قبل حوالي أسبوعين وضع السكان اليهود في حي بطن الهوى في سلوان نجمة داود كبيرة ومضاءة من بعيد على بيت عائلة أبو ناب، الذي استولوا عليه قبل سنة. كان البيت في السابق كنيساً للحي اليمني الذي أقيم هناك في بداية القرن العشرين. وبفضل ذلك الحي ينجح رجال جمعية «عطيرت كوهانيم» بالسيطرة على المنازل واخلاء سكانها الفلسطينيين. في ذلك الاسبوع تم تقديم دعاوى اخلاء ضد تسع عائلات في الحي، حيث انضمت إلى أكثر من ستين عائلة تدير معركة قضائية ضد المستوطنين. في هذه الاثناء يبدو أنه رغم امكانية اخلاء «عمونا» فإن المستوطنين في القدس وفي اماكن اخرى يشعرون أن المستقبل يبتسم لهم. انتخاب دونالد ترامب والشائعات حول سفير أميركي مؤيد للاستيطان ستزيل من أمام مشروعهم العقبة الكبرى. ومثلما في حالات مشابهة، فإن اخلاء «عمونا» سترافقه رزمة من التعويضات الكبيرة من الحكومة. خطط اخلاء الفلسطينيين والبناء لليهود ستخرج من الجوارير، وسرعة تهويد «المناطق» الفلسطينية ستزداد. لا يدرك المستوطنون الصورة الشاملة. حتى لو نجحت المعركة القضائية وتم اخلاء 72 عائلة من بطن الهوى من بيوتهم، وتم الاتيان بعائلات يهودية مكانهم. وحتى لو نجحت خطة اخلاء عائلات اخرى تعيش في المناطق التي بيعت للمستوطنين من قبل حارس املاك الغائبين بدون عطاءات، حتى في حينه سيكون بعد عقد أو اثنين حي يهودي صغير في قلب سلوان. جزيرة محصنة محاطة بعشرات آلاف الفلسطينيين. سلوان لن تصبح يهودية والفلسطينيون لن يذهبوا الى أي مكان. متحدثو اليمين سيقولون إن ذلك صحيح، لكن الامر ليس سيئا لأن «الشعب الخالد لا يخاف من الطريق الطويلة». بل ايضا خطر ببالهم أن الطريق ستكون طويلة (بعد خمسين سنة من الاحتلال وثلاثين سنة من الاستيطان الكثيف، فإن مستوطني القدس الشرقية يبلغون 1 في المئة من عدد السكان في الاحياء الفلسطينية في المدينة). والأهم من ذلك هو أن الشعب في الجانب الآخر لا يخاف من الطريق الطويلة: الفلسطينيون لا يكفون عن التكاثر والبناء وهم لا يتركون القدس. في الاسبوع الذي وضعت فيه نجمة داود وتم تقديم الدعاوى تم افتتاح مركز فلسطيني في بطن الهوى. الاولاد والكبار سيتعلمون الانجليزية والعبرية والحاسوب والفنون. واليكم مثالا آخر، حي الشيخ جراح (هناك ايضا كان حي يهودي في العشرينيات). وكان قبل بضع سنوات في بؤرة الصراع بعد أن نجح المستوطنون في اخلاء ثلاث عائلات فلسطينية. وقريبا سيتم اسكان عشرين وحدة في الحي الصغير الذي أقيم في ساحة فندق «شبرد». توجد للمستوطنين خطط اخرى كثيرة في المنطقة، لكن لا أحد يتحدث عن ذلك، حيث قام رجل الاعمال المقدسي، محمد الجولاني، ببناء 146 وحدة سكنية للفلسطينيين قرب العائلات اليهودية الثلاث هناك، حيث إن تهويد الشيخ جراح ايضا لا يلوح في الأفق. وبشكل عام، أفق حركة الاستيطان في شرقي القدس أقل وردية مما يبدو في نظر نشطائه وأقل سوداوية مما يبدو في نظر نشطاء اليسار والفلسطينيين في المدينة. ايضا مع وجود رئيس أميركي مؤيد، لا يوجد سيناريو ينجح فيه المستوطنون في تحويل حي أو حتى شارع في شرقي القدس الى مكان يهودي اسرائيلي دون تواجد فلسطيني. في المقابل، مشروعهم سيستمر في زيادة العنف وصعوبة ايجاد الحل المستقبلي لمشكلة القدس. بعد أن تم وضع نجمة داود على سطح الكنيس القديم في سلوان باسبوع، وضع الجار زهير الرجبي الهلال الاسلامي الاخضر والاحمر، وهو ايضا يُرى من بعيد على بيته المجاور.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف