- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2017-01-21
لم تكتف سلطات الاحتلال بممارسة سياسة العقاب الجماعي المتنافية والمتعارضة مع كل القوانين والشرائع والديانات السماوية والمعتقدات الوضعية، بل أخذها تفكيرها المتوحش والظالم والعنصري نحو ممارسة وانتهاج سلوكيات غير إنسانية وغير أخلاقية ولا تنتمي للمجتمع المتحضر بصلة. فقد أضافت إلى سياسة هدم بيوت ومنازل المناضلين الفلسطينيين الذي بدأه موشي دايان في وقت مبكر جدا بعيد احتلال الضفة والقطاع عام 1967، أساليب جديدة لم تدر في خلد وتفكير أي محتل سبق له وغزى أو احتل هذه الأرض القيام بحجز وتجميدجثامين الشهداء في الثلاجات لشهور طويلة بعد ان كانت تدفنهم في مقبرة الأرقام. فهذه السلوكيات والممارسات غير الأخلاقية والتي يندى لها جبين الإنسانية جمعاء تعكس حالة او مرحلة من اليأس وفقدان الأعصاب والهستيريا والهذيان وتدني مستوى الاخلاق لدى إسرائيل. فالاحتلال ما زال يعتقد وبالأدق يتوهم بأن إتباعه لمثل هذه الأعمال والتصرفات والسلوكيات والممارسات الوحشية وغير الإنسانية وغير الأخلاقية من شأنها أن توقف ثورة شعب فلسطين ضد الاحتلال. فالابتزاز الرخيص وغير الأخلاقي الذي تتبعه إسرائيل منذ عام 1967 وحتى تاريخه لم يحقق لها ما تبتغيه. فهي لم تترك وسيلة قمع وإرهاب وبطش وهدم وطرد وقتل واعتقال وتعذيب وحصار ضد شعب فلسطين إلا واتبعتها لكن دون فائدة أو جدوى. لقد مارست سلطات الاحتلال سياسة العقاب الجماعي وأغلقت الشوارع ومداخل القرى بتلال رملية ومكعبات اسمنتية ووضعت الحواجز الدائمة والمؤقتة واقامت جداران من الفصل العنصري وحظرت الدخول والخروج إلا ضمن وخلال ساعات محددة لكنه على قسوته لم يستطع إطفاء جذوة الانتفاضة أو التأثير على معنويات الشعب الفلسطيني تجاه مقاومة الاحتلال؟ لقد ساعدت مجموعة عوامل محلية وإقليمية ودولية على امعان سلطات الاحتلال بالاستمرار بهذه السلوكيات الوحشية وغير الإنسانية، وخاصة انشغال الدول العربية الرئيسة والمحورية في حروب إرهابية طاحنة والتطبيع المجاني مع سلطات الاحتلال وصمت المجتمع الدولي وخاصة الغربي عن جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بالإضافة بالطبع للمفاوضات العبثية التي استمرت لنحو ربع قرن بدون نتائج تذكر. لقد شجعت العوامل المذكورة في إدارة الاحتلال الإسرائيلي الظهر لكل العالم وتصليب مواقفه والاستمرار في نهجه العدواني. فانعدام الضغوط الإقليمية والدولية وميوعة المواقف الفلسطينية والعربية بالذات على مواصلة تماديه في انكار الحقوق الفلسطينية والعربية. فقد باتت إسرائيل صديقة للعديد من الدول العربية لذا فما الذي يجبرها على الانصياع للقرارات الدولية ما دامت مصالحها محافظ عليها وتزداد رسوخا والتطبيع جار مع دول الجوار؟؟ الرفض الشعبي الفلسطيني والمواجهات شبهة اليومية مع قوات الاحتلال وحملة المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية التي بدأت تسجل نتائج معقولة واحيانا ملموسة تتباين من دولة أوروبية إلى أخرى أسست لحالة من النفور والزهق والملل الدولي من التصلب والعنجهية والغرور الإسرائيلي مما دفع بمجلس الامن للمصادقة على القرار رقم 2334 في الشهر الماضي المتعلق بإدانة الاستيطان واعتباره غير شرعي ،مما ساهم في حشر سلطات الاحتلال والضغط على التركيبة الحكومية اليمينية فيها والتي بات من غير المستبعد ان تتفكك وتتصدع بما في ذلك التوجه لعقد انتخابات مبكرة، وقد سرع في تأجيجها عوامل الفساد التي تلاحق رئيس الحكومة. ما تمارسه سلطات الاحتلال بحق شعب فلسطين من سلوكيات غير أخلاقية وفي مقدمتها حجز جثامين الشهداء في الثلاجات وهدم البيوت والمحلات، لن يفك من عضد وصلابة الصمود الشعبي الفلسطيني. فشعب فلسطين إذ يؤلمه هذه السلوكيات الوحشية بحق خيرة شبابه لكنه ووفقا لتصريحات ذوي الشهداء (زوجاتهم وامهاتهم وابنائهم وآبائهم وأخوانهم) فإن ليس من شان ذلك أن يضعف من عزيمتهم أو يلين من ارادتهم. لقد عقد شعب فلسطين العزم على مواجهة المحتل وتحرير الأرض والبقاء في القدس العربية تحت كل الظروف، مدركين سلفا للثمن الذي لا بد أن يدفع مقابل التحرر والاستقلال. فلا هدم البيوت والمنازل الذي اتبعه الاحتلال على امتداد العقود الخمسة الماضية ولا حجز جثامين عشرا ت الشهداءولا إطلاق النار على من المسافة صفر على شباب وشابات شعب فلسطين ولا هدم المنازل وسحب هوياتهم قادرة جمعيها وغيرها على وقف أو اضعاف روح الانتفاضة. ما يزيد النفس إيلاما ليس ما تقوم به سلطات الاحتلال ضد أبناء القدس ومؤسساتها وبيوت الشهداء فحسب، فهذا كله متوقع ويتحمله شعبنا كثمن لا بد منه، لكن ما يولد الغضب والاستنكار والغرابة هو صمت المؤسسات الرسمية الفلسطينية سواء في منظمة التحرير او السلطة الوطنية عن كل ما تفعله وتمارسه سلطات الاحتلال ضد أحياء القدس وداخل فلسطين في قلنسوة وام الحيران في النقب. فهذا الصمت المخجل لا يمكن للفلسطيني ان يقبله أو يهضمه أو يستوعبه أو يبرره، هنا الحزن والمأساة الحقيقية للشعب الفلسطيني. فالاكتفاء بالبيانات والاحتجاجات عما تفعله وتقوم به سلطات الاحتلال مخزي ولا يرتقي لحجم التضحيات الكبيرة التي يقدمها شعبنا يوميا في كافة المواجهات بالمدن والمخيمات كافة. شعبنا يقبل على مضض صمت العرب الرسميين ولكنه لا يمكن له أن يقبل التجنح الرسمي الفلسطيني وكأننا قضيتان أو شعبان وليس قضية واحدة وشعب واحد. إسرائيل تجاوزت مرحلة الجنون إلى الهستيريا وعدم الاتزان في اتخاذ القرارات غير الأخلاقية ضد صمود شعب فلسطين. فهي تراود وتراجع نفسها كيف أنها استطاعت وتمكنت من ترويض أنظمة عربية كثيرة واقامت معها علاقات استراتيجية وطيدة بما فيها حفلات الرقص والفرح المجون، لكنها لم تتمكن بعد من تركيع وترويض شعب فلسطين العظيم؟ ولهذا السبب بالذات هي تعيش في مرحلة الهستيريا. شعب فلسطين أقسم بكل القيم والمبادئ بأنه سيبقى عصيا على الترويض والقبول بالأمر الواقع الذي تحاول سلطات الاحتلال فرضه مهما كلفه الامر من تضحيات جسام. ذلك هو قدره ولن يتخلى عنه ابدا.