الحقيقة، هذا مثير للاشمئزاز. من جهة رئيس وزراء منتخب، يبدي منذ سنين عداء علنيا لمجموعة "يديعوت احرونوت". من جهة اخرى مالك المجموعة، الذي حسب سلوكه، دولة اسرائيل هي بملكية المجموعة. العلاقة بينهما، كما كشفت الشبكة الثانية، هي ليست من سنتين، بل منذ اكثر من عشرين سنة. وماذا تضمنت العلاقة؟ معقول الافتراض باننا لم نعرف ابدا. ولكن حقا من الصعب أن نسمع بان رئيس الوزراء، الزعيم غير المنازع للدولة، ينشغل بالتوسط بين نوني موزيس وبين مليارديريين. فليس بنيامين نتنياهو هو الذي يتوسط بل رئيس وزراء اسرائيل، الذي يستخدم – حسب المنشورات – مكانته وقدرته لتسويق دولتنا. كمواطن كان يسرني أكثر لو استخدم رئيس الوزراء علاقاته ومكانته كي ينقذ سلسلة من المصانع التي افلست في شمال البلاد، مثلا، وليس لتثبيت مكانته الجماهيرية من خلال الحرص على رفاه وانقاذ تجارة أحد الاشخاص الاقوياء في الدولة.
وأين هم باقي منتخبي الجمهور؟ اولئك الذي يفترض بهم ان يثبتوا لنا بانهم أبرياء من كل مصلحة شخصية كوزراء وكنواب. اين نفتالي بينيت، موشيه كحلون، آريه درعي، افيغدور ليبرمان وموشيه جفني. احد من "اليسار" لا يحاول اسقاط رئيس وزراء قائم. ببساطة، المستشار القانوني للحكومة، النيابة العامة والشرطة، يقومون بواجبهم، ويحققون بشبهات في قضايا فساد هي ظاهرا من أكبر القضايا التي شهدتها البلاد.
ان محاولات بعض الاشخاص مثل بينيت، اغماض عيون الجمهور في أن الحديث يدور هنا عن يسار أو يمين، تقترب من الخداع للجمهور. قد يكون يعرف اكثر منا ما يجري في التحقيقات، ولكنه بالتأكيد لا يعرف كل شيء.
الجمهور لا يعرف بعد شيئا، وهو يتعرف قطرة قطرة على الاشرطة التي وصلت الى اخبار 2 ونحن نتلقى نحو 100 كلمة من المحاضر اليومية بتقنين، من مادة الادلة التي تشير الى فساد سلطوي ظاهر – حتى لو كان رئيس الادعاء العام في اسرائيل، د. افيحاي مندلبليت، سيمتنع عن تقديم لائحة اتهام.
يتبين لنا كل يوم باننا أسرى لدى رئيس وزراء يستخدم المليارديريين من البلاد ومن الخارج كي يمول نمط حياة فاخرا – ولا توجد وجبات مجانية في العالم. ارنون ميلتشن، جيمز باكر، شيلدون ادلسون وارنون موزيس هم رجال اعمال مختصون بالتجارة. فما الذي حصلوا عليه مقابل التمويل؟ ليس معروفا. قد نعرف وقد لا نعرف. ولكن هذا انتن من التعفن. واذا نظرنا الى رئيس الوزراء فاننا نرى أنفسنا نتعفن بسرعة.
ما يحصل في مجموعة "يديعوت احرونوت" هو شأن المالك والعاملين. ولكن ليس واضحا كيف يمكن لرئيس وزراء أن يؤدي مهامه في عدد لا يحصى من المجالات (هو ايضا وزير في أربع وزارات)، عندما يخضع للتحقيق، وتكون زوجته وابنه مطالبين بالادلاء بشهادتيهما.
اذا كنا نرغب في أن نؤمن باننا نعيش في ديمقراطية، يمكن ويجدر بنا أن نطلب من نتنياهو الخروج في اجازة (سموا هذا انعدام قدرة على الحكم، او كيفما كان يناسبكم)، على الاقل حتى نهاية التحقيقات؛ زملاؤه في الائتلاف ملزمون بان يطالبوه فورا بالتنازل عن حقيبة الاتصالات. وذلك لأنه اذا كان هذا يعد الآن رائحة كريحة، فبعد نصف سنة ستؤدي الرائحة الكريهة الى تعفن تام.
منذ التنصتات الخفية لم تكن أزمة ثقة كهذه. وفي حينه كان ناشرون هم المتورطون، وليس رئيس وزراء. ولكن لا يوجد من يمكن التوقع منه، ولا يوجد من يمكن مطالبته. فأعضاء "الليكود" يحمون زعيمهم، بتضحية ذاتية زائفة على نحو مخيف، مستعدون لان يدفعوا كل شيء الى الانهيار، يقصفون باحابيل اعلامية صبيانية، كالاقوال الغنية عن مؤتمر باريس، وكأن هذا يغير وسيغير جوهر الحكومة والكنيست العشرين.
في الفترة القريبة القادمة سنرى ونسمع المزيد من التسريبات، فقط كي نعرف ما هو واضح منذ الآن. إذن ماذا تقولون؟ هل نبعث بنتنياهو وعقيلته، بالطبع، لجمع التبرعات لدى الاصدقاء (100 مليون فقط، قروش في تعابير المال – الحكم) ليوم الاستقلال السبعين للدولة؟ فكلنا، وهو ايضا نعرف بانه بعد سنة ونصف السنة سيكون مشغولا بمحاكمته، اما نحن فلن يكون لنا سبب للاحتفال.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف