لقد تم تعيين العقيد ايلان مالكا مؤخرا نائبا لمديرية مصلحة السجون، وتم ترفيعه الى رتبة لواء (وهي رتبة توازي رتبة الجنرال في الجيش). وكشخص معفى رسميا من مسؤولية قتل مواطنين فلسطينيين، مسبقا وبأثر رجعي، ليس هناك أحد أفضل منه كي يتقدم الى رأس الهرم في مصلحة السجون الاسرائيلية.
مالكا الذي كان في السابق قائدا لكتيبة جفعاتي، هو شخص من اشخاص كثيرين يعبرون عن الملكات الكبيرة لاسرائيل: أن يكون فوق القانون ومن خلفه. وهذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو الآن يقصف في جميع الاتجاهات، ليس بسبب قرار مجلس الامن الذي هو قليل وجاء متأخرا جدا، بل من اجل تخويف وردع كل من يتجرأ على ضعضعة مكاننا المريح كمعفيين من العقوبة، مسبقا وبأثر رجعي، في البلاد وفي العالم.
إن نبأ تعيين مالكا يحتاج الى الاظهار في هذا الاسبوع، مع مرور ثماني سنوات على هجوم الشتاء الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، "الرصاص المصبوب"، الذي بدأ في يوم السبت الاسود في 27 كانون الاول 2008. وقد تم اعفاء اسرائيل في الساحة الدولية من التهمة والعقاب على قتل 760 مواطنا فلسطينيا محاصرين، بدون ملاجيء وبدون مكان يهربون اليه. اضافة الى 260 شرطيا، تم استهدافهم في مراكز الشرطة. وفي الساحة المحلية تم اعفاء مالكا من التهمة والعقاب على قتل 21 شخصا من عائلة سموني. وكالعادة قام الجيش بالتحقيق مع نفسه ووجد أنه بريء.
ولشدة الكارثة تحولت عائلة سموني، من حي الزيتون، الى رمز من رموز هجوم 2008 – 2009. وأمر واحد من مالكا بالضغط على الزناد في صباح 5 كانون الثاني أدى الى اطلاق بضعة صواريخ على المبنى الذي تجمع فيه مئات من أبناء العائلة. جنوده من جفعاتي قاموا باحتلال الحي قبل ذلك بيوم وقتلوا طفل وثلاثة اشخاص غير مسلحين في بيتهم أو قرب بيتهم، وأخرجوا السكان الخائفين من البيوت، وتم أخذ بعضهم من قبل الجيش.
لقد راقب الجنود عن قرب قافلة المسنين والرجال والاولاد والنساء مع الاطفال الصغار الذين ساروا في الجو البارد واعتقدوا أنهم معا وفي مبنى واحد سيكونون آمنين. خاصة أن موقع الجيش كان يبعد عشرات الامتار عن المبنى. وكان الجنود في الموقع يستطيعون رؤية الرجال حين خروجهم لاحضار بعض قطع الخشب لاشعال النار وتحضير القليل من الخبز للاولاد الذين بكوا من الخوف والجوع والبرد. ولكن الموقع العسكري الذي يملك القدرة التكنولوجية قام بترجمة الالواح
الخشبية الطويلة على أنها سلاح "آر.بي.جي"، فقام مالكا باعطاء الأمر. وقد تم اعدام من حملوا الالواح الخشبية ومعهم باقي المواطنين في المبنى، الذين عرف جنود مالكا بشكل جيد أنهم هناك.
ونحن هنا نذكر الاولاد والاطفال الرضع العشرة من عائلة سموني الذين قتلوا بأمر مالكا في ذلك الصباح: محمد (أقل من عام)، معتصم (عام)، عزة (عامين)، نصار (خمسة اعوام)، فارس (12 عام)، اسحق (13 عاما)، رزقة (14 عاما)، اسماعيل (15 عاما)، وليد (16 عاما) وهدى (16 عاما)، ليرحمهم الله.
في هذه الاثناء يستطيع مالكا، المعفى من التهمة والعقاب، أن يترأس المؤسسة التي ثلث السجناء فيها (حوالي 6.200 شخص حسب المعطيات التي تم تقديمها في هذا الشهر من مركز الدفاع عن الفرد) هم فلسطينيون من قطاع غزة والضفة الغربية وشرقي القدس. وفقط عن عدد قليل منهم يمكننا أن نقول إن أيديهم ملطخة بالدماء، 21 شخصا. و572 هم سجناء اداريون. ومثل مالكا وقادة اسرائيليون رفيعون آخرون، لم يسبق أن تمت محاكمتهم. وهم لم يقتلوا 21 شخصا، من بينهم 10 أولاد. وخلافا لمالكا، هم يعاقبون بالسجن المستمر دون سقف زمني، على شبهات ممنوع أن يعرفوا ما هي.
إن نسيان وتناسي قتلى عائلة السموني وآلاف المواطنين الفلسطينيين الآخرين هو جزء لا يتجزأ من فلسفة الوجود الاسرائيلي. مسموح لنا كل شيء، ومن يقاوم ديكتاتوريتنا هوالمجرم

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف