
- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2016-12-21
أ ف ب: بعد مرور 25 عاما على انهيار الاتحاد السوفييتي، لا يزال قسم كبير من الروس يأسف لسقوطه، وهو شعور يتقاسمه الكرملين الذي يعمل منذ سنوات عدة على تفعيل المجد الذي واكب مرحلة قيام هذا الاتحاد.
وردا على سؤال "هل تتأسفون على سقوط الاتحاد السوفييتي؟"، في اطار استطلاع للرأي اجرته مؤسسة ليفادا المستقلة في تشرين الثاني الماضي، رد 56% بالايجاب، في حين رد 28% بالنفي، ولم يبد 16% رأيا.
وقال مدير مؤسسة ليفادا، ليف غودكوف، ان "المسنين تناسوا الفقر والنقص في مواد حيوية، وباتوا يقدمون صورة مثالية لما كانت الامور عليه في الحقبة السوفياتية، ليقارنونها بما هو قائم حاليا".
الا انه من الصعب على الشبان الذين لم يعايشوا الحقبة السوفييتية تكوين فكرة عن هذا الاتحاد لجمهوريات اشتراكية مترامية الاطراف، حكمها حزب شيوعي واحد استنادا الى ايديولوجية ماركسية لينينية تواصلت طيلة 70 عاما. ففي خلال هذه الفترة حصل تغييب كامل للحريات السياسية والدينية، وادت سياسة القمع الممنهجة الى مقتل ملايين الاشخاص اعداما بالرصاص او في المنافي او بسبب الجوع.
واضاف غودكوف "ان لدى الشبان صورة تتسم بالحنين نقلها اليهم الجيل القديم، تترافق مع كليشيهات ايديولوجية تتناقلها محطات التلفزة".
كيف يمكن النظر الى الاتحاد السوفييتي بعد 25 عاما ؟ قال ديمتري كيسيليف صاحب المجموعة الصحافية التابعة للدولة "روسيا سيغودنيا" في هذا الاطار في منتصف الشهر الحالي في مقابلة مع تلفزيون "روسيا 24" ان "الهدف كان اقامة الجنة على الارض، وقد قمنا بالكثير في هذا الاطار".
واضاف في سياق تحقيق اجراه التلفزيون الروسي الرسمي تحت عنوان "الخبرة المفيدة للاتحاد السوفييتي"، ان الحقبة السوفياتية "كانت عبارة عن اختبار اجتماعي ضخم".
وتنقل شبكات التلفزة والافلام بشكل عام صورة ايجابية للاتحاد السوفييتي، اكان عبر وثائق مخصصة للقادة السوفيات السابقين مثل ليونيد بريجنيف ويوري اندروبوف ،او عبر سلسلة تعرضها حاليا الشبكة الاولى تحت عنوان "عشق سري"، حيث يقدم عناصر الاستخبارات "كي جي بي" المكلفون بملاحقة المنشقين بصورة ايجابية.
بالمقابل فان الذين ينبشون الصفحات السوداء لهذا "الماضي السحيق" مثل منظمة ميموريال غير الحكومية، سرعان ما يتهمون بانهم يقومون باعمال "غير وطنية". وتنكب هذه المنظمة على دراسة عمليات القمع التي جرت خلال الحكم السوفييتي من 1917 الى 1991.
والسؤال الذي يطرح اليوم : لماذا يهتم الكرملين بالماضي السوفييتي؟
والسؤال الذي يطرح اليوم : لماذا يهتم الكرملين بالماضي السوفييتي؟
اولا لان الروس لا يزال لديهم الشعور بان روسيا لا يمكن الا ان تكون امبراطورية، وثانيا لان السلطات بتشديدها على "المثال السوفييتي" انما تأمل "وضع روسيا بمواجهة بقية العالم"، لتبرير سياستها القائمة على اعتبار روسيا "القلعة المحاصرة"، حسب ما يقول المؤرخ نيكيتا بتروف من منظمة ميموريال.
كما ان الخلافات القائمة بين روسيا والغرب خصوصا بشأن الملفين السوري والاوكراني، تعيد احياء سنوات المواجهة خلال الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي ودول الحلف الاطلسي. ولم يتطرق الروس والاوروبيون والاميركيون في السابق الى احتمالات عودة الحرب الباردة بين الطرفين بقدر ما يتطرقون اليها اليوم.
ومع ان الاتحاد السوفييتي لم يعد قائما والشيوعية لم تعد عقيدة رسمية، فان الاف الشوارع والانصاب تحمل اسماء ابطال من البلشفيك، وعلى رأسهم لينين.
ولا يزال جثمان لينين، باني الاتحاد السوفييتي، محنطا وممددا في ضريحه في الساحة الحمراء امام اسوار الكرملين على بعد امتار من قبر ستالين.
ويقول المؤرخ بيتروف "مع الاحتفاظ برموز الحقبة السوفييتية وابقاء رفات ستالين ولينين في الساحة الحمراء، تسعى السلطات الى اقامة رابط بين الامراء الروس القدامى والامناء العامين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، للقول بان روسيا لا تزال نفسها ولو بصور مختلفة".
اما المحلل المؤيد للكرملين ديمتري اورلوف فيرفض هذه القراءة ويقول "ان السلطات لا تسعى الى اعادة الاعتبار للاتحاد السوفييتي. ان وجود ستالين ولينيين في الساحة الحمراء ليس بالامر المهم. والشبان ينظرون الى الضريح على انه شبيه باهرام مصر اي ينتمي الى ماض سحيق".
الا ان فلاديمير بوتين اطلق العام 2005 جملته الشهيرة "ان سقوط الاتحاد السوفييتي كان اكبر كارثة جيوسياسية في القرن".. وبعد فترة اضاف "ان الذي لا يأسف لسقوط الاتحاد السوفييتي لا قلب له. اما من يريد اعادة بنائه فلا دماغ له".