كان ذلك بالانسحاب أو بالترانسفير، وقلنا إنه بالعودة إلى صهيون يوجد مكان للسكان العرب الذين يرغبون في العيش معنا، شريطة ألا نكون ساذجين في تعاملنا معهم".
من جانبها، قالت عضو الكنيست من حزب الليكود، تسيبي حوتيفيلي، التي بادرت إلى عقد مؤتمر في الكنيست تحت عنوان "البديل لحل الدولتين"، قبل ثلاث سنوات، إن "اليسار يعتقد أنه عندما يختبئ وراء الحدود الدولية فإن كل شيء سيصبح مسموحا. لكن بات واضحا الآن أنه ليس كل شيء مسموح، ومبدأ التناسبية يكبل أيدي إسرائيل في غزة، فماذا سيحدث في يهودا والسامرة؟ الوضع سيكون أعمق من ذلك. ويوجد هنا فشل أخلاقي. فاليسار [الصهيوني] توقف منذ فترة طويلة عن التحدث عن السلام، وبدأ يتحدث بمفاهيم الانفصال والفصل، وهو مقتنع بأن النزاع سيستمر بعد ذلك. وما هي النتيجة؟ حل يخلد الصراع، ويحولنا من محتلين إلى جزارين. واليسار حصرا جعلنا شعبا أكثر قسوة، وشكل خطرا على أمننا".
وأضافت حوتيفيلي أن حل الدولة ثنائية القومية ينبغي أن يشمل الضفة الغربية فقط، ولا يشمل قطاع غزة. وقالت "إننا نتحدث الآن عن منح المواطنة في يهودا والسامرة، وليس في غزة. ففي غزة يوجد نظام معاد ويرفض إسرائيل. وهي خارج الخطاب السياسي، وحتى في خطاب حل الدولتين. ويسكن في يهودا والسامرة مليون ونصف المليون فلسطيني. والاعتقاد هو أنه سيتم الحفاظ على هذا الأمر في الجيل المقبل، والنسبة ستكون 70 إلى 30 بالمئة بين اليهود والعرب".
وتابعت أنه "ينبغي أن يكون واضحا أنني لا أعترف بحقوق قومية للفلسطينيين في أرض إسرائيل. بل أعترف بحقوق إنسان وحقوق الفرد لهم، وبحقوق سياسية فردية، لكن بين النهر والبحر يوجد مكان لدولة واحدة وهي دولة يهودية". واعتبرت أن "ثمن مواجهة الأقلية العربية هو أقل من ثمن مخاطر صواريخ القسام ونزع الشرعية والممارسات غير الأخلاقية التي سننفذها عندما نتواجه معهم، ومن ثمن التنازل عن أقاليم من الوطن وبضمنها القدس".
وقالت إنه في حال تعين عليها الاختيار بين "مخاطر" حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة "سأختار مخاطر الثنائية القومية وبشكل واضح ولا لبس فيه. فمن خلال هذا الحل ستبقى لدينا قدرة على السيطرة، ولكن عندما تتخلى عن المكان لصالح كيان فلسطيني، فكيف ستتمكن من السيطرة على ما يحدث هناك؟".
ريفلين: "أن يكون الفلسطينيون مواطني الدولة أفضل من تقسيم البلاد"
كذلك يعبر رئيس الكنيست السابق، عضو الكنيست عن الليكود رؤوفين ريفلين، باستمرار، عن رفضه المطلق لحل الدولتين. وهو يقول "إنني أفضل أن يكون الفلسطينيون مواطنين في هذه الدولة على تقسيم البلاد".
لكن ريفلين يرفض في الوقت نفسه فكرة "دولة جميع مواطنيها" وحل "الدولة ثنائية القومية" ويتحدث عن ترتيبات سيادية مشتركة لإسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية "في ظل الدولة اليهودية" وعن وجود برلمانين، يهودي وعربي.
وقال "إذا قالوا لي إن التهديد الديمغرافي يلزمني بإجراء فصل، فإن إجابتي هي أن الخطر سيكون أقل من وجود دولة واحدة تكون فيها مساواة في الحقوق لجميع المواطنين. والمنطق يلزمنا بتفضيل الخطر الكامن في التهديد الديمغرافي على التهديد الوجودي الكامن في الانفصال" عن الفلسطينيين.
وأضاف ريفلين أنه "إذا تعين عليّ الاختيار بين دولة واحدة وبين تقسيم أرض إسرائيل، فإنني أقول إن الخطر الأكبر هو التقسيم. وأسهل على دولة إسرائيل، والستة ملايين يهودي فيها، وبما لا يقاس، تطبيق حلم الدولة اليهودية والديمقراطية مما كان الوضع عليه في العام 1948. وأولئك الذين يقولون إنه لزام علينا أن ننفصل، لأنه من دون ذلك لن يكون نظام ديمقراطي هنا أو نفقد الطابع اليهودي، كانوا سيقولون، للأسباب نفسها، إنه لا ينبغي إقامة دولة يهودية في العام 1948".
إحصائيات في خدمة الاحتلال
تشير آخر الإحصائيات إلى أنه يعيش بين النهر والبحر قرابة ستة ملايين يهودي ونحو 5.6 مليون عربي. لكن خبراء في الديمغرافيا في إسرائيل ومنهم البروفسور أرنون سوفير والبروفسور سيرجيو ديلا فيرغولا يعتبران أن الأرقام الحقيقية أقل من ذلك بقليل، وأن عدد الفلسطينيين في الضفة ليس أكثر من مليوني نسمة.
ويدعي ما يسمى "الطاقم الأميركي - الإسرائيلي للأبحاث الديمغرافية"، برئاسة يورام أتينغر، بأن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية هو 1.5 مليون نسمة، وأن الفلسطينيين ضخموا الأرقام لأسباب سياسية. وتوقع هذا الطاقم أنه بحلول العام 2025 ستكون نسبة اليهود بين النهر والبحر 63% ونسبة العرب 37%.