في هوامش التاريخ المفبرك حول قرار «اليونسكو» بشأن القدس، عادت لتطل علينا المزايا المنكرة التي تبعث فيها حكومة بيبي حياة متجددة: الازدواجية وزوجها الثابت – الوقاحة.
قرار «اليونسكو»، بالمناسبة، لا يتعلق حتى ولا بأي حال بمسألة صلة الكوتل الغربي و»جبل البيت» أو عدم صلتهما باليهود. ولا حتى بكلمة واحدة. كله احبولة، كله خدعة. وهذا البكاء الاسرائيلي مثله كالبكاء الاسلامي (لو كان ثار) على أن قرارات «اليونسكو» لم تؤكد حقيقة عروج محمد الى السماء، وهو يمتطي حصانه المجنح.
ولكن ليس أحدا كنتنياهو يفوت الفرصة في إثارة الخواطر بعض الشيء، وما الذي يثير الناس أكثر من مكان قدس اقداسنا؟
ولكن حتى موضوع المقدس محاط بالاحابيل والخدع.
بالفعل، ثمة أدلة مقنعة بما يكفي في الكتابات، في أن مقدسا يهوديا كان قائما في الماضي في اورشليم. ولكن لا توجد ولا بارقة منفردة واحدة من المعرفة، الاثرية أو غيرها، تدل على مكانه. فهل كان المقدس في شمال الجبل؟ في جنوبه؟ ربما في الشرق؟ في الغرب؟ على «الصخرة»؟ الى جانبها؟ وعدد النظريات كعدد الباحثين.
في واقع الأمر، ليس هذا مفاجئا على الاطلاق. فليس سهلا اكتشاف مكان الإبرة التي تسمى «بيت المقدس»، في كومة قش «جبل البيت».
بعض الأرقام المثيرة للاهتمام: مجال «جبل البيت» (المساحة التي بين الأسوار الهيرودينية) هي 142 دونما تقريباً. حجوم المقدس (الهيكل)، حتى في أفضل أيامه بما فيها ساحاته، بلغت 12 دونما بالكاد. أي، 8.5 في المئة فقط من الساحة التي تسمى «نطاق جبل البيت» كانت «البيت». هذا هو. باقي الـ 91.5 في المئة بريئة من كل مقدس، فارغة من كل كيان، ونقية من كل قدسية. هي مجرد ساحات.
ولكن بالنسبة لمعظم يهود إسرائيل وحكامها، فان مجال «جبل البيت» هو كله مكان مقدس، كله مقدس وكله لنا. فقط لنا.
والبكاء التاريخي يصعد الى السماء: «النجدة! الامم المتحدة لم تعلن بان كل هذا لنا».
هذا العويل وقح ومزدوج الاخلاق معا، ولا سيما عندما يصدر عن دولة أبادت عشرات المساجد لدرجة أنه لا يعرف مكان دفنها. تتجاهل عن نية مبيتة الف سنة حكم اسلامي في اورشليم. تفعل كل ما في وسعها كي تخفي وتقزم كل ما كان هنا قبل مجيئنا، بعد ذهابنا، وعند عودتنا.
والدليل، تذكر قصير يقع منذ سنوات تحت أنوفنا:
في اورشليم توجد حديقة. اسمها «الاستقلال». وهي مبنية على مقبرة عربية.
في تل أبيب توجد حديقة. «الاستقلال» اسمها. وهي مبنية على مقبرة عربية.
في اورشليم يقام متحف. «التسامح» اسمه. وهكذا يجدر. «التسامح» في اورشليم هو بالفعل تحفة في متحف. هو أيضا مبني على مقبرة عربية.
وفي يافا يوجد مركز «مركز بيريس للسلام» اسمه. من نوافذه التي تطل غربا نرى البحر. فقط البحر. كل العين بحر. من نوافذه التي تطل جنوبا نرى القبور. فقط القبور. كل العين قبور. للعرب.
إذاً، ماذا كان لنا؟ مرتان «استقلال» على عظامهم، مرة «تسامح» على شواهدهم، ومرة «سلام» على أمواتهم.
إذ هذا هو طريق عالمنا: مقدساتنا مقدسة للابد. مقدساتهم – أعوذ بالله. عقارات متوفرة للحديقة، سقالات لتبنى عليها قصور «السلام والتسامح»، أو مجرد موجة حجارة للدوس عليها فيما نحن نبكي ونعول عويل القوزاق المغتصب. «أخذوا لي، سلبوا مني، نسوا لي، دنسوا لي». يا للبؤس.


لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف