- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2016-12-15
مع أن إسرائيل تقوم بتطبيق المشروع الصهيوني في فلسطين، أساسه الهجرة والاستيطان، إلا أنها مرتبكة حول الطرق التي يجب عليها السير فيها، فهناك مواقف إسرائيلية متناقضة خاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية، قد تغيّر في مواقفها وأساليبها عند الضرورة، وفقاً للضغوطات والتحركات السياسية، إلا أنها في نهاية المطاف تعرف إلى أين تريد الوصول ولو على مراحل، وهدفها إسرائيل من البحر إلى النهر إن لم يكن أكثر، وأن أرض فلسطين، وما تطلق عليه بأرض إسرائيل، ملك بلا منازع للدولة الإسرائيلية، فإسرائيل تنتظر كيف ستكون خطة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" بالنسبة للشرق الأوسط، وماذا تريد من الإدارة الأميركية القادمة، إلا أنها تتوقع عودة العلاقات مع إدارة "ترامب" إلى مسارها الطبيعي، معتبرة أن السنوات السابقة في مرحلة الرئيس "باراك أوباما"، كانت متوترة، ويسودها خلافات كثيرة، خاصة في الموضوعين الفلسطيني والنووي الإيراني، فإسرائيل تضع في قائمة جدول أعمالها منع حصول إيران على السلاح النووي، وتبدي اهتماماً بتنفيذ "ترامب" لوعوده بنقل السفارة الأميركية من تل – أبيب إلى القدس، بعد أن تم اختيار قطعة أرض في حي "تلبيوت" لبناء السفارة الأميركية عليها، فرؤساء أميركيون سابقون، منهم "بيل كلينتون"، و"جورج دبليو بوش"، و"باراك أوباما"، وعدوا عشية انتخابهم بنقل السفارة، إلا أنهم لم ينفذوا وعودهم، وما إصرار إسرائيل على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلا كي تسجل اعترافاً بشرعيتها في القدس، في الوقت الذي لا تعترف بهذه الشرعية أية دولة من دول العالم، ولا حتى الولايات المتحدة، والسؤال المطروح في إسرائيل، هل سيلتزم "ترامب" بنقل السفارة، أم أن وعده سيلحق بوعود من سبقوه.
إن السؤال المطروح إسرائيلياً، هو كيفية التوجهات الأميركية في عهد الرئيس "ترامب"؟ فوزير الجيش الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان"، اعترف بإخفاق إسرائيل في خلق سياسة مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن القضية الفلسطينية، والوزير "نفتالي بينت" رئيس حزب البيت اليهودي، يطالب بإبعاد الرئيس الأميركي والتنصل من موضوع حل الدولتين، هذه الأقوال وغيرها قيلت في المؤتمر الدبلوماسي السادس، الذي تعقده جريدة "جروساليم بوست"، لعرض السجالات ونقاط الخلاف والتوجهات الإسرائيلية، فهذا المؤتمر السنوي الذي يجمع كل أطراف القيادات السياسية الإسرائيلية، إضافة إلى مئات الدبلوماسيين، هدفه تعزيز السياسة الخارجية الإسرائيلية، عبر تحديد واستنباط الميول والتوجهات الدولية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، اعتبر أنه يخلق أسطورة من نفسه، وتساءل:" إذا كنتم تقرأون الصحف الأخرى، لتأخذوا انطباعاً بأنني شخص متشائم، ومشبع بالخوف، سأقول لكم أنني متفائل، ومليء بالأمل بشأن إسرائيل والمنطقة، وأن إسرائيل تعيش وسط ثورة تاريخية في مكانتها، وهناك تغيير اقتصادي عالمي سريع، وهناك ثورة معلومات تكنولوجية، وإسرائيل في مركزها". وعاد ليطرح السلام الإقليمي، وأنه سيقلب المعادلة لتصل إلى الدول العربية، ومن هناك إلى فلسطين، "وكلهم يفهمون أن إسرائيل ليست العقبة أمام السلام"، فأقوال "نتنياهو" هذه، لا تعدوا الهروب إلى الأمام، وإلى الخداع والمماطلة، ولا نعرف إذا كان الإسرائيليون سيبتلعون مثل هذه الأقوال الفارغة، والتي لا تصب في صلب الموضوع.
الوزير "نفتالي بينت"، يكرر مطالبته بضرورة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، بدلاً من السعي لحل النزاع، وأن على إسرائيل إعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً، مع منحهم حقوق تنقل مطلقة، وتنفيذ مشروع "مارشال" لليهود والعرب على حد سواء، ونائبة وزير الخارجية "تسيفي حوتوبولي"، تطالب بتحطيم صورة احتلال إسرائيل للضفة الغربية، واصفة هذا التعبير بأنه غير قانوني، وليس صحيحاً تاريخياً، مشيدة بتصريحات "نتنياهو" الذي وصف إخلاء المستوطنين بأنه تطهير عرقي، وأن زمن طرد اليهود قد ولى.
من جهتها ردت وزيرة الخارجية السابقة "تسيفي ليفني" على "بينت" في المؤتمر، أنه من المستحيل إدارة الصراع دون تنازلات، وأن "إطالته سيدمرنا"، موضحة أن أي اتفاق سلام سيتم التوصل إليه، لن يأخذ بالحسبان أي الروايتين - الإسرائيلية أو الفلسطينية- على حق وأيهما باطل، وحذرت من تحويل الصراع على الحرم القدسي إلى صراع ديني، وعلى إسرائيل أن تفهم أن حل الدولتين هو جوهر مصلحتنا، ويجب العمل مع العالم، ومع الفلسطينيين من أجل إحياء العملية السلمية.
رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "هرتسي هليفي"، حذر في اجتماع مغلق في جامعة تل-أبيب بتاريخ"27-11-2016"، من عدم استقرار الوضع في الضفة الغربية، خلال العام القادم 2017، فاهتزاز الوضع الأمني في الضفة الغربية، على خلفية الصراعات الداخلية في السلطة الفلسطينية، وماذا سيحدث بعد مرحلة "أبو مازن"، ستحاول حركة حماس تحقيق وضع شديد التوتر، الذي سيؤثر على الوضع الأمني الإسرائيلي بالكامل، وتطرق "هليفي" إلى الأوضاع في بعض الدول في المنطقة، منها إيران، وقال أن الرئيس "روحاني" سيواصل سياسة التغيير، ومن المحتمل أن نرى "إيران" جديدة بعد 5-6 سنوات قادمة، فالإيرانيون أذكياء، في كليات الهندسة، وينتصرون في الأولمبياد، وفي الرياضيات ومواصلة التقدم العلمي والتقني، أما بالنسبة لتركيا، فإنه متشائم بالاتجاه الذي ينحو إليه الرئيس "أردوغان"، وليس مطلوبا من إسرائيل إبداء كل هذا الحماس لتحسين العلاقات مع تركيا، التي تسير على طريق التطرف الديني، "علينا التقدم في علاقتنا مع تركيا ببطء".
إن أكثر ما يقلق إسرائيل في المنطقة، ليس التواجد الروسي في سوريا، بل التواجد الإيراني وحزب الله اللبناني، وحسب ملف "ديفكه الإسرائيلي 1-12-2016"، فقد كشف عن وجود اتفاق سري بين الرئيس الأميركي المنتخب "ترامب"، والرئيس الروسي "بوتين"، والرئيس التركي "أردوغان"، وقد انضم إلى هذا الاتفاق كل من النظام السوري وإسرائيل ومصر والأردن، هذا الاتفاق بمجمله تعاون الولايات المتحدة وروسيا في الحرب ضد داعش في سوريا، فالاتفاق أو التفاهم بين الإدارة الأميركية الجديدة وموسكو وإسرائيل، بشأن جنوب سوريا، على طول حدودها مع إسرائيل والأردن، بيد أن هذا التفاهم - وفقاً لموقع "ديفكة 27-11-2016"- لم يُحترم، فسلاح الجو الروسي بعد توقف دام ثلاثة أشهر، استأنف هجماته في الجولان السوري، وقصف مناطق تجمع المسلحين السوريين بالقرب من مدينة جاسم شمال درعا، فإسرائيل تتهم الرئيس الروسي "بوتين" بالعمل ضد التفاهمات، وأكثر ما تخشاه إسرائيل وصول حزب الله اللبناني والتواجد الإيراني، والمليشيات الإيرانية إلى حدودها، فقيام سلاح الجو الإسرائيلي بتاريخ "30-11-2016" بمهاجمة مواقع لنظام الأسد وحزب الله، جاء لممارسة سياسة عسكرية مستقلة في سوريا، بعيدة عن التفاهمات لتغيير اللعبة، دون التدخل المباشر في الحرب الأهلية في سوريا، وحسب جريدة "إسرائيل اليوم 30-11-2016"، بقصفها للأسلحة المنقولة من سوريا لحزب الله، لفحص واختبار خطوطها الحمراء، وحسب المصدر فإن إسرائيل نقلت منذ عام 2010 رسالة إلى النظام السوري، للامتناع عن نقل السلاح لحزب الله، معلنة جهاراً أنها لن تسمح بنقل أسلحة متطورة إلى حزب الله، خاصة من نوعية صواريخ أرض-بحر، طويلة المدى من طراز "ياخونت"، وصواريخ متطورة مضادة للطائرات، وصواريخ دقيقة متوسطة المدى من طراز "فاتح110".
ومع كل ما سبق من استعلاء إسرائيلي، فإن وزير الخارجية الأميركي "جون كيري"، يعلن أنه قلق على مستقبل إسرائيل، بسبب الجمود السياسي، ويكشف أن الحكومة الإسرائيلية لا تستمع لنا، وسيكون من الصعب الدفاع عنها في المنابر الدولية، بينما اليمين الإسرائيلي يتجاهل تحذيرات اميركا بشأن المستوطنات، وأن الصراع يسير نحو الدولة الواحدة، رافضاً أنه بالإمكان التوصل إلى اتفاقيات سلام مع بعض الدول العربية، دون حل المشكلة الفلسطينية، وأنه لن يكون هناك سلام منفرد بين إسرائيل والعالم العربي من دون حل المشكلة الفلسطينية، لأقول لإسرائيل: لا ولا ، فالوزراء في حكومة "نتنياهو" يصرحون علناً بمعارضتهم لإقامة دولة فلسطينية، فإسرائيل ليست معنية بالسلام، وكما قال "نتنياهو" : "من يصمد في الشرق الأوسط هو القوي".