أثار تمثال بنيامين نتنياهو المذهب الشبكات الاجتماعية وخيال اليسار (دكتاتور! كوريا الشمالية! ميري ريغف لن تُسكتنا!). وبعد ذلك ثارت موجة احتجاج مناقضة أكثر فظاعة (لقد داس أحد ما على رأس التمثال! يمكن أن يتعرض أحد ما لحياة نتنياهو!). الغريب هو أن أمة كاملة تهتم بشيء فارغ. والمحزن هو أن هذا هو محصلة احتجاج اليسار – نوع من النكتة المحببة وغير الحكيمة.
نتنياهو، رغم تعطشه لاسكات معارضيه، ليس دكتاتورا، واسرائيل ليست كوريا الشمالية. يصعب تسمية الدولة التي تسيطر على حركة وحرية 2.5 مليون انسان في الضفة الغربية، وبشكل مباشر تسيطر على مصير 1.8 مليون انسان في غزة باسم الديمقراطية، لكن داخل الخط الاخضر، لدى المواطنين أدوات كثيرة من اجل تغيير الوضع. الكراهية الشخصية والعمياء للقائد، ليس فقط أنها تخطئ الصراع المدني الذي يجب أن يكون هنا، بل تثبت مرة تلو الاخرى أنها غير ناجعة. التمثال المذهب يعزز نتنياهو في اوساط مؤيديه الذين يرون "الفقاعة التل ابيبية" وهي تتأثر من درس مهني مندمج مع النرجسية. وكل ذلك خلافا للمستوطنين، مثلا، الذين يهتمون الآن بتغيير شكل الارض.
في الوقت الذي يهتمون فيه بالتمثال وإزالته، يمر في الكنيست قانون التسوية – قانون من اليمين المتطرف، يصادق على مصادرة الاراضي الخاصة للفلسطينيين لصالح البؤر وتوسيع المستوطنات غير القانونية التي أقيمت بتشجيع من الدولة أو التغاضي عنها. أضرار هذا القانون كبيرة. فهو يسمح بالجريمة والاستيلاء من قبل المواطنين والدولة، ويبدأ مرحلة خطيرة من سريان القانون الاسرائيلي على "المناطق" مع الاخلال بالقانون الدولي، وخلافا لموقف معظم دول العالم من الاستيطان. إن وجود القانون ومناقشته يعتبر أداة اتوماتيكية للسماح بجريمة المستوطنات على الاراضي التي أعلنت كأراضي دولة. مثلما أن المغزى الحقيقي لمحكمة العدل العليا حول ألون موريه في العام 1979، حيث رفضت مصادرة ارض فلسطينية، كان ذلك اعطاء الشرعية للمستوطنات التي أقيمت على "اراضي الدولة".
إن الغاء البند الذي شطب بناء على طلب حزب "كلنا" في الاقتراح "المعدل" – بشكل أدق، تم اخراج اجزاء من البند 7 التي تهدف الى رفض قرارات محكمة العدل العليا بأثر رجعي – وهذا بدون أهمية تقريبا. إن وجود القانون يلحق الضرر بسلطة القانون وبالمحكمة. صحيح أن المحكمة امتنعت على مدى السنين عن مناقشة قانونية المستوطنات لأنها اعتبرت ذلك مسألة سياسية، لكنها وضعت قيدا: يُمنع اقامة مستوطنات على ارض فلسطينية خاصة. وقانون التسوية يدوس على هذا القيد، ويمنع امكانية هدم بيوت في "المناطق" (لليهود فقط). وكل ذلك دون الاشارة الى الضرر المستقبلي للمحكمة: اذا رفضت محكمة العدل العليا القانون – حيث إن المستشار القانوني للحكومة، وهو جزء من اليمين، قال إنه غير دستوري – فانها ستعتبر ذراعا لليسار، وسيصعد "فتيان التلال" الى القدس مع الجرافات.
ورغم كل ذلك، القانون لا يهم أحدا، باستثناء الجماعة التي ستستمتع به وهي النواة الصلبة لمستوطني البؤر. صحيح أن نفتالي بينيت يشعر بمعنويات تويتيرية هجومية، ولن يخرج أحد من مجلس "يشع" ضد القانون علنا، لكن العداء الظاهر بين سكان عمونة وبين مجلس "يشع" يُبين أن عددا من المتطرفين يديرون المستوطنات الآن، ويديرون الدولة بالمثل.
صحيح أن القانون من شأنه أن يقضي على سياسة الغموض القضائي، التي تحت رعايتها استطاع الاحتلال والمستوطنات البقاء. تعترف الدولة بالمسؤولية عن المستوطنات، ومسؤولية نقل السكان الى هناك. ولكن لا يجب الاعتماد على العالم، الذي يقوده الآن دونالد ترامب. وايضا في ولاية باراك اوباما كانت هناك جرائم فظيعة كثيرة – أن يُفرض على اسرائيل القانون الدولي. هذا الصراع يجب أن يديره مواطنو اسرائيل، اولئك الذين ينظرون الى التمثال المذهب.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف