في بداية العام 2017 سينشر وزير التعليم "شروط الحديث السياسي في الأكاديميا" اعتمادا على التوصيات التي قدمتها له لجنة من المختصين التي قام بتعيينها. وتهدف التوصيات إلى وضع شروط واضحة حول سؤال ما هو "الإرشاد السياسي"، لذلك لن يكتفي الوزير ومستشارون بصياغات وطنية عامة، وسيقولمون بوضع قاموس للمصطلحات التي يُمنع استخدامها، اضافة الى قائمة من المواقف الممنوعة. وفقط بسبب التسرع، ستكون هناك أخطاء في الصياغة، ولم يتم توضيح اذا ما كانت التوصيات ستسري فقط على المحاضرات اثناء الدروس، أو على اقوالهم في النقاشات في الممر أو في المقصف. صحيح أنه ستكون معارضة شديدة لهذا الامر، لكن وزير التعليم نفتالي بينيت سيشعر بالنشوة بعد نجاحه في تقريب انبعاث الاستيطان، وهو سيقضي على معارضة اليسار. وسيكون هناك من يؤيدون المبادرة، وسيحاولون تهدئة المخاوف: لا يقصد الوزير بشكل جدي، بل يريد التلويح بالعصا من اجل التهدئة. آخرون سيقولون إن الحديث ليس أكثر من بحث للمقارنة بادرت اليه الوزارة، حيث سينفذ في كلية اريئيل – بين اقوال الاكاديميين واقوال الحاخامين في المعاهد – من اجل أن يتم تحديد الفرق بين "التعبير عن الرأي" و"الأمر" و"ما يفرضه الدين" وغيرها. كما هو متوقع، سيتبين للوزير بسرعة أنه لا تكفي "الوثيقة". ولا يمكن الاكتفاء برسائل الابلاغ باسم مجهول من اجل توضيح صورة وباء اولئك الذين يجعلون سمعة البلاد سيئة، والذين سيطروا على الجامعات وجهاز التعليم. لهذا سيقيم وزير التعليم "شرطة التفكير التابعة لبينيت"، وهذه تسمية مبالغ فيها بعض الشيء لأنه سيكون هناك عدد من المراقبين الذين لا توجد حدود لولائهم لـ "ارض اسرائيل" والدولة (حسب هذا الترتيب). سيتم اجراء دورة سريعة لهم تُعدهم لملاحظة تجاوزات المعيار. وسيكونون مسلحين بالمعرفة، وعندما تهب عليهم رياح بينيت سيتم ارسالهم للتخفي على شكل طلاب جامعيين ليجلسوا في المحاضرات ويستمعوا إلى كل كلمة تتجاوز المعيار المسموح به. في ظل المخالفات البسيطة سيفرض المراقبون مخالفات عقوبتها التوبيخ الشديد. وفي حال وجود مخالفات خطيرة، سيكون من حقهم وقف المحاضرة، بل جر المحاضر المخالف الى خارج القاعة وتسليمه للسلطات. في الفصل الثاني سيجد مكتب الرقابة الرئيسي صعوبة أمام ضغط التقارير والمخالفات والشكاوى والابلاغات التي ستصل اليه، وايضا صعوبة في تصنيفها حسب المعايير التي تم وضعها ومدى خطورتها. لذلك فان الطريقة الوحيدة لمعاقبة المحاضرين المتجاوزين ستكون العقوبة الجماعية، أي اغلاق المساق أو اغلاق المعهد كله. بلاد بينيت هذه، التي سيزدهر فيها مراقبو الرأي، توجد حاليا في الاساطير فقط. فبينيت نفسه يعرف أن المبادرة التي أطلقها ليست سوى لعبة غريبة. لكن حقيقة أن المطالبة بوضع شرطة على الافكار – حيث الكبار الذين هم أسوأ من بينيت لم ينجحوا في تطبيقها – التيخطرت ببال الوزير، لا توضح فقط ما الذي يعتقده حول الاكاديميا وحرية الرأي بشكل عام، بل ايضا تشير الى الروح الاصولية الفظيعة والخائفة (التي لن تغطي عليها خمس وحدات من الرياضيات)، حيث إن بينيت هو من أفضل أبنائها.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف