القدس غاضبة، وهي لا تريد إخفاء ذلك. بعد التصويت في مجلس الامن، يوم الجمعة الماضي، على موضوع المستوطنات، كان يمكن لمن هم في العاصمة العمل بطريقة دبلوماسية هادئة، وتمكين الدبلوماسية الجماهيرية من التنفيس عن نفسها. لذلك أفضلية، حيث يقلل ذلك من الشعور بالانجاز لدى أعداء اسرائيل في هذا الموضوع. لكن نظراً لوجود كليشيه صحيح في الدبلوماسية، يقول إنه في كل ازمة هناك ايضا فرصة، فيمكن أن جهات في القدس تريد استغلال هذه الازمة من أجل التعديل، حيث يوجد في الخلفية شعور بالتشجيع والدفعة المعنوية نتيجة استبدال الادارة الأميركية، الشهر القادم. خلعت اسرائيل القفازات. في اعقاب التصويت اختارت اسرائيل استغلال ثلاث ادوات احتجاج دبلوماسية: الغاء الزيارة المتوقعة لرئيس حكومة اوكرانيا اليهودي، إعادة السفراء من نيوزلندا والسنغال (الاول ما زال في الطريق بسبب المسافة البعيدة والثاني اصبح هنا) – هاتان الدولتان كانتا من الدول الاربع التي قدمت مشروع القرار، والثالث: استدعاء سفراء الدول التي شاركت في التصويت. الدولتان الاخريان، فنزويلا وماليزيا، لا توجد معهما علاقة دبلوماسية، حيث لا يوجد من يمكن استدعاؤه أو توبيخه. أولا، زيارة رئيس حكومة اوكرانيا. لا شك أن الحديث يدور هنا عن احتجاج بالمستوى الأعلى. إن الغاء زيارة مخطط لها هو اجراء استثنائي ويحمل رسالة واضحة، حيث إن اوكرانيا ستدرك أن اسرائيل غاضبة جدا منها، لأن الحديث يدور عن دولة تعيش الآن في حالة عداء مع روسيا، ويتبين من القرار أن هناك ضغطا على اوكرانيا من شأنه أن يترجم الاجراء كأساس للتقارب بين موسكو والقدس، وفيما بعد مع واشنطن ايضا – على حسابها. بالطبع يمكن القول إن روسيا ايضا لم تستخدم الفيتو، لكن إسرائيل لم تتوقع من روسيا ما توقعته من أوكرانيا. إن اجراء إعادة السفراء للتشاور، الذي استخدمته اسرائيل، هو أقل خطورة. لا شك أن فيه مراهنة، حيث إن الدول التي عاد منها السفراء يمكنها أن ترد بالمثل. ومن الصعب التوقع من السنغال أن تصوت بشكل مختلف. لأن هذه الدولة عضو في منظمة الدول الاسلامية وعضو في احدى لجان تلك المنظمة. يوجد للسنغال علاقة جيدة مع العالم العربي والعالم الاسلامي ومع ايران. وقد رفضت ايضا أن تضع هنا سفيرا لها، كما يوجد لاسرائيل في دكار. وفي نيوزلندا هناك اليوم رئيس حكومة يهودي، لكن وزير الخارجية يعتبر اشكاليا. وهناك بين اسرائيل ونيوزلندا تاريخ دبلوماسي اشكالي. وأخيرا استدعاء السفراء. توجد هنا أهمية للمستوى واللهجة. لا شك أن استدعاء سفير الولايات المتحدة، دان شبيرو، هو أمر نادر جدا، خصوصا أن رئيس الحكومة نفسه هو الذي استدعى شبيرو للاستيضاح على خلفية التصويت في مجلس الامن، الذي امتنعت فيه الولايات المتحدة من استخدام الفيتو ضد القرار حول المستوطنات. والسفراء الذين تم استدعاؤهم هم سفراء الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل ولها سفارات هنا. ويدور الحديث عن فرنسا وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة والصين واليابان ومصر وانغولا والاورغواي واسبانيا والاكوادور. عند استدعاء السفراء يجب علينا تذكر أن هذه الخطوة هي إعلانية. الضرب على الطاولة. في السابق عندما كنت سفيرا لاسرائيل في موريتانيا تعرضت لهذه القضية عندما تم استدعائي بعد عملية الجيش الاسرائيلي في غزة، من قبل وزير خارجية موريتانيا. وقد كانت اللهجة اثناء اللقاء لهجة صداقة الى درجة الخجل. ويمكن القول إن ذلك لم يكن ما سمعه السفراء هنا في القدس. الآن يجب عليهم الاختيار: هل سيحاولون التصالح أم دهورة الوضع؟ يمكن القول إنه اثناء الاستدعاء، فان القدس لن توبخ فقط، بل ستحاول عرض مواقفها. وليس مؤكدا أن السفراء أو نوابهم سيقتنعون بذلك، لكن هذه الخطوة فيها رائحة الادارة الأميركية الجديدة. إن بيع فكرة الاستيطان للعالم تبدو غير ممكنة الآن، وهي أصعب من بيع الثلج لأهل الاسكيمو. لكن الشخص الاكثر اهمية في العالم، الذي سيتسلم منصبه بعد شهر، لا يرفض الفكرة. ومن هنا ينبع السؤال الكبير: كيف سنستفيد من هذه الازمة؟ توجد هنا مراهنة: هل يستحق الامر ذلك؟ وفي القدس هم على قناعة أنه يستحق ذلك.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف