رداً على مقال لي قبل شهرين حول اعمال جنودنا في الضفة الغربية المحتلة، كتبت لي أم من كيبوتس محاربي الغيتوات، الرسالة التالية حرفيا: «نعم عميره، ابني هو حبيب أمه. وهو ولد رائع ذو قيم، لن تُصدقي. وأنا فخورة به وأخشى على سلامته ايضا بسبب الخدمة التي يضطر الى القيام بها في مناطق الضفة الغربية. ولا شك عندي بأن هذه الخدمة تهدده بأكثر من معنى، وليس من الناحية الجسدية فقط. الاولاد في الضفة الغربية أبناء أمهاتهم، هم محبوبو أمهاتهم، وهن يتفاخرن بهم حتى عندما يحملون السكاكين. هذه هي الحال بالنسبة للأمهات والاولاد.

كييف تقترحين على جنود الجيش الاسرائيلي النجاح في كل هذا الجنون الذي يحدث هنا؟ وما الذي تريدينه من الاولاد الذين يخدمون هناك؟ هل اختاروا ذلك؟ هل يستطيعون؟ لماذا حسب رأيك يجب علي أن أخجل من ابني؟ إنه محبوبي... وأنا فخورة به. فهو لديه قيم ونشأ في بيت في الجليل. الواقع في هذه البلاد معقد، البساطة كبيرة. ايضا من قبل الجمهور الذي يؤمن مثلك بأننا جميعا نستحق أن نعيش حياة جيدة».

اليكم تقرير دفنه بناي من «حاجز ووتش» في هذا الاسبوع: «علي بني عودة كان قنبلة غضب. فقد وقف بالقرب من بيته في رأس الاحمد في شمال غور الاردن، وصرخ صرخة مرارة، ويداه كانتا تلوحان في كل الاتجاهات ووجهه كان أحمر وخرجت عيناه من مقلتيها. تراجعنا الى الوراء، كان الشعور هو أنه لو كان لديه متفجرات لفجر نفسه وفجرنا. الغور كله سمع صراخه.

«لم يسبق لنا أن رأينا غضباً كهذا. ورويدا رويدا بدأنا نفهم من صراخه القصة. قبل ثلاثة اسابيع جاءت الجرافات (مع الجنود) في الصباح الباكر وصعدت فوق كل ممتلكاته – البيت، القطيع، المخزن وايضا مرحاض بني عودة – وتم تدميرها بالكامل. وقد جلس هو وأبناؤه التسعة اياما تحت أشعة الشمس. وخلال اليوم كانوا يجمعون بقايا أغراضهم من بين الانقاض. حياة كاملة دُفنت هناك.

وقد تبرعت منظمات انسانية بخيمة بعد اسبوع، واستثمر علي بما قام بتوفيره في تغطية القطيع بالشوادر، وخصوصا الخراف الصغيرة التي ولدت بالأمس والتي مات الكثير منها بسبب عدم وجود الظل وبسبب أشعة الشمس الحارقة وبرد الليل.

«في الساعة الخامسة صباحا، يوم الاثنين، كان هو وأبناؤه نائمين، ومرة اخرى وصل الجيش الاسرائيلي بسياراته وجنوده المسلحين. وفي هذه المرة قاموا بمصادرة التراكتور. «الدخول لمنطقة عسكرية»، كما كتب على الورقة التي كان يلوح بها. أي دخول؟ صرخ. كنا نائمين، والتراكتور ايضا كان نائما. أعيش هنا وولدت هنا وأبي ولد هنا وجدي ولد هنا وهذا بيتي، أنا مسمار مغروس عميقا في الارض. وهو يسأل لماذا التراكتور الآن؟ إنه يداي وقدمي، كيف سأوفر المياه لأولادي وأغنامي؟ هل يجب أن يموتوا؟ إنه يغلي، فالمزارع لا يمكنه العيش بدون تراكتور.

«واذا لم يكن هذا كافيا، فقد قام الجيش يوم الثلاثاء بطرد علي وأبنائه من البيت، الذي تم ترميمه، طوال الليل من اجل التدريب. وقد سألت الولد الذي يبلغ 12 سنة: أين نمتم؟ «في العمق هناك تحت السماء»، قال.

«الآن لا توجد له يدان ولا قدمان. فالجيش سيقوم باحتجازهما اربعين يوما وعندها سيضطر علي وجيرانه الاربعة الذين صودرت تراكتوراتهم، الى دفع آلاف الشواكل كغرامة ورسوم حجز من اجل اعادة التراكتورات. ولا أحد يضمن عدم مصادرتها مجددا بعد اسبوع.

«هنا بالتحديد، في المنطقة المكتظة بالسكان في رأس الاحمد، أراد الجيش أن يلعب لعبة الحرب الخاصة به. وكما قال ضابط الجيش الاسرائيلي في جلسة لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، حسب ما جاء في مقالي بتاريخ 21/5/2014 – «هآرتس»، «المكان الذي تدوسه اقدام الجنود لا ينمو فيه العشب». والهدف هو تنغيص حياتهم من اجل طرد علي وجيرانه من غور الاردن».

باختصار: في 9 تشرين الاول قامت الادارة المدنية، بغطاء من الجنود، بهدم 10 مواقع سكنية و17 حظيرة للاغنام والدجاج لتسع عائلات. في 1 تشرين الثاني أخرج الجيش سكان رأس الاحمد من اجل التدريب. وفي كانون الثاني وأيار من هذا العام تم اخراجهم بضعة ايام للسبب. وفي السنة الماضية قام الجيش باخلائهم ثماني مرات بسبب التدريب.

نعم، يا أم الجندي. من الطبيعي الخجل عندما يكون الابن يساعد في مصادرة تراكتور لعائلة مزارعين، وفرض غرامة مالية تكفي لاطعامهم مدة سنة. نعم، يفضل القول للاولاد إن طرد سكان يعيشون تحت الاحتلال هو جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية. ومن الواجب تربيتهم على رفض المشاركة في الجريمة، ودعمهم ليكونوا غير مجرمين.




لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف