- الكاتب/ة : بن – درور يميني
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2016-11-10
ردُّ نتنياهو على تحقيق «عوفدا» هو بالتأكيد مدعاة للقلق؛ لأنه يوجد نسختان من نتنياهو. الاول هو رئيس وزراء كان يمكن التباهي به. ففي الاشهر الاخيرة حصل لي أن تبادلت التجارب مع أناس التقوا نتنياهو في مكتبه. يدور الحديث عن رجل مثير للانطباع، مشوق، ذي معرفة جمة. صديقة قريبة شاركت في لقاء في مكتب نتنياهو في موضوع معين لا يوجد على رأس جدول الاعمال العام، خرجت مذهولة من معرفته الدقيقة بالتفاصيل الصغيرة. ما كان يمكن تجاوزه. كما أن جولة لقاءاته مع أسر تحرير الصحف أدت الى انطباعات مشابهة، وبالذات من جانب بعض كبار معارضه. ودرءاً للشك، في اللقاءات أو المحادثات التي اجريناها في السنوات الاخيرة خرجت بانطباع مشابه: ثمة في هذا الرجل اكثر بكثير من شيء ما. ويوجد نتنياهو الثاني. برنامج «عوفدا» الذي بث، قبل أيام، أكد فقط ما نشر في السنوات الاخيرة من مقربي نتنياهو. لا، هذه ليست مؤامرة يسروية، وليس عدم وجود ادعاءات محقة ضد وسائل الاعلام أو اليسار. حتى بعد حسم التحيزات، فان شيئا ما في الحوض، مكتب رئيس الوزراء مشوش تماما. من المشكوك فيه أن يكون هناك صحافي واحد لم يسمع شهادات مشابهة. لا توجد اي يد موجهة من اليسار. هذه شهادات قلقة من رجال اليمين. نتنياهو الاول يمكنه أن يعرض سلسلة مثيرة للانطباع من الانجازات. فقد نجحت اسرائيل في أن تحمي نفسها من الانهيار الذي شهدته معظم دول الشرق الاوسط. «الارهاب» مستمر، ولكن في مستوى مكبوح الجماح. هناك الكثير من الأقوال عن حلف اقليمي، ينجح نتنياهو في خلقه. وكذا العلاقات مع افريقيا، الهند، والصين، هي مدعاة للفخر. وباستثناء الفشل المتواصل في مجال اسعار السكن تحظى اسرائيل بازدهار اقتصادي، مع معدلات بطالة متدنية، ومع ارتفاع في معدل الأصوليين الذين يدخلون دائرة العمل. هذه الإنجازات ليست رغماً عن نتنياهو. إنها أيضا بفضله. ولكن نتنياهو الثاني، بكلتا يديه، ينجح في تقويض هذه الانجازات. شيء ما في سلوكه الشخصي يدفع افضل الناس الى الهرب. واحيانا بركلة. لا يوجد هنا اي تضخيم من وسائل اعلام معادية. ايهود اولمرت، كما يجدر الذكر، نال هو ايضا الضربات من وسائل الاعلام. ولعل شارون كان محصنا، ولكن ليس كل رئيس وزراء يميل الى اليسار يحظى بمثل هذه المكانة. وما هو أكثر من ذلك، في قسم من المشاكل الاساس لاسرائيل، يهمل نتنياهو الثاني المصلحة القومية لصالح المصلحة السياسية، الحزبية، والشخصية. هكذا في الاستسلام للاصوليين، على حساب العلاقات المهمة جدا مع يهود الولايات المتحدة؛ هكذا في اصراره على الازمة مع اوباما، والتي مست باسرائيل فقط؛ هكذا زحفه نحو واقع الدولة الواحدة، رغم أنه يعرف بان هذه مصيبة زاحفة. وهكذا ايضا سلوك نتنياهو في مواضيع وسائل الاعلام. منذ أسابيع طويلة وهو يحاول تصفية هيئة البث، في اطار الصراع الذي يخوضه ضد وسائل الاعلام الحرة. وفي هذا الاسبوع، كي يضيف الزيت الى الشعلة، كتب ضد ايلانا دايان. في وسائل الاعلام يدور نقاش عاصف: دايان ليست بقرة مقدسة. من المسموح انتقادها. الموضوع هو ان نتنياهو يجد صعوبة في أن يفهم بان ما هو مسموح كتابته في اطار النقاش الاعلامي محظور على رئيس الوزراء أن يقوله. فهو ليس ترامب وليس اردوغان، واسرائيل ليست تركيا. رئيس وزراء اسرائيل يفترض به أن يقدم اجوبة موضوعية، حتى حين تكون الاسئلة مثيرة للاعصاب، للغضب، وربما تشهد على التحيز ضده. في موضوع النقاش الاعلامي، نحن نوجد اليوم في عصر آخر. هناك ما يكفي من الصحافيين الذين ينشغلون بانتقاد الاعلام وتحيزاته. وهذا يتضمن عبدكم المخلص. هذا هو السبب الذي جعل دايان تنال انتقادا فظا، لاذعا وبالاساس موضوعيا، في اعقاب تحقيقها عن النقب «ر». هذا هو معنى حرية التعبير. ذاك التحقيق الاشكالي لم يجعلها يسارا متطرفا، مثلما التحقيق عن نشطاء اليسار المتطرف لم يجعلها يمينا متطرفا. وحين تنضم الهجمة الشخصية جدا ضد دايان الى هجمة على وسائل الاعلام والى محاولة المس بالصحافيين فان رئيس الوزراء يبدي علامات فقدان الصواب. وهذا مقلق بالتأكيد. عذري في السماء أني اجتهد بان اعود واكتب ايضا عن انجازات نتنياهو. ولكن هذه الانجازات لا يمكنها ان تخفي نقاط الخلل، السلوك، شهادات المقربين السابقين، تفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة القومية، وبالتأكيد لا تبرر تهجمات رئيس الوزراء على صحافية نشرت تحقيقا ضده. نتنياهو الثاني ينجح في التغطية على نتنياهو الاول. هذا ليس سيئا فقط لنتنياهو، هذا سيئ لاسرائيل.