تتجدّد معاناة الأم الفلسطينية نوال حسام أبو سرور (أم النورس) في بداية كل شهر، إذ لا بد أن تدبّر مبلغ خمسة الآف شيكل (ما يوازي 1312 دولاراً أميركياً)، حتى تحوّله إلى أبنائها الثلاثة القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات، من أجل شراء احتياجاتهم الأساسية من الطعام والملابس وغيرها من الضروريات.
وتتكرّر معاناة أم النورس مع عائلات سبعة آلاف أسير في سجون الاحتلال، وفقاً لإحصاء صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، "إذ تقلّل سلطات مصلحة سجون الاحتلال كميات الأرز والخبز والحليب المقدّمة للأسرى، فيما تعمد إلى توفير وجبات رديئة ومتدنية من حيث قيمتها الغذائية ومستوى نظافتها، إذ يطبخها المساجين الجنائيون الإسرائيليون، ضمن منظومة لابتزاز الأسرى وإجبارهم على شراء احتياجاتهم من "كانتين" السجن، عبر تحويلات مالية من ذويهم، أو من السلطة الوطنية الفلسطينية"، بحسب ما يؤكد الأسير المحرر علاء حسن الريماوي، والذي أمضى 11 عاماً في سجون الاحتلال.
ويصف الريماوي ما تقوم به سلطات الاحتلال بـ"الابتزاز" الممنهج وسرقة أموال الأسرى وعائلاتهم التي تعاني جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن "الأمر تعدّى بيع السلع في كانتين السجون بأسعار مضاعفة إلى فرض غرامات تقتطع مباشرة من حساب الأسير"، وتابع موضحاً "إذا كان كيلو الأرز يباع في السوق الإسرائيلية بدولار واحد على سبيل المثال، فإن الأسير مجبر على شرائه بضعف ثمنه، وفي حال احتاج الأسير إلى حذاء يعادل ثمنه 20 دولاراً في السوق يجده في الكانتين بـ 100 دولار!".
اتفاقية مجحفة
في عام 2004، بدأت مصلحة سجون الاحتلال في إدارة ما يُعرف بالكانتين (متجر السجن) عبر شركات تجارية إسرائيلية خاصة تزوّد السجون باحتياجات الأسرى الأساسية والكمالية، ومنذ ذلك الوقت بدأت في التنصّل من التزاماتها تجاه الأسرى وتقليص مسؤولياتها الواجبة، بحسب وزير شؤون الأسرى والمحررين السابق أشرف العجرمي، والذي أوضح أنه على الرغم من دفع السلطة مبلغ 250 شيكل شهرياً لكل أسير إلا أن الأسرى كانوا يشتكون من عدم وصول جزء كبير من المبالغ المخصصة لهم، وعدم انتظام وصولها، الأمر الذي دفع السلطة إلى البحث عن آلية شفافة وسريعة لتوصيل تلك الأموال، وبالفعل حصلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (وزارة شؤون الأسرى والمحررين سابقاً)، على موافقة الحركة الأسيرة بكل أطيافها لتوقيع ما يعرف باتفاقية الكانتين.
وبحسب الاتفاقية ومحضر الاجتماع الذي جرى في مكتب المستشار القضائي لمصلحة سجون الاحتلال في يناير/كانون الثاني عام 2008، والذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، فإن الجانبين اتفقا على عدة بنود، من بينها إبلاغ مصلحة سجون الاحتلال وزارة الأسرى والمحررين بعدد السجناء الأمنيين والجنائيين شهرياً، وأن تحول السلطة سلفاً 250 شيكل شهرياً لكل سجين من الضفة وقطاع غزة، وأن تكون مشترياتهم عن طريق شركة (د.د.ش مفتسية هدروم - شركة موزعو الجنوب)، المعتمدة من قبل مصلحة السجون لتوريد الكانتين للسجون، وأن تتلقى السلطة فاتورة ضريبية لتتمكن من الحصول على الخصم الضريبي.

لكن رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع يرى أن الاتفاقية جاءت نتيجة للظروف السيئة والضاغطة التي خلقتها إسرائيل، واصفاً سياقاتها بالمجحفة وغير القانونية، وتابع في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن هناك عدة ثغرات في الاتفاقية من بينها أنها نصّت على دفع السلطة مخصصات للسجناء الفلسطينيين الجنائيين بالإضافة إلى الأسرى، لافتاً إلى أن عدد الجنائيين في سجون الاحتلال يترواح شهرياً ما بين 800 سجين إلى 1200 سجين، كذلك استثنت الاتفاقية أسرى القدس والأراضي المحتلة عام 1948، "الأمر الذي يعد خطأً مبدأياً" على حد قوله.



ورفعت السلطة الفلسطينية مخصصات كل أسير من 250 شيكل شهرياً إلى 300 شيكل، ثم إلى 400 شيكل، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، والتي أوضحت لـ"العربي الجديد" أن الصندوق القومي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية يدفع 33 مليون شيكل سنوياً لمصلحة سجون الاحتلال، نظراً لاحتجاز سبعة الآف أسير في سجون الاحتلال يتوزّعون على 23 سجناً إسرائيلياً، فيما يحول ذوو الأسرى أضعاف هذا المبلغ، كل حسب قدرته وطاقته المادية

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف