
- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2016-11-21
يُواصل الإعلام الاسرائيلي على مُختلف مشاربه لليوم السادس على التوالي، الكشف عن خفايا وخبايا صفقة الغواصّات الإسرائيليّة-الألمانيّة، والتي بحسب الشبهات، تورطّ فيها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والمُحامي الخّاص به وبعائلته، دافيد شيمرون.
وعلى ضوء الهجوم الإعلاميّ الكاسح، فإنّ نتنياهو لم يجد مفرًا من الدفاع عن نفسه في مواجهة الحملات التي يتعرض لها، على خلفية صفقة الغواصات الألمانيّة، حيث وجّه رسالةً أكّد من خلالها على أنّ المداولات التي رافقت المفاوضات من أجل إبرام صفقة الغواصات مع الشركة الألمانيّة كانت موثقة بالمستندات والبروتوكولات.
لكن، مزاعم نتنياهو، تحطّمت على صخرة الحقائق: محامي رئيس الوزراء شيمرون، هو نفسه مندوب الشركة الألمانيّة الضالعة في صفقة الغواصات، والثاني أنّ الأجهزة الأمنيّة ووزير الأمن في حينه موشيه يعلون، قد عارضا الصفقة، كما لفتت تقارير إعلاميّة إسرائيليّة.
كما أنّ يعلون لجأ إلى موقع التواصل الاجتماعيّ (فيسبوك) ونشر عن أنّه لم يعلم بصفقة الغواصّات مع ألمانيا، وشدّدّ على أنّه بعد أنْ علم بطريقةٍ ما عن الصفقة، تبينّ له أنّ الجيش الإسرائيليّ عارض وبشدّةٍ اقتناء غواصّات أخرى لسلاح البحريّة، ولكنّ نتنياهو لم يقتنع، وأبرم الصفقة مع الشركة الألمانيّة.
وبحسب مُحللين إسرائيليين، فإنّ مُعارضة يعلون للصفقة كانت القشّة التي قصمت ظهر البعير، حيث قرر نتنياهو “التخلّص” منه، وفعلاً “استقال” وزير الأمن، وتمّ تعيين أفيغدور ليبرمان مكانه، علمًا بأنّ الأخير أيّد ويؤيّد الصفقة، كما شدّدّت صحيفة (يديعوت أحرونوت).
المُعارضة في تل أبيب انقضّت على الكشف عن الصفقة، في محاولةٍ لتوظيفها سياسيًا للنيل من نتنياهو، حيث طالبت، وما زالت تُطالب بتشكيل لجنة تحقيقٍ برلمانيّة لكشف المستور، وخصوصًا أنّ المحامي شيمرون، هو أيضًا ابن خال رئيس الوزراء نتنياهو.
مع ذلك، تتداخل المطالبة بفتح تحقيقٍ جنائيٍّ حول الصفقة مع أبعاد أخرى تتصل بالخلفيات السياسية لبعض الهجمات التي يتعرض لها نتنياهو من قبل سياسيين ووسائل إعلام. ولا يُلغي البعدان القضائيّ والسياسيّ البعد الاستراتيجيّ للصفقة، كونها تأتي ترجمة لخيار إسرائيلي بتعزيز سلاح البحرية عامّةً، والغواصات خاصّةً.
ويؤكد حجم الحملة الإعلاميّة والسياسيّة على نتنياهو أنها تأتي امتدادًا لصراعات سياسيّة داخليّة، من دون أنْ ينفي أوْ يؤكّد الشبهة التي تحوم حوله. من جهة، تتساءل وسائل إعلام، مشككة، عن مقولة أنّ رئيس الحكومة لم يكن يعرف بأنّ محاميه المرافق له يمثل حوض بناء السفن الألماني، حين دفعه إلى شراء ثلاث غواصات بتكلفة مليارات الشواكل، خلافًا لتوصيات المؤسسة الأمنية ورأيها.
وكان لافتًا للغاية، أنّ المُحامي توجّه بمحض إرادته أمس الأحد إلى أحد مراكز التحقيق الخاصّة في تل أبيب، وأجرى على نفقته فحصًا بواسطة “آلة الكذب”، حيث تبينّ، بحسب القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيليّ، أنّ نتائج الفحص أكّدت مبا لا يدع مجالاً للشك بأنّ المحامي شيمرون قال الحقيقة بأنّه لم يُبلغ نتنياهو عن تمثيله للشركة الألمانيّة، ولكن بحسب القانون الجنائيّ المعمول به في إسرائيل، فإنّ هذا الفحص لا يُعتبر دليلاً لعرضه على المحكمة.
رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك عبّر هو الآخر عن موقفه في هذه القضية العينيّة، علمًا أنّ أصبح يُكثر من توجيه الانتقادات لنتنياهو، فعلّق بأنّ الغواصّات حيوية، لكن ثقة الجمهور أكثر حيوية. هناك الكثير من علامات الاستفهام، كما جاء في تغريدة له على موقع (تويتر). يُشار إلى أنّ نتنياهو يتهّم باراك، الذي كان وزير أمنه لعدّة سنوات، يتهمه بأنّه يقوم بمهاجمته تمهيدًا لعودته إلى الحلبة السياسيّة.
في المُقابل، خرج وزير التعليم الإسرائيليّ وزعيم حزب “البيت اليهوديّ”، نفتالي بينيت، للدفاع عن نتتنياهو، حيث قال إنّ نتنياهو لا يُمكن أنْ يقوم ببيع أمن الدولة العبريّة مُقابل المال، على حدّ تعبيره.
وفي خضّم العاصفة، أعلن المُستشار القضائيّ للحكومة، أنّ المواد التي وصلت إليه حول الصفقة لا تتضّمن أدلّة أوْ بينّات تسمح له بالإيعاز للشرطة بإجراءٍ تحقيقٍ جنائيٍّ أوْ القيام بفحص الإدعاءات، كما أفاد التلفزيون العبريّ مساء أمس الأحد.
ومن الجدير التأكيد عليه أنّ المُستشار القضائيّ للحكومة الإسرائيليّة، أفيحاي مندلبليت، الذي عينّه نتنياهو مؤخرًا في هذا المنصب، كان حتى قبل استلامه الوظيفة المُهّمة والحساسّة، كان سكرتير الحكومة بقيادة نتنياهو، الأمر الذي دفع العديدين في إسرائيل إلى التساؤل حول مصداقية ومهنية واستقامة المُستشار مندلبليت، وتحديدًا عند اتخاذ القرارات المُتعلّقة بالشبهات حول فساد نتنياهو.


