العنوان كان على الحائط. وزير الدفاع السابق موشيه آرنس، رجل اليمين المعروف، كتب عن الوضع غير المحتمل في شعفاط في شرقي القدس. وقد وصف آرنس وضع كان واضحا أن كل من له عقل لا يقترب منه. في شعفاط وأحياء المدينة الاخرى مثل جبل المكبر يعيش آلاف الفلسطينيون بدون حقوق اساسية ويتعرضون للاساءة من السلطات، وكذلك المسيحانيين اليهود الذين يعيشون في ساحات بيوتهم ويتقاسمون معهم الغرف. ولم يسبق أن كانت القدس موحدة: العرب هناك مكروهون ومعزولون.
هذا الوضع ليس جديدا. في اليوم الدموي أنا أتذكر الشاعرة نعومي شيمر التي كتبت قبل "تحرير" القدس الشرقية بقليل قصيدة "قدس الذهب". وقد وصفت شيمر شرقي القدس كمكان فارغ بدون سكان، "آبار المياه جفت/ ميدان السوق فارغ". وكان العرب بالنسبة لها شخصيات شفافة. وبالنسبة لها فان اليهود هم فقط البشر.
بهذا القول الحاسم ردت شيمر على منتقديها. "العالم الذي ليس فيه يهود هو بالنسبة لي كوكب ميت. وأرض اسرائيل الفارغة من اليهود هي بالنسبة لي ارض قفراء فارغة".
لقد تحولت قصيدة شيمر منذ ذلك الحين الى نشيد وطني تقريبا، خصوصا بعد احتلال القدس، المدينة المسماة "قدس الذهب". ومنذئذ والمدينة تنزف وتأخذ ثمنا باهظا من أبنائها اليهود والعرب معا. القدس الآن هي مدينة الدم والدموع.
حدثت أمس عملية شديدة نفذها أحد سكان شرقي القدس. أربعة تلاميذ عسكريون يهود فقدوا حياتهم. ودُمرت حياة اربع عائلات يهودية. وهذه العائلات ستنضم الى آلاف العائلات الاسرائيلية والفلسطينية. دفورا النبية كانت تقصد الأم في كل عائلة من هذه العائلات: "خلف النافذة تقف الأم وتبكي، لماذا لم تأت سيارته، لماذا تأخرت صافرة السيارة". دفورا النبية التي تغلب جنودها على جيش يفين، الملك الكنعاني، تضامنت مع أم سيسرا الذي كان خصمها المر. الأم هي أم هي أم هي أم في كل مكان وكل زمان.
يصعب الحديث عندما يموت الناس. ولكن في هذه الايام بالذات نسمع تصريحات المنفعلين في كل مكان. وبدل الاعتراف بالسياسة الخاطئة التي تخلد دائرة العداء والدم والدموع، يبثون المزيد والمزيد من الكراهية.
الآن بالذات يجب على جميع قوى السلام الخروج وتوجيه إصبع الاتهام الى اولئك الذين يستمرون، خلافا لما يطلبه العالم، في الاحتلال منذ خمسين سنة. الاحتلال الذي حول اسرائيل الى دولة سيئة السمعة في أرجاء العالم، ودم أبناءها يُسفك على مذبح المستوطنات ويعزز قوة الحركات المتطرفة والاصولية في الشارع الفلسطيني. هذه الحركات التي تعمل ايضا ضد مصالح الشعب الفلسطيني.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف