يُعتبر قرار مجلس الأمن بشأن المستوطنات في العالم الاسلامي نجاحاً كبيراً وانجازاً تاريخياً للفلسطينيين. إن القرار الذي يقضي بأنه "لن يتم الاعتراف بأي تغيير في خطوط الرابع من حزيران 1967، بما في ذلك شرقي القدس، باستثناء المناطق التي يتفق عليها الطرفان في المفاوضات"، يمنع أي قيمة للمفاوضات، حيث إن المجتمع الدولي يلغي مسبقا الشرعية الاسرائيلية على كل "المناطق" التي توجد وراء الحدود التي كانت قبل حرب "الايام الستة". أي أنه مطلوب من اسرائيل الانسحاب من الحي اليهودي والأحياء الجديدة في القدس و"يهودا" و"السامرة" كلها.
القاسم المشترك لجميع الردود الفلسطينية، سواء في "فتح" أو "حماس" أو "الجهاد الاسلامي"، هو أنه يجب دفع هذا الانتصار بكل تصميم. المتحدث بلسان السلطة الفلسطينية طالب بالاعمال التي تعزل اسرائيل في الساحة الدولية، وتوجه الى المجتمع الدولي من اجل اتخاذ الاجراءات الضرورية لتطبيق القرار الذي اتخذته مجلس الأمن. وطالب وزير الخارجية الفلسطيني بالعمل على وقف "تهويد" "يهودا" و"السامرة". ومتحدثون آخرون ذكروا الحاجة الى الدعاوى القضائية ضد جهات إسرائيلية بتهمة جرائم الحرب.
منذ قيام الدولة حاول العالم الاسلامي القضاء على الكيان الصهيوني. في البداية تركز ذلك في الصراع المسلح الكلاسيكي: "حرب الاستقلال" وحتى حرب سلامة الجليل، وقد هزمت الجيوش العربية هزيمة نكراء، ونحن دفعنا ثمنا مؤلما. منذ منتصف الثمانينيات انتقلوا الى تكتيك مختلف: الانتفاضات. وهنا ايضا دفعت اسرائيل ثمنا باهظا، لكنها استوعبت التهديد. ومنذ سنوات هناك دعوات للانتفاضة في "المناطق" وفي اوساط "عرب اسرائيل". إلا أن هذه الدعوات تنزل على آذان صماء. الموجة الثالثة التي ما زالت مستمرة وهي تحمل في طياتها طريقة حرب جديدة: "ذئاب وحيدة" تحمل السكاكين أو تجلس وراء المقود وتقوم بالدهس، وحاولت بث الرعب في اوساط السكان المدنيين. إلا أن "قوات الامن"، اضافة الى الردود السريعة من قبل المواطنين، أديا الى تراجع الظاهرة إلى درجة كبيرة.
المرحلة الحالية لا تقل خطورة: حرب دبلوماسية وقضائية ضد إسرائيل – اعمال متعددة تسعى الى تصوير اسرائيل كدولة غير اخلاقية، دولة ابرتهايد "غير قانونية" يجب نبذها. ويجب علينا أن لا نخدع أنفسنا: إن هدف الحرب الدبلوماسية هو انهيار دولة اليهود. الضغط الدولي الذي يطلب عودة اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران هو المرحلة الاولى، وليس الاخيرة. وقد أعلن أبو مازن دائما أنه لن يعترف أبدا بدولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وأنه لن يتنازل عن حق العودة.
الجدل الكبير بين اليسار واليمين في اسرائيل يفوت جوهر المشكلة: "المناطق" ليست هي الموضوع، بل وجود دولة اسرائيل. على اسرائيل ايجاد الطرق الناجعة لهذه الحرب الجديدة التي تهدد وجودها بشكل لا يقل عن الحروب الكلاسيكية وانتفاضات السكاكين.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف