- الكاتب/ة : ناحوم برنياع
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-02-07
منذ أشهر يمطر على مستهلكي الاعلام في الولايات المتحدة نظام غذائي ليس فيه سوى وجبة واحدة: ترامب، ترامب، ترامب. هكذا حتى الانتخابات وفي الفترة الانتقالية بعد الانتخابات، وهكذا الآن ايضا، بعد اسبوعين من التنصيب. لا يتصدر ترامب جدول الاعمال فقط، بل هو جدول الاعمال الوطني والدولي: لا غيره. هذه الحمية استثنائية جدا وغير صحية جدا. وهي تذكر بالفيلم الوثائقي «الأكل بوفرة» الذي انتج في العقد الماضي عن همبورغر ماكدونالز: فبعد شهر من الحمية التي كلها ماكرويل سمُن بطل الفيلم 12 كيلوغراما وتدهورت صحته. ولو واصل العيش على الطعام الجاهز (جانك فود) لمات. ينبغي للترامبية أن تقلقنا لعدة أسباب: أولا، لأن للقرارات والتغريدات التي تصدر عن البيت الابيض تأثيراً لا بأس به على حياتنا، نحن مواطني العالم، وسكان الشرق الاوسط، ويهودا واسرائيليين؛ ثانيا، لأن ترامب يشكل نموذجا للاقتداء. الكل يريدون أن يكونوا ترامب – ليس فقط نتنياهو وبينيت ومارين لوبن، بل ميري ريغف؛ ثالثا، لأن الثورة ليست سياسية فقط؛ فالتطلع هو الى ثورة ثقافية واجتماعية، تسقط القيم الاساسية في المجتمع الأميركي، وتفرض قيما أخرى بدلاً منها. هذه ليست الدولة التي تطلع اليها العالم الحر، والاسرائيليون من بينهم. هذه أميركا أخرى. تقول الغريزة الاساسية فلينجح. إذا كان مسعاه اغلاق بوابات أميركا سيمنع أعمال الارهاب ويضرب الاسلام المتطرف – فليتبارك؛ إذا أعاد الضغط الذي يمارسه على المكسيك وعلى الصين الى الولايات المتحدة مصانع وأماكن عمل، فليتمجد؛ اذا حسنت الخطوات التي يتخذها ضد ايران الاتفاق النووي وأوقفت برنامج الصواريخ الايراني – فسيكون الاعظم بين الجميع. سنغرس شجرة على شرفه، هي الكبرى بين الاشجار، في جادة محبي أمم العالم. أحيانا تكون منفعلة في الخطوات الدراماتيكية والتصريحات الفظة: فهي تزيد مجال المناورة للحاكم الجديد وتردع الاعداء. فأميركا تحت أوباما اعتبرها خصومها من الداخل ومن الخارج عقلانية جدا، سلبية، وانهزامية. لعله حان الوقت لبيت أبيض من نوع آخر، فاعل، هجومي، وغير متوقع. توجد فقط مشكلة واحدة في أقوال المواساة هذه: فهي تذكر بالرد في العالم بعد صعود موسوليني الى الحكم. ايطاليا المنبطحة، المشلولة من الداخل، صعدت من الرماد. وصلت القطارات في الوقت؛ عاد العاطلون عن العمل الى الانتاج؛ عرف كل واحد مكانه، ومن لم يعرف أبعد واختفى؛ نبضت روح جديدة في الشعب، روح طيبة، بطولية، موحدة. وقد سحرت الكثيرين في العالم، في الخارج ايضا. انتهى هذا بالبكاء. ترامب ليس موسوليني؛ كما أنه ليس هتلر، كما يدعي بعض المتظاهرين ضده. التاريخ يكرر نفسه فقط في القصائد. ولكن الدروس موجودة، وأهمها أن النظام الذي يعيش على كراهية الاجانب، كراهية الأقليات، الانغلاق والانعزالية هو نظام خطير. خطير قبل كل شيء على اليهود وعلى الاسرائيليين. اسرائيل يمكنها ان تستخلص منفعة هامشية من نظام كهذا في أذربيجان أو في روسيا البيضاء. وهي لا يمكنها أن تسمح لنفسها بأميركا كهذه. لقد ثبّتت اسرائيل مكانتها في الولايات المتحدة بفضل عدة عوامل. ثبتتها جيدا: استطلاع معهد «يو – جوب»، الذي نشر الاسبوع الماضي، يعرض اسرائيل في المكان الـ 16 بين الدول المحبوبة (المكان الخامس بين الجمهوريين، و28 بين الديمقراطيين). في العام 2014 كان وضعنا أفضل: كنا في المكان السادس. لم تكن كراهية المسلمين بين أسباب التعاطف مع اسرائيل، ولا حتى بالتلميح. والفصل الوحيد في تاريخنا الذي خلقت فيه الحرب ضد العرب مصلحة مشتركة كان في الحلف مع فرنسا في الخمسينيات والستينيات، والذي بني على الحرب في الجزائر. عندما انسحبت فرنسا مات الحلف. ماتت القيم المشتركة، مات تعليم الفرنسية في المدارس، ماتت الشانسونات (الأناشيد الفرنسية). هذا الدرس يجب أن يحفظه عن ظهر قلب كل من يبني على الحرب بين ايران وأميركا ترامب. حرب من المشكوك حدوثها، ومن المشكوك ان تجدي أمناً لاسرائيل. ستكون خيانة. ترامب، الذي يعيش على نحو ممتاز مع بوتين، يمكنه ان يعيش على نحو ممتاز مع آية الله خامينئي أيضا. هذه القصة ستنتهي بالبكاء. السؤال هو أين ستكون إسرائيل عندما تنتهي القصة.