من يستغل عملية الدهس والضحايا من أجل العودة والمطالبة بتقسيم القدس، ومن يرقص على الدماء ويستغل الفرصة لاقتراح المزيد من الفصل واقامة الجدران، إنما يهرب من «الارهاب» بدل مواجهته. ومن يقوم بخداع الجمهور قائلا إن اخراج جبل المكبر من القدس، حيث يعيش القاتل، سينهي «الارهاب»، سيكتشف سريعا أن «الارهاب» سيلاحقه داخل أحيائه. إن من يؤيدون التقسيم يميلون الى القفز على فصول حيوية في قصة القدس في السنوات الاخيرة. ولا يقولون للجمهور كيف أن مئات العمليات قد أحبطت بفضل وجود الجيش الاسرائيلي و»الشاباك» في أحياء شرقي القدس. إن جدران الفصل ستجعل مواجهة العمليات واحباطها أمرا صعبا. وفي المقابل، ستكون في صالح من يريد الاختباء داخل هذه المناطق وراء الجدران من اجل زيادة «الارهاب». الجدران والتقسيم والمزيد من الأحابيل هي من صنع حاييم رامون وحركته «إنقاذ القدس»، ستزيد فقط من قوة «حماس»، و»الجهاد»، و»داعش»، الامر الذي سيصعب على «قوات الامن الاسرائيلية» مواجهتها. لقد تعلمنا بثمن دموي أنه لا يمكن مواجهة «الارهاب» عن بعد، وأن الطريقة الاكثر نجاعة لمحاربته هي العمل داخله وفي احيائه مع السعي الدائم الى مواجهته والاحتكاك به، أو مواجهة السكان الذين يمنحونه الغطاء. وبعد كل ذلك نقول: إن جميع سكان شرقي القدس ليسوا أعداء. الأعداء هم أقلية تعتدي علينا وتزرع الرعب والخوف في داخلهم ايضا. اغلبية سكان شرقي القدس يريدون العيش في القدس الموحدة كعاصمة لاسرائيل، واستغلال الامتيازات والحصول على مكانة وشروط مشابهة لليهود. والسكان العرب يستجدون من السلطات الاسرائيلية الدفاع عنهم في وجه زعران وقتلة «حماس» والخارجين على القانون والفراغ المدني الكبير الذي خلفته اسرائيل هناك. قيل ذلك وسيقال في المستقبل همسا كي لا يتعرضوا للاعتداء والقتل. هذه ليست قصة حب بل قصة مصالح. كلما زادت مصلحة الحياة المشتركة في القدس الموحدة تراجعت قوة «الارهاب». النسيج الاجتماعي المشترك والتطبيع القائم منذ سنوات، الى جانب الصراع الديني والقومي، خاصة بعيدا عن عيون وسائل الاعلام، هي التي تدخل الصراع في الاطار المحدود. ولولا الاختلاط ونسيج الحياة المشترك والمصالح الاقتصادية المتبادلة في التجارة والصناعة والفنادق والصحة والمواصلات وغيرها، لكان الوضع في القدس مختلفا تماما. النسيج المشترك يسمح بين الفينة والأخرى بحدوث امور مثل الدهس واستغلال حرية الحركة التي تمنحها الاقامة في القدس. ولكن بدون هذا الجواب، كان يمكن أن يكون الوضع أصعب بكثير. سيزيد التقسيم من حدة الأمر ويعرض الاحياء اليهودية مثل «غيلو» قبل أكثر من عقد، لاطلاق النار وكذلك على طول الخط الاخضر. الضائقة الديمغرافية لليهود في القدس ليست سببا للتقسيم ايضا، كما قيل مرات كثيرة من قبل رامون. هناك طرق جيدة لمواجهة هذا الامر، وهي معروفة لمتخذي القرارات، والهرب والتقسيم ليسا جزءاً من هذه الطرق.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف