امام واقع الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني كان صدور قرار التقسيم رقم 181 من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة في 29/11/1947، الذي اجحف بحق الشعب وقرر قيام دولتين على ارض فلسطين التاريخية ، وفي عام 1977 اعتمدت الامم المتحدة يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في كفاحه العادل من اجل حريته واستقلاله وتقرير مصيره، وهذا يشكل خطوة مهمة من اجل التمسك بالثوابت الوطنية والحقوق التاريخية وفي مقدمتها حق العودة لكل اللاجئين الذين شردوا عنوة من دياريهم عبر المجازر وفرض الوقائع بقوة الدبابة والدعم الاستعماري اللامحدود للمشروع الصهيوني الذي تجاوز قرار الامم المتحدة، واسهم في قيام الكيان الصهيوني على اكثر من المساحة التي اعطاها قرار التقسيم المجحف للدولة الاستيطانية.
من هنا نرى انه منذ صدور القرار الاممي عام 1947، وحتى اليوم صدرت عشرات القرارات الدولية التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني المختلفة، ومنها القرار رقم 194، والذي ينص على حق اللاجئين في العودة الى ديارهم التي شردوا منها قسرا، وحقهم في التعويض على ما اصابهم من خسائر جراء العدوان الصهيوني المتمثل بنكبة عام 1948، وقرارات ربطت شرعية الدولة الاستيطانية الوليدة بتطبيقها وتنفيذها للقرار 194، وغيرها من القرارات التي اعترفت بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، واقامة دولته الوطنية على ترابه الوطني، وما زالت هذه القرارات معطلة التنفيذ، بسبب التعنت الاسرائيلي، والحماية الاستعمارية الامريكية لهذا التعنت والرفض العدواني، ولا زال الشعب الفلسطيني العظيم رغم كل الجرائم الصهيونية بحقه، ينظر الى هذه القرارات كسند من الشرعية الدولية لكفاحه، فيما لا زالت هذه القرارات حبرا على ورق لم ينفذ أي قرار منها، بما فيها الاخير الذي صدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، والذي لخص كل القرارات الدولية السابقة في فتوى قضائية دولية يجب التمسك بها والعمل على تنفيذها.
ان اعتبار الامم المتحدة يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني يفرض على المجتمع الدولي نقل هذه القرارات الدولية من حيز النص الى حيز التنفيذ على الارض دون تفاوض او مساومة على ما اقره القانون الدولي، الذي بات يخضع للكيل بمكيالين، الدعم الامريكي لكيان الاحتلال ، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي بتنفيذ قراراته التي تبناها واصدرها، من خلال عمل دولي تشرف عليه الامم المتحدة وليس هيئة رباعية تسيطر عليها امريكا واسرائيل وتجيرها لفرض الاملاءات والشروط التي تؤبد السيطرة الاسرائيلية على حياة شعبنا الفلسطيني.
ان ما يجري الان من تحركات امريكية استعمارية في منطقتنا من خلال دعم القوى الارهابية ، لا يهدف سوى الى ادارة الصراع ، وليس البحث عن حلول، وما طرحه الرئيس الامريكي الجديد ترامب من افكار ليست سوى ذرا للرماد في العيون ومحاولة لامتصاص التوتر تمهيدا لخطوات عدوانية اخرى قادمة، في ظل ما تحققه قوى المقاومة في المنطقة من انتصارات، اضافة الى ما ترسمه انتفاضة ومقاومة الشعب الفلسطيني بدماء الشهداء بمواجهة الاحتلال والاستيطان،في ظل العجز والصمت العربي الرسمي، مما يستدعي دعم خيار الانتفاضة والمقاومة الشعبية لأن هذا الحق اقرته الشرائع الدولية ، وهوالسبيل الوطني نحو تحرير الارض والانسان.
ان تضامن الشعوب العربية والعالمية وقواها التقدمية والثورية مع الشعب الفلسطيني في كفاحه العادل، ورفضهم لجرائم الحرب التي ترتكب يوميا على ارض فلسطين، يقتضي من الجميع ان ننقل هذا التضامن من الحالة الشعورية المعنوية الى نضال ملموس، يدفع باتجاه فرض حماية دولية للشعب الفلسطيني، عبر قوات دولية مؤقتة تحل محل الاحتلال، وتسهل عملية الانتقال الى التحرر والاستقلال وبناء الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس عبر تنفيذ القرارات الدولية وتحت اشراف الامم المتحدة.
إن النضال الفلسطيني هو جزء من النضال العالمي ضد العولمة والعنصرية وهنا نجدد الدعوة للشعوب والأحزاب والحركات العالمية الصديقة للمزيد من تفعيل صورة التضامن مع الشعب الفلسطيني، خصوصاً النضال ،وإرسال لجان التضامن إلى داخل الأراضي المحتلة لفضح وتعرية السياسة الصهيونية العنصرية فيما تقيمه من معازل وسجون كبيرة وما تفرضه من حصار.
ولهذا لا بد من توجيه التحية الى كل احرار العالم المتضامنين مع الشعب الفلسطيني رغم قساوة العصر الامريكي الصهيوني ، كما نؤكد ان هذا التضامن العالمي يجب ان يسنده فعل سياسي عربي ودولي، يعلن ويؤكد ويعمل على تمسكه بطبيق الشرعية الدولية ورفض أي تفاوض على هذه الشرعية، والانتقال بها من دائرة الادانة والاستنكار الى اعمال القانون الدولي بالمسائلة والعزل والعقوبات لدولة الاحتلال والارهاب.
ان شعب فلسطين الذي مل من المراوحة في دوامة الارتهان والاملاءات والشروط التي تفرض على الضحية واطلاق يد المعتدي يتطلب انهاء الظلم الدولي الذي يتعرض له، كما تستدعي هذه المرحلة انهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية وحماية المشروع الوطني وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على ارضية شراكة وطنية يتم فيها تغليب المصالح الوطنية على المصالح الفئوية، مما يعطي للحركة السياسية الفلسطينية وللمقاومة المشروعة زخمها وتأثيرها الدوليين، ويعمق من تضامن العالم مع القضية الفلسطينية.
وفي ظل هذه الظروف يغيب اسطورة من اساطير النضال والتحرر ، هو مناضل بارز في وجه الاستعمار والطغيان، هو ثورة على الظلم والاضطهاد ، هو المدافع الاول عن حقوق الشعوب المضطهدة ، تاريخه مشرف وبصماته كانت وستبقى منارة تضيء طريق الشعوب الى التحرر من التبعية ،انه فيدل كاسترو الذي وقف في وجه عنجهية اميركا، ناهض الهيمنة الأميركية والكيان الصهيوني ووقف مع حق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة ومقارعة الاحتلال الصهيوني ودعم حركات التحرر في مختلف بقاع الارض ، فضلا عن مواقفه المشرفة بمواجهة الهجمة الامبريالية والصهيونية والاستعمارية ووقوفه الى جانب الشعوب العربية في حربها على الارهاب.‏
ختاما : لا بد من القول ، ان الشعب الفلسطيني يتطلع اليوم الى كافة الاحزاب والقوى العربية والى احرار العالم لنصرة الشعب الفلسطيني في نضاله وانتفاضته ومقاومته، خاصة فيما يتعلق بحقه القانوني والشرعي والمقدس في العودة إلى بيوته ودياره وأراضيه ومدنه وقراه التي طُرد منها في العام 1948، ونحن على ثقة بكافة الاحرار دولا وشعوبا وافرادا ومؤسسات مدنية الذين يقفون مع شعبنا في نضاله العادل.
كاتب سياسي

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف