- الكاتب/ة : أيال غروس
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-01-24
في تفسيره لهدم البيوت في أم الحيران، قال وزير الامن الداخلي جلعاد اردان "إنه يوجد قرار لمحكمة العدل العليا وسيتم تنفيذه". ونحن نفهم من هذه الاقوال أن هناك قرار لمحكمة العدل العليا يلزم بهدم البيوت في المنطقة البدوية. ايضا المقالة الافتتاحية في "هآرتس" تحدثت عن أمر مشابه وأشارت الى أنه من ناحية رسمية "على الدولة تبني وتطبيق قرارات محكمة العدل العليا، سواء كان ذلك تجاه المستوطنين في عمونة أو البدو في أم الحيران" (19/1). وتمت الاشارة ايضا الى أنه يجب على الدولة العمل ضد المخلين بقوانين البناء في قلنسوة أو في بيت ايل وعوفرا.
لكن لا يوجد أساس لهذه الاقوال، والمقارنة بين عمونة وأم الحيران خاطئة من ناحية قضائية، ومن ناحية اسئلة العدالة التي تنبثق عنها. صحيح أنه يوجد في حالة عمونة قرار لمحكمة العدل العليا يلزم باخلاء المستوطنة، وهذا بناء على طلب اصحاب الارض الفلسطينيين الذين قدموا دعوى بهذا الشأن. الدولة ملزمة بتنفيذ قرار الحكم، واذا لم تفعل ذلك فهي تكون متواطئة مع المستوطنين في سرقة الاراضي.
في حالة أم الحيران ليس هناك قرار حكم يلزم باخلاء المنطقة، وليس هناك اصحاب خاصين للارض، كي تضطر الدولة للدفاع عن حقوقهم التي اعترفت بها محكمة العدل العليا. الدولة هي التي تطلب اخلاء السكان البدو. صحيح أن هذا الطلب قد حصل على الموافقة من محكمة العدل العليا، لهذا يسمح لها باخلائهم حسب القانون، لكنها غير ملزمة بفعل ذلك. وليس هناك أي قرار حكم لمحكمة العدل العليا في هذا الامر، بل يوجد قرار حكم في اطار عملية مدنية طلبت الدولة من خلالها طرد سكان أم الحيران من بيوتهم. وهذا ليس تمييزا تقنيا بل جوهريا، حيث يؤكد على أن الحديث يدور عن صراع بين الدولة وبين سكان أم الحيران، وليس دعوى لمحكمة العدل العليا من قبل اصحاب الارض التي سرقت مثلما حدث في عمونة.
سكان أم الحيران لم يأتوا ويستولوا على اراض بعد أن اقتلعوا اصحابها. فهم يعيشون في أم الحيران منذ ستين سنة بعد انتقالهم الى هناك بأمر الحاكم العسكري، أي حكومة اسرائيل. ايضا محكمة العدل العليا التي رفضت استئنافهم قالت إنهم يسكنون فوق الارض بموافقة الحكومة الاسرائيلية، الامر الذي جعل القاضية دفنه براك آرو تسجل موقف أقلية في قرار الحكم.
إن مقارنتهم مع المعتدين في عمونة ليست تجاهلا لكل هذه الفوارق فقط، بل ايضا تجاهلا للاستيطان في عمونة. واخلاء أم الحيران لاقامة الحاضرة اليهودية حيران هو الامر المشابه: في الحالتين الحديث يدور عن اخلاء العرب من اجل توسيع الاستيطان اليهودي. في حالة أم الحيران الحديث يدور عن تحطيم حاضرة بدوية كاملة من اجل اقامة حاضرة يهودية.
من ناحية رسمية، يمكن حسب القانون انهاء "الاذن" الذي تم اعطاءه للبدو للسكن في أم الحيران. ولكن هذا فيه تجاهل للطابع التمييزي الذي يتم بحسبه توزيع الممتلكات في اسرائيل. وخلافا لليهود الذين يحصلون على حقوق ملكية للارض التي يسكنون فوقها، فان حقوق البدو في الاراضي التي سكنوا فوقها بأمر من الدولة، لم يتم ترتيبها. وبشأن الادعاء أن البدو قاموا بالبناء بدون اذن، فهو يتجاهل حقيقة أنهم اضطروا الى ذلك بسبب حكومات اسرائيل المتعاقبة التي أدخلتهم الى منطقة لم يتم الاعتراف بها.
وقد تطرق تقرير لجنة أور في حينه الى ضائقة البناء في المناطق العربية، الذي يعتبر غير قانوني بسبب عدم وجود التخطيط الملائم. لذلك فان المقارنة بين البناء في أم الحيران والبناء في عوفره أو عمونة هو استخفاف بالعقل ويهدف الى احداث البلبلة بين المعتدين وبين المعتدى عليهم.