- الكاتب/ة : شلومو تسيزنا
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-02-19
تم في واشنطن، هذا الاسبوع، الدفن الرسمي لاقامة دولة فلسطينية. دولة سيادية، مع جيش، سيطرة على الارض، مجال جوي، أو خط حدود. «دولة واحدة، دولتان، ما تقررونه أنتم»، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فشطب ثماني سنوات من ولاية سلفه، باراك اوباما. في حينه كان الشعار واضحا ومعاكسا: دولتان، هكذا قررت. لقد انتخب ترامب وهو يعلن اني سأفعل الأمور بشكل مختلف. فقد قال: «اتنافس على منصب رئيس الولايات المتحدة وليس رئيس العالم. عندي، أميركا اولا». وهذا الاسبوع، الى جانب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حقق وعدا انتخابيا آخر له. لقد تصرف ترامب كصديق قديم، ومنح نتنياهو هدية مجانية أمام ناظر الجميع: تصريح نوايا يقول ان هذا النزاع سيحل فقط بالحل الوسط، ليس بضغوط من القوة العظمى. وتذكر رئيس الوزراء، هذا الاسبوع، لقاء كان له قبل نحو سنتين مع نائب الرئيس السابق، جو بايدن، إذ أوضح انه لن يتنازل أبدا عن السيطرة الاسرائيلية في «يهودا» و»السامرة». فصرخ بايدن: «ما تعرضه عليهم ليس دولة سيادية». فأجابه نتنياهو: «سمها كما شئت. ولكن هذا كل ما أعرضه». لا يريد نتنياهو دولة واحدة مع الفلسطينيين، ولكنه أيضا ليس مستعدا ليمنحهم دولة سيادية بين النهر والبحر. «لا أريد أن أحكم مليوني فلسطيني. لست معنيا بان يكونوا رعاياي، ولكني أيضا لست معنيا بان أكون عرضة لاستقرارهم المهزوز. دول قوية انهارت في المنطقة، وجاء الاسلاميون المتطرفون مع أعلام بلون أخضر (حماس) أو بلون اسود (داعش)»، شرح نتنياهو. وبعد هذا التفسير، غادر بايدن وتوقفت المفاوضات مع الفلسطينيين. كانت مسألة «الدولتين» اللغم المركزي لنتنياهو في رحلته الى واشنطن، هذا الاسبوع. فرئيس «البيت اليهودي»، الوزير نفتالي بينيت، حذر من أنه اذا واصل نتنياهو التمسك بحل دولة فلسطينية، فسيهز الامر الائتلاف ويؤدي الى هزة ارضية. ومع أن نتنياهو امتنع عن القول انه تراجع عن مبدأ الدولتين الذي تعهد به في خطاب بار ايلان قبل نحو ثماني سنوات، الا انه في النهاية أرضى بينيت ومعظم وزراء «الليكود» ولم يذكر على الاطلاق موضوع إقامة الدولة الفلسطينية. في اللقاء المغلق كرر نتنياهو على مسمع ترامب المبدأ الذي قاله لاوباما ايضا في لقائه الاول: اريد اتفاقا نزيها مع الفلسطينيين، ومستعد للمساومة. والطرف الآخر ايضا ملزم بالمساومة. وقبل كل شيء، الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود في حدود ما. ثانيا، اسرائيل ستبقى وستسيطر في كل المنطقة لضمان امنها. قال نتنياهو ذلك، وصدقه ترامب. هذا بالضبط ما تغير في البيت الابيض. الولايات المتحدة في عهد ترامب تقف الى يمين اسرائيل، توضح للفلسطينيين بان الانجازات ينبغي اكتسابها في المفاوضات فقط، وفقط إذا ساوم الطرفان. ترامب لم يتحدث عن انهاء الاحتلال، ولا عن اخلاء المستوطنات. وبمفاهيم يعرفها من عالم الاعمال التجارية، يريد صفقة جيدة لا يشعر بها كل الاطراف بانهم إمعات. بخلاف اوباما «مؤيد الضعفاء»، جاء ترامب الذي يؤمن بان لاصحاب القوة امكانية لفرض تسوية نزيهة. في نهج «دولة، دولتان، ما تريدون» لترامب، من الواضح أن ليس لديه مذهب مرتب للتفاصيل اليومية التي بين النهر والبحر. لا في موضوع قانون التسوية ولا بالنسبة لضم «معاليه ادوميم». مصالح قومية أعدت طواقم العمل جملة مواضيع للقاء الزعيمين. شدد نتنياهو على تأييد فكرة نقل السفارة الى القدس، طلب اعترافا أميركيا لضم هضبة الجولان، واقترح أن يدرس الأميركيون تخفيف شروط الافراج عن جونثان بولارد، بحيث يتمكن من زيارة اسرائيل. حيال الموقف الثابت للجامعة العربية والفلسطينيين، في أنهم لن يتنازلوا عن انسحاب اسرائيلي الى خطوط 1967، ينشأ الانطباع بان ترامب في الجانب الاسرائيلي. كل اسلافي ارادوا جلب السلام لهذه البلاد، قال ترامب، أنا قادر على النجاح في ذلك. في أي فرصة اخرى، فان قولا لرئيس جديد بانه سيسعده لجم البناء في المستوطنات، وانه يتوقع تقديم تنازلات في الطريق الى السلام (حين يتبين في يوم اللقاء بان رئيس جهاز الاستخبارات الأميركي التقى ابو مازن في رام الله)، يمكن ان يفسر كضغط غير مناسب على اسرائيل من جانب الادارة الأميركية. ليس صحيحا، ليس هذه المرة. نتنياهو طلب الاستماع الى المعزوفة وليس الى الكلمات. رفض التفصيل وطلب ابقاء التفاصيل غامضة. فليست البركة إلا في الامر الخفي عن العيان، قال نتنياهو. «35 سنة وانا في هذه المدينة، واشنطن»، قال رئيس الوزراء، وأجمل: «صدقوني، هذه هي الادارة الاكثر ودا لاسرائيل. التقيت اثناء حياتي غير قليل من الرؤساء، وانا اقول لكم بمسؤولية: لم يكن هناك صديق أكبر لاسرائيل من الرئيس ترامب. هذا يوم جديد لعلاقات اسرائيل – الولايات المتحدة». تحدث نتنياهو مع ترامب في موضوعين جوهريين آخرين: التهديد الايراني وما يجري في سورية. في الموضوع الاول، أوضح ترامب انه لن يسمح لايران بانتاج سلاح نووي. في سورية، اسرائيل غير مستعدة لتقبل تواجدا ايرانيا. وأجمل نتنياهو قائلا: «تكاد لا تكون هناك تقريبا مجالات لم ننسجم فيها في الرأي، هكذا بحيث اذا كان ترامب يريد ان يدرس موضوع المستوطنات المحدد هذا، فان مصلحتنا الوطنية تستدعي بذل هذا الجهد». فضلا عن الجوهر، برز في الزيارة الاستقبال الحار لرئيس الوزراء وعقيلته سارة. «لقد خرجوا عن أطوارهم لاظهار ذلك»، اعترف نتنياهو، بعد اللقاء الذي استهدف خلق كيمياء أولى بين الزعيمين. وقد وجد هذا تعبيره ايضا في لقاء العائلتين نتنياهو – ترامب. في الغرفة البيضوية كانت الاجواء عائلية ولقاء العقيلتين، سارة وملانيا، بفستاني السهرة، مثيرا للفضول. وبرز ود ابنة الرئيس ايفانكا، للزوجين نتنياهو. واذا لم يكن هذا بكاف، ففي المؤتمر الصحافي أولى ترامب موقفا خاصا لسارة نتنياهو. وقف ترامب الى جانب نتنياهو وهاجم الاعلام الذي «ينتج انباء زائفة»، على حد قوله. اما نتنياهو، الذي يدير معارك مشابهة هو نفسه، فقد ابتسم ابتسامة طبيعية وطويلة.