بعد أن دمرت ليبيا وأثبتت عدم الاهتمام بالحرب الاهلية السورية، تتفرغ الآن فرنسا من اجل تجربة قوتها في تقدم العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين. ولم يطلب أحد من فرنسا التوسط بين القدس ورام الله. لكنها تغرق في ماضيها غير الفاخر كامبراطورية عالمية سيطرت على اجزاء من الشرق الاوسط. وهي على يقين بأنها ما زالت قوة عظمى دولية يهتم الجميع بموقفها. إلا أنه في الشرق الاوسط نفسه لا أحد يعير فرنسا أي اعتبار. ولا أحد يتطرق الى مبادرتها بشكل جدي. أولا لأن ايام الحكومة الحالية في باريس معدودة، وبعد الانتخابات الرئاسية القادمة سيدخل رئيس جديد الى قصر الاليزيه، وسياسته تختلف كليا. ثانيا، وهذا سبب مهم، لأنه بعد أقل من اسبوع ستسحب الارض من تحت المبادرة الفرنسية مع دخول ترامب الى البيت الابيض. لكن اضافة الى كل ذلك، لا أحد يتعامل مع فرنسا بجدية، لأنها منذ عشرات السنين تتخيل أنها قوة عظمى هامة ورائدة. تتخيل أنها تستطيع التأثير في أحد في المنطقة، لكن وزنها الفعلي هو صفر. إن شلل فرنسا بارز في سورية ولبنان. الدولتان اللتان حصلت عليهما فرنسا مع انتهاء الحرب العالمية الاولى. ولكن التزام فرنسا بهاتين الدولتين، وخصوصا تجاه الاقلية المسيحية التي تعيش فيهما، بقي دائما على الورق. فقد تركت فرنسا المسيحيين في لبنان وفي سورية ايضا، حيث أن فرنسا تشاهد الحرب الاهلية الدموية في سورية من الجانب. ليس غريبا أن لا أحد يتعامل بجدية مع مؤتمر باريس، ولا أحد يتوقع منه أي شيء. لكن اللامبالاة وعدم الاهتمام بالمؤتمر لا يتعلق بالدولة المستضيفة، بل بحقيقة أنه لا أحد يهتم في العالم العربي، ولا وقت له للاهتمام بالموضوع الفلسطيني. الجميع يريدون منع اندلاع موجة العنف في المناطق، لكن من هنا وحتى منح الموضوع الفلسطيني الافضلية على المشكلات الملحة، التي تواجهها الدول المختلفة، المسافة طويلة. مصر تغرق في ازمة اقتصادية وهي تناضل ضد موجة الارهاب الاسلامي لداعش. والسعودية يغرقون في جهود كبح توسع ايران. أما الاردن فيجد صعوبة في استيعاب ملايين اللاجئين من سورية والعراق الذين وصلوا اليه. إن الخطوة الفرنسية ليست خطوة فرنسية عربية تريد فيها فرنسا المبادرة الى أمر مشترك مثل المبادرة العربية التي تهتم بها دول المنطقة. وحتى في اوساط الفلسطينيين، باستثناء الجماعة المحيطة بأبو مازن، هناك عدم مبالاة تجاه خطوة باريس. والشعور هو أن هذه الخطوات تتعلق باعتبارات فرنسية داخلية أو باعتبارات ادارة اوباما – وليس بالضرورة الرغبة الحقيقية لخدمة المصلحة الفلسطينية. رغم نشاط فرنسا، لا أحد يهتم بالمنطقة. المؤتمر في فرنسا هو حدث غير مهم. الحدث الحقيقي سيكون في نهاية الاسبوع في واشنطن، حيث سيدخل ترامب الى البيت الابيض. والى العاصمة الاميركية توجه أنظار الجميع في الشرق الاوسط.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف