بدا متوقعا حجم التقارب بين القيادي والنائب محمد دحلان وتياره الإصلاحي الذي أسسه مع عدد من قيادات فتح، وبين حركة حماس، خصوصا بعد مغازلات محمد دحلان المتكررة للأخيرة، والتي كان آخرها في لقائه مع فضائية “دريم” المصرية في 23 أكتوبر وتلميحه بأن التقارب معها هو الحل لكل مشاكل قطاع غزة.
وأضاف موقع "المونيتور" في تقرير مترجم، أنه في ظل تصاعد نبرة العداء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخصمه اللدود المفصول دحلان، بدأ سعي الأخير إلى التقارب مع حركة حماس في قطاع غزة في مراحله الأولى كالتواصل لإتمام مشاريع إنسانية في غزة ممولة عبره كالأفراح الجماعية ورعاية الأسر الفقيرة أو التنسيق مع الجانب المصري لفتح معبر رفح.
ونفى القيادي في التيار الإصلاحي في حركة فتح الذي يقوده دحلان، عبد الحميد المصري لمراسل "المونيتور" البريطاني وجود تقارب أو مساع في هذا الاتجاه بين الطرفين، وقال:"هناك حديث حول كيفية تسيير أمور المواطنين وتنسيق في بعض المشاريع الإنسانية التي يجلبها محمد دحلان إلى غزة، حتى لا تقف حماس عقبة في طريق تنفيذها، وهذا التنسيق قديم". وأكد عبد الحميد المصري وجود قنوات تواصل بين دحلان وتياره الإصلاحي وبين حركة حماس، مشددا على أن الأمر يأتي في إطار تنفيذ مشاريع إغاثية.
وبحكم العداء التاريخي بين حركة حماس ومحمد دحلان الذي بدأ منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي رئاسته لجهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، والذي تتهمه الحركة باعتقال وتعذيب قياداتها، فإن العلاقة بين الطرفين اليوم تبدو غير منطقية للكثيرين.
وفي هذا الإطار، قال أحمد يوسف لـ"المونيتور": "اليوم، سنسمع عن دحلان في إطار المواقف السياسية والمشاريع الإغاثية وتقديم الأفكار والحلول لمشاكل قطاع غزة. فالسياسة مصالح، وهي قابلة للتبدل مع الاحتفاظ بالأبعاد القيمية والأخلاقية كسياج لما ندعو إليه من مبادئ".
وأضاف: "دحلان لن يغيب عن المشهد السياسي، ومن يصطفون حوله من الشباب يتزايدون في شكل لافت للنظر، وهم أكثر عددا ممن ينتمون إلى حركة فتح في غزة. ومع استمرار عجز قادتها التاريخيين وغياب المراجعات، سينتهي الأمر إلى الجيل الأكثر شبابا أمثال محمد دحلان والقيادي في الحركة سمير المشهراوي وآخرين".
ورأى أن البعض من حركة حماس قد لا يتقبل دحلان حتى اللحظة لاعتبارات تاريخية كرئاسته لجهاز الأمن الوقائي في غزة في منتصف تسعينات القرن الماضي والذي تتهمه حماس باعتقال وتعذيب قادتها، مشيرا إلى أن هذا الأمر متفهم، غير أن الرجل يتحسن من حيث أداء خطابه تجاه حركة حماس والوضع في غزة يوما بعد يوم.
وقال: "هذا ما لمسناه في الآونة الأخيرة من خلال الانفراجة المريحة على معبر رفح التي حصلت بعد تدخله في الجانب المصري، فالواضح أن دحلان أصبح يلعب السياسة بطريقة أفضل من السابق، ويحاول أن يكسب ود الجميع داخل الفصائل الفلسطينية، وذلك بعد أن أخفقت أو تعثرت كل الجهود العربية في الإصلاح بينه وبين الرئيس أبو مازن، بأمل توحيد حركة فتح".
وتربط محمد دحلان بالنظام المصري علاقة وطيدة خاصة بعد فصله من حركة فتح في عام 2011، فيما يتردد على القاهرة بشكل شبه منتظم. بينما تسهل وتسمح له بإقامة أنشطة سياسية في القاهرة من قبيل التجهيز للعديد من المؤتمرات التي تخص القضية الفلسطينية.
ومن جهته، عزا المحلل السياسي حسام الدجني لـ"المونيتور" نفي كل من حركة حماس وتيار فتح الإصلاحي لهذا التقارب، رغم وجود مؤشرات تؤكد ذلك، يعود إلى أسباب عدة، أهمها تشابك التحالفات في المنطقة بين الأطراف العربية والإقليمية وتعارضها، مما يتطلب التكتم عن مسار هذا التقارب الذي تجسد بخطوات عملية واضحة المعالم، أهمها الإفراج عن القيادي في كتائب شهداء الاقصى الذراع المسلح لحركة فتح زكي السكني، الذي سجنته حماس في سجونها بغزة لمدة ثمانية سنوات ونصف، وتصريحات دحلان التي تشيد بحركة حماس ويعتبرها أنها مكون مهم في النظام السياسي الفلسطيني، إضافة إلى السماح لبعض أنصار دحلان بالخروج من معبر رفح لحضور مؤتمر "العين السخنة"، الذي دعا إليه مركز دراسات مصري مؤخرا.
وقال الدجني: "هناك تقارب، ولكن ليس تحالف، فنحن أمام تقاطع مصالح بين حماس ودحلان وخطوات بناء الثقة من أجل تحقيق مصالح الطرفين. دحلان لديه هدف العودة إلى حركة فتح والتنافس على رئاستها، تمهيدا لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية، ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون حركة حماس والمرور بغزة".
ورأى حسام الدجني أن حماس تأمل من فرصة تقاربها مع دحلان في تحقيق أهداف عدة، وهي التخفيف من الحصار المفروض على قطاع غزة والعمل على حل أزماته كإغلاق معبر رفح المستمر ومشكلة الكهرباء، فتستفيد حماس من حال التنفيس، إضافة إلى أنها تستفيد من ذلك التقارب لترميم علاقتها بمصر، ناهيك عن تحريك ملف المصالحة مع الرئيس عباس، حيث يشكل الحراك نقطة ضغط على عباس قد تستفيد منها حماس لتحفيزه لدفع استحقاقات المصالحة، وعلى رأسها دمج موظفيها في قطاع غزة الذين عينتهم الحركة بعد أحداث الانقسام الفلسطيني في المؤسسات الحكومية بالقطاع، والبالغ عددهم أكثر من أربعين ألف موظف".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف