- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2017-02-07
قررت جامعة بروكسل ، إنشاء مقعد للدراسات الأكاديمية باسم الشاعر العربي الكبير ، شاعر فلسطين محمود درويش ، تقديراً لمكانته الوطنية والقومية والأممية ، ودوره في إغناء التراث الإنساني كمناضل من أجل الحرية بأفاقها الرحبة ، خالية من التعصب والعنصرية والعداء للأخر .
محمود درويش صنع لشعبه مكانة في مواجهة الظلم والاحتلال والعنصرية والفاشية التي يمارسها بأبشع صورها المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ، فخدم شعبه من خلال إبداعاته الشعرية ، وقناعاته المبدئية ، ووطنيته الراسخة التي لا تحتمل المساومة ، ومن خلال رؤيته الواسعة الأفق خدم شعبه باتجاهين متكاملين :
أولهما : قدم رواية شعبه ، كشعب تعرض للظلم والاحتلال والعنصرية لمن هو مقيم في منطقتي الاحتلال الأولى عام 1948 ، والاحتلال الثانية عام 1967 ، وأولئك الذين طُردوا وتشردوا خارج وطنهم من اللاجئين ، ويتطلع مثل كل شعوب الأرض للحرية والكرامة والتقدم والسلام من خلال مشروعه الوطني الديمقراطي الفلسطيني .
وثانيهما : تعرية زيف الرواية الصهيونية الإسرائيلية ، ودحضها ، ومشروعها الاستعماري التوسعي الإسرائيلي على أرض فلسطين ، وتحالفاتها مع الاستعمار والامبريالية ، وعدائها للشعوب ، وحقوق الإنسان ، وتعارضها مع قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية .
لذا أن تسجل جامعة بروكسل البلجيكية مقعداً للدراسات باسم محمود درويش فهذا يعني رفض الجامعة وقيمها والقائمين عليها للرواية الاستعمارية الصهيونية ، وتقديرهم لصدق الرواية الفلسطينية وشرعيتها ، واحترام توجهاتها وتطلعات شعبها ومتى ؟؟ في وقت تجتاح أوروبا بشكل عام وبلجيكا بشكل خاص عمليات الأرهاب و” فوبيا الإسلام والعروبة “ ما يدلل على عمق الفهم التقدمي الديمقراطي والإنساني لدى الأوروبيين ولدى أهل بلجيكا وقياداتها ، وتفريقهم بين المسلمين والعرب كشعوب يتوسلون الندية والتعايش والكرامة والسلام مع الأخر ، وبين المتطرفين الذين يمارسون الأرهاب ، وأن الأرهاب ليس صفة من صفات شعوب العالم العربي والإسلامي ، بل هو تطرف سياسي عابر للحدود يمارسه أفراد أو تنظيمات يتبعون الإسلام أو المسيحية أو اليهودية ، فقد سبق وأن عانت أوروبا من تطرف تنظيمات سياسيه يسارية ، مارست الارهاب قبل أن تذوي وتتلاشى وتتم هزيمتها بالديمقراطية والأمن وتماسك الشعوب ومؤسساتها في وجه الأرهاب ودعاته.
الإرهاب عابر للحدود ، وأكثر ما يعاني منه ودفع ثمنه هم العرب والمسلمون ، أكثر من الفئات والشرائح الأخرى وها هي عملية مهاجمة المسجد في مقاطعة كيبيك الكندية دلالة على ذلك .
ما قامت به جامعة بروكسل هل يمكن أن تغار منه الجامعات في العالم العربي ، وتُؤسس مقعداً أكاديمياً مماثلاً لشاعر فلسطين الكبير ورمزها وأبرز ضمائرها ومثقفيها ومبدعيها محمود درويش ؟؟ .