- الكاتب/ة : يوسي ميلمان
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-02-25
1. أُطلقت 6 صواريخ، هذا الشهر، من سيناء إلى النقب. و سقط، هذا الأسبوع، اثنان منها في أرض مفتوحة في النقب الغربي، وقبل أسبوعين من ذلك أطلقت 4 صواريخ نحو إيلات: واحد سقط في أرض مفتوحة، واعترضت القبة الحديدية المنتشرة قرب المدينة وتغطي مساحة واسعة الثلاثة الأخرى. ويجدر بالذكر أنه أطلقت في الماضي صواريخ من سيناء نحو العقبة.
6 صواريخ في شهر واحد هي أغلب الظن رقم قياسي في إطلاق الصواريخ من شبه جزيرة سيناء نحو إسرائيل. ومطلقوها هم رجال فرع سيناء في فرع «الدولة الإسلامية» – داعش. ويدل الأمر على أن التنظيم يعيش تحت ضغط كبير ويزيد اهتمامه بإسرائيل. ويعبّر التصعيد ليس فقط عن إطلاق الصواريخ بل عن الخطاب الحماسي من فرع سيناء على مواقعه في الإنترنت، حيث تنشر تهديدات ضد إسرائيل.
كل هذا ينبع، ضمن أمور أخرى، من الضربات الشديدة التي تلقاها رجال «داعش» في سيناء في الأشهر الأخيرة من الجيش وقوات الأمن المصرية: فقد صفي قادة كبار إلى جانب نشطاء ميدانيين كثيرين، مخزونات سلاح، ووضعت اليد على مخازن للسلاح، واكتشفت شقق اختباء شمال سيناء (في منطقة العريش – رفح، بوابة الحدود على غزة). إنجازات يمكن أن تعزى أيضا لتحسين القدرات الاستخبارية وسرعة الرد العملياتية من الجيش المصري، ما يسمى إغلاق دائرة النار – نقل المعلومات إلى القوات البرية والجوية التي تهاجم الهدف.
وحسب منشورات أجنبية، تمنح الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا مساعدة استخبارية لمصر في معركتها ضد الإرهاب في سيناء، وكذا تساعد إسرائيل منذ نحو سنتين نظام الرئيس السيسي. وحسب التقارير، فقد وجدت المساعدة تعبيرها في تعاون استخباري وثيق مع وحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «أمان». وفي جهاز الأمن العام «الشاباك» تعمل «دائرة سيناء» التي تتركز مهامها في إحباط الإرهاب.
وحسب المنشورات، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الآخر يساعد الجيش المصري ويستخدم الطائرات الصغيرة التي تهاجم «داعش». وادعت «أماك»، وكالة أنباء «الدولة الإسلامية»، الأحد الماضي، بأن طائرة إسرائيلية صغيرة أطلقت صاروخا قتل أربعة من رجالها. ورد التنظيم في الغداة بإطلاق الصواريخ نحو غرب النقب.
لا ترد إسرائيل على المنشورات التي تقول إنها تساعد الجيش المصري. فلا حاجة دوما لنقبل كتوراة من سيناء ادعاءات «داعش» بعمل الطائرات الاسرائيلية الصغيرة. فالجيش المصري هو الآخر تزود مؤخراً بطائرات صغيرة من إنتاج الصين. ومهما يكن من أمر، يتبين من المنشورات الخارجية أن إسرائيل ومصر تقيمان تعاونا أمنياً واستخبارياً، مثلما يعلن أيضا وزراء وناطقون رسميون اسرائيليون في الفترة الأخيرة. وفي أساس التعاون تقبع مصالح وأعداء مشتركون – «حماس» في غزة وفرع «داعش» في سيناء.
في الماضي غير البعيد جرى تعاون وثيق بين التنظيمين الإرهابيين. فقد ساعد فرع سيناء «حماس» في تهريب السلاح إلى غزة، وبين الحين والآخر نفذ مهمات إرهابية على سبيل المقاولة الفرعية، مثل إطلاق النار نحو إيلات (ليست النار التي أطلقت، هذا الأسبوع). وبالمقابل درب رجال «حماس» إرهابيي «داعش» ومنحوهم علاجا طبيا في المستشفيات في غزة. ولكن، مؤخراً، تقلص التعاون وتحاول «حماس» – على الأقل قيادتها السياسية المنصرفة، برئاسة خالد مشعل وإسماعيل هنية – الحوار مع حكم السيسي وأعاذه بناء العلاقات معه. وهذا خلافا للذراع العسكرية التي تسعى الى تطوير العلاقات مع ايران، كي تزيد هذه المساعدات المالية، التدريبات، وتوريد السلاح.
مع انتخاب يحيى السنوار من الذراع العسكرية لرئاسة «حماس» في غزة وبعض رفاقه في المكتب السياسي، ليس واضحا كيف سيسوى الخلاف وكيف ستنجح «حماس» في المناورة بعلاقاتها الحساسة مع فرع سيناء وحكم السيسي.
وهذه هي المفارقة: بالذات العلاقات الأمنية مع مصر تقيد حرية العمل الإسرائيلية. وذلك بخلاف بارز مع ما يجري في الحدود الشمالية في هضبة الجولان. هناك أيضا، من الجانب السوري، يعمل فرع لـ «داعش»، «كتائب خالد بن الوليد». في بداية الأسبوع خاض التنظيم هجوما مفاجئا واحتل في مثلث الحدود إسرائيل، الأردن وسورية خمس قرى وبلدات من ايدي الثوار المعتدلين المدعومين من الأردن، الولايات المتحدة، اتحاد الإمارات العربية، وحسب منشورات أجنبية إسرائيل أيضا. ومثلما أثبتت في الماضي، ليست لإسرائيل آثار لعمل عسكري في سورية، وبالتأكيد في المناطق القريبة من الحدود. وعلى إطلاق صاروخ أو قذائف هاون، سواء من جيش الأسد أم من الثوار، حتى لو كان بالخطأ، يرد الجيش الإسرائيلي بنار المدفعية، الصواريخ، أو الغارات الجوية.
إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالعمل على هذا النحو في سيناء. فكل عمل مستقل منها سيشكل مسا بالسيادة المصرية، وسيمس بصورة السيسي، حليفها. وبخلاف الجولان، فإن أيدي إسرائيل مكبلة، وحرية عملها محدودة.
قادة فرع «داعش» في سيناء يفهمون ويعرفون العلاقات الحساسة بين إسرائيل ومصر. ويبدو أن هذا هو احد الأسباب التي جعلتهم يسمحون لانقسهم بالعمل، هذا الأسبوع، مثلما عملوا.
السؤال الكبير هو إذا كان إطلاق الصواريخ عملا لمرة واحدة أم سيتكرر في المستقبل القريب. ويتعلق الجواب بأسئلة أخرى: هل قرار إطلاق الصواريخ كان مبادرة محلية أم جاء من الخليفة أبو بكر البغدادي، على خلفية الضائقة المتعاظمة التي يعيشها التنظيم في سورية وفي العراق، حيث يفقد الأراضي، المقاتلين، ويتكبد هزائم في ميدان المعركة، وتتضاءل مداخيله؟ إذا كانت هذه مبادرة محلية، فهذا حدث تكتيكي، إذ ليس لفرع «داعش» في سيناء مصلحة في فتح جبهة أخرى تضاف إلى تلك التي تدار حيال هدفه الأساس، نظام السيسي. ولكن إذا كان الأمر جاء من البغدادي فيحتمل أن تكون هذه انعطافة استراتيجية في حدود سيناء ينبغي أن تقلق إسرائيل ومصر على حد سواء.
2. قبل نحو سبعة أشهر وقعت إسرائيل وتركيا اتفاقا لتطبيع العلاقات بينهما وإغلاق فصل قضية مرمرة في أيار 2010. ومنذئذ تتوثق العلاقات، أغلب الظن أيضا في مجالات الأمن والاستخبارات.
بدأ هذا ببطء، أما الآن فالوتيرة تتعاظم، والحكومتان تطبقان الالتزامات التي تعهدتا بها: فقد أعيد السفيران إلى أنقرة و»تل أبيب»، دفعت إسرائيل تعويضات بمبلغ 21 مليون دولار للحكومة التركية، التي ستنقلها بدورها إلى عائلات قتلى الحادثة؛ والبرلمان التركي ألغى القانون الذي أتاح تقديم ضباط إسرائيليين مرتبطين بالقضية الى المحاكمة، والبضائع والمساعدات الإنسانية من تركيا الى غزة تنقل بشكل جار عبر ميناء أسدود.
أمرت الاستخبارات التركية رئيس قيادة الذراع العسكرية لـ «حماس»، صالح العاروري، بمغادرة أراضي الدولة. وقد انتقل إلى قطر، وعندما عاد إلى تركيا بعد زمن ما، طُلب منه بعد يومين أن يغادر إلى الأبد. وشدد مصدر اسرائيلي ضالع في العلاقات بين الدولتين على أن تركيا تفي بتعهداتها ألا يكون نشطاء الذراع العسكرية، الذين يدخلون أراضيها، مشاركين في التخطيط لأعمال ضد إسرائيل، وهم لا يسمح لهم بتجنيد الأموال لهذه الغاية على الأراضي التركية. يمكن التقدير بأن الاستخبارات التركية تفتح عيونها على أعمال رجال «حماس»، رغم تعاطف الرئيس أردوغان وكثيرين آخرين في الحكم مع المنظمة في غزة.
أما الحوار السياسي – زيارات الوزراء وكبار الموظفين – وكذا تسريع العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، والتي لم تتضرر تقريباً بسبب قضية مرمرة، فيتقدمان على نحو جميل هما أيضا.
وكما أسلفنا، يوجد أيضاً أغلب الظن تحسن واضح في العلاقات الأمنية والاستخبارية. فشركات أمنية كبيرة وصغيرة من إسرائيل، في مجال السايبر أيضا، تعمل بنشاط في محاولة لاستئناف علاقاتها أو الدخول إلى السوق التركية. ويحصل هذا ليس فقط في اتصالات القطاع الخاص أو الشركات الأمنية الحكومية، بل أيضا في مستويات العمل في جهاز الأمن. حتى قبل نحو عقد كانت تركيا سوقاً مهمة للتصدير الأمني الإسرائيلي، وتعاون الشركات الاسرائيلية والأجنبية، بينها شركات سنغافورية باعت أسلحة وعتاداً عسكرياً للجيش التركي.
كانت العلاقات في المجال الاستخباري الرسمي هي الأخرى وثيقة للغاية، وحسب «وول ستريت جورنال» تضمنت تبادلاً للمعلومات عن الأعداء والخصوم المشتركين، مثل سورية وإيران، وطلبات مساعدة قدمتها الاستخبارات التركية («ميت») لـ «الموساد» ولـ «أمان» لتزويدها بالمعلومات عن منظمات عصابات وإرهاب كردية. وحسب مصادر كردية، وكما سبق أن نشر في هذه الصحيفة قبل بضعة اشهر، فقد طلبت «ميت» في الماضي من «الموساد» مساعدتها في صراعها ضد نشطاء إرهاب أكراد، ولكن هذه الطلبات رفضت.
إحدى ذرى التعاون الاستخباري كان في الزيارات شبه الدائمة لقادة «الموساد» و»أمان» لدى نظرائهم في تركيا، واستضافتهم في إسرائيل بين الحين والآخر. كل رؤساء «الموساد»، من أيسار هرئيل في الخمسينيات والستينيات وحتى مائير دغان وتمير باردو، الذي في عهده تضعضعت العلاقات (في أعقاب حادثة مرمرة ولكن أيضا لأسباب أخرى، وعلى رأسها محاولة أردوغان أن يصبح زعيم السنة في الشرق الأوسط) فعلوا هذا.
قبل نحو سنة حل يوسي كوهين محل باردو. ونشرت في الإعلام التركي أنباء عن أن كوهين زار تركيا في العام 2016 والتقى موظفين حكوميين كباراً. يمكن التقدير بأن أحدهم هو أكان فيدان، رجل ثقة أردوغان الذي يترأس «ميت». ومنذ أكثر من سنة تنشر أنباء عن نية استبداله وتعيينه سفيرا في اليابان، ولكن حتى الآن لا يزال فيدان يقف على رأس الاستخبارات التركية.
كوهين نفسه التقى مسؤولين أتراك كبارا، ولكنه فعل ذلك بحكم منصبه السابق كرئيس لمجلس الأمن القومي، وكمن كان مشاركا الى جانب المحامي يوسف تشخنوفر في المفاوضات التي أدت الى إنهاء الأزمة.
تحتاج الاستخبارات التركية للاستخبارات الاسرائيلية لعدة أسباب. أولاً، بسبب السمعة التي لـ «الموساد» ولـ «أمان» كجهازين لديهما معلومات عما يجري في الشرق الأوسط وقدرات ترتبط بذلك. سبب آخر هو المعلومات التي لدى الاستخبارات الاسرائيلية عن ايران، التي تواصل إقلاق تركيا، سواء بسبب تدخلها في سورية أم بسبب الحدود المشتركة بين الدولتين، اللتين تكافحان من أجل الأسواق والنفوذ في الجمهوريات الإسلامية في وسط آسيا. سبب آخر يغري الاستخبارات التركية هو أن إسرائيل تعتبر حليفا للولايات المتحدة، ولـ «الموساد» قدرة كبيرة على الوصول الى الـ «سي.آي.إيه».
3. قريباً سيدخل سلاح الجو الى نطاق العمل التنفيذي المنظومة الأولى لـ «مقلاع داود» (سابقا «العصا السحرية») التي توجد منذ الآن لديه وتجتاز سلسلة تجارب – منظومة لاعتراض الصواريخ في مدى نحو 200 كيلومتر، وثمة تطوير مشترك بين «رفائيل» والشركة الأميركية «رايتأون». «مقلاع داود»، التي في مرحلة لاحقة سيتم تعديلها أيضا لتعترض طائرات غير مأهولة، ستشكل شريحة الدفاع التي تكمل «القبة الحديدية» القادرة على اعتراض صواريخ بمدى حتى 70 – 80 كيلو مترا ومنظومة «حيتس» (سهم) للصواريخ بعيدة المدى، بما فيها الباليستية.
قبل نحو شهر أعلنت وزارة الدفاع عن إجراء سلسلة تجارب «تتوجت بالنجاح». فقد طلبت رفائيل الدعوة للتجارب التي تمت في شدما قرب متسبيه رامون ملحقين عسكريين من دول تبدي اهتماما بشراء المنظومة، بينها بولندا، الهند، وكوريا الجنوبية، والتي أبدت في الماضي اهتماما بالقبة الحديدية التي هي الأخرى تطورت في «رفائيل». ولأسف «رفائيل» ووزارة الدفاع، ورغم جهود التسويق، لم تشتر أي دولة المنظومة حتى الآن. فقد فكرت بولندا بذلك بجدية، ولكن الضغط الأميركي دفعها لتغيير رأيها، وبدلا من ذلك تزودت بمنظومات دفاعية من طراز باتريوت من إنتاج رايتون. أما سنغافورة فاشترت رادار القبة الحديدية من إنتاج إلتا، شركة ابنة للصناعة الجوية.
ولمفاجئة «رفائيل»، عارضت رايتأون تواجد الملحقين العسكريين في التجربة، وذلك أغلب الظن خوفاً من منافسة «رفائيل» لها على الأسواق في العالم، وأن يمس نجاح المنظومة بفرص بيع باتريوت. باختصار، رايتأون، منتجة الباتريوت، ضد رايتأون الشريكة في إنتاج «مقلاع داود».
وجاء من «رفائيل» التعقيب التالي: «هذا ليس واردا على الإطلاق. لم يكن توجه كهذا ولا يوجد أساس لهذا الادعاء. ونضيف: إن علاقاتنا مع شركائنا الأميركيين ممتازة». أما وزارة الدفاع فرفضوا التعقيب.
6 صواريخ في شهر واحد هي أغلب الظن رقم قياسي في إطلاق الصواريخ من شبه جزيرة سيناء نحو إسرائيل. ومطلقوها هم رجال فرع سيناء في فرع «الدولة الإسلامية» – داعش. ويدل الأمر على أن التنظيم يعيش تحت ضغط كبير ويزيد اهتمامه بإسرائيل. ويعبّر التصعيد ليس فقط عن إطلاق الصواريخ بل عن الخطاب الحماسي من فرع سيناء على مواقعه في الإنترنت، حيث تنشر تهديدات ضد إسرائيل.
كل هذا ينبع، ضمن أمور أخرى، من الضربات الشديدة التي تلقاها رجال «داعش» في سيناء في الأشهر الأخيرة من الجيش وقوات الأمن المصرية: فقد صفي قادة كبار إلى جانب نشطاء ميدانيين كثيرين، مخزونات سلاح، ووضعت اليد على مخازن للسلاح، واكتشفت شقق اختباء شمال سيناء (في منطقة العريش – رفح، بوابة الحدود على غزة). إنجازات يمكن أن تعزى أيضا لتحسين القدرات الاستخبارية وسرعة الرد العملياتية من الجيش المصري، ما يسمى إغلاق دائرة النار – نقل المعلومات إلى القوات البرية والجوية التي تهاجم الهدف.
وحسب منشورات أجنبية، تمنح الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا مساعدة استخبارية لمصر في معركتها ضد الإرهاب في سيناء، وكذا تساعد إسرائيل منذ نحو سنتين نظام الرئيس السيسي. وحسب التقارير، فقد وجدت المساعدة تعبيرها في تعاون استخباري وثيق مع وحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «أمان». وفي جهاز الأمن العام «الشاباك» تعمل «دائرة سيناء» التي تتركز مهامها في إحباط الإرهاب.
وحسب المنشورات، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الآخر يساعد الجيش المصري ويستخدم الطائرات الصغيرة التي تهاجم «داعش». وادعت «أماك»، وكالة أنباء «الدولة الإسلامية»، الأحد الماضي، بأن طائرة إسرائيلية صغيرة أطلقت صاروخا قتل أربعة من رجالها. ورد التنظيم في الغداة بإطلاق الصواريخ نحو غرب النقب.
لا ترد إسرائيل على المنشورات التي تقول إنها تساعد الجيش المصري. فلا حاجة دوما لنقبل كتوراة من سيناء ادعاءات «داعش» بعمل الطائرات الاسرائيلية الصغيرة. فالجيش المصري هو الآخر تزود مؤخراً بطائرات صغيرة من إنتاج الصين. ومهما يكن من أمر، يتبين من المنشورات الخارجية أن إسرائيل ومصر تقيمان تعاونا أمنياً واستخبارياً، مثلما يعلن أيضا وزراء وناطقون رسميون اسرائيليون في الفترة الأخيرة. وفي أساس التعاون تقبع مصالح وأعداء مشتركون – «حماس» في غزة وفرع «داعش» في سيناء.
في الماضي غير البعيد جرى تعاون وثيق بين التنظيمين الإرهابيين. فقد ساعد فرع سيناء «حماس» في تهريب السلاح إلى غزة، وبين الحين والآخر نفذ مهمات إرهابية على سبيل المقاولة الفرعية، مثل إطلاق النار نحو إيلات (ليست النار التي أطلقت، هذا الأسبوع). وبالمقابل درب رجال «حماس» إرهابيي «داعش» ومنحوهم علاجا طبيا في المستشفيات في غزة. ولكن، مؤخراً، تقلص التعاون وتحاول «حماس» – على الأقل قيادتها السياسية المنصرفة، برئاسة خالد مشعل وإسماعيل هنية – الحوار مع حكم السيسي وأعاذه بناء العلاقات معه. وهذا خلافا للذراع العسكرية التي تسعى الى تطوير العلاقات مع ايران، كي تزيد هذه المساعدات المالية، التدريبات، وتوريد السلاح.
مع انتخاب يحيى السنوار من الذراع العسكرية لرئاسة «حماس» في غزة وبعض رفاقه في المكتب السياسي، ليس واضحا كيف سيسوى الخلاف وكيف ستنجح «حماس» في المناورة بعلاقاتها الحساسة مع فرع سيناء وحكم السيسي.
وهذه هي المفارقة: بالذات العلاقات الأمنية مع مصر تقيد حرية العمل الإسرائيلية. وذلك بخلاف بارز مع ما يجري في الحدود الشمالية في هضبة الجولان. هناك أيضا، من الجانب السوري، يعمل فرع لـ «داعش»، «كتائب خالد بن الوليد». في بداية الأسبوع خاض التنظيم هجوما مفاجئا واحتل في مثلث الحدود إسرائيل، الأردن وسورية خمس قرى وبلدات من ايدي الثوار المعتدلين المدعومين من الأردن، الولايات المتحدة، اتحاد الإمارات العربية، وحسب منشورات أجنبية إسرائيل أيضا. ومثلما أثبتت في الماضي، ليست لإسرائيل آثار لعمل عسكري في سورية، وبالتأكيد في المناطق القريبة من الحدود. وعلى إطلاق صاروخ أو قذائف هاون، سواء من جيش الأسد أم من الثوار، حتى لو كان بالخطأ، يرد الجيش الإسرائيلي بنار المدفعية، الصواريخ، أو الغارات الجوية.
إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالعمل على هذا النحو في سيناء. فكل عمل مستقل منها سيشكل مسا بالسيادة المصرية، وسيمس بصورة السيسي، حليفها. وبخلاف الجولان، فإن أيدي إسرائيل مكبلة، وحرية عملها محدودة.
قادة فرع «داعش» في سيناء يفهمون ويعرفون العلاقات الحساسة بين إسرائيل ومصر. ويبدو أن هذا هو احد الأسباب التي جعلتهم يسمحون لانقسهم بالعمل، هذا الأسبوع، مثلما عملوا.
السؤال الكبير هو إذا كان إطلاق الصواريخ عملا لمرة واحدة أم سيتكرر في المستقبل القريب. ويتعلق الجواب بأسئلة أخرى: هل قرار إطلاق الصواريخ كان مبادرة محلية أم جاء من الخليفة أبو بكر البغدادي، على خلفية الضائقة المتعاظمة التي يعيشها التنظيم في سورية وفي العراق، حيث يفقد الأراضي، المقاتلين، ويتكبد هزائم في ميدان المعركة، وتتضاءل مداخيله؟ إذا كانت هذه مبادرة محلية، فهذا حدث تكتيكي، إذ ليس لفرع «داعش» في سيناء مصلحة في فتح جبهة أخرى تضاف إلى تلك التي تدار حيال هدفه الأساس، نظام السيسي. ولكن إذا كان الأمر جاء من البغدادي فيحتمل أن تكون هذه انعطافة استراتيجية في حدود سيناء ينبغي أن تقلق إسرائيل ومصر على حد سواء.
2. قبل نحو سبعة أشهر وقعت إسرائيل وتركيا اتفاقا لتطبيع العلاقات بينهما وإغلاق فصل قضية مرمرة في أيار 2010. ومنذئذ تتوثق العلاقات، أغلب الظن أيضا في مجالات الأمن والاستخبارات.
بدأ هذا ببطء، أما الآن فالوتيرة تتعاظم، والحكومتان تطبقان الالتزامات التي تعهدتا بها: فقد أعيد السفيران إلى أنقرة و»تل أبيب»، دفعت إسرائيل تعويضات بمبلغ 21 مليون دولار للحكومة التركية، التي ستنقلها بدورها إلى عائلات قتلى الحادثة؛ والبرلمان التركي ألغى القانون الذي أتاح تقديم ضباط إسرائيليين مرتبطين بالقضية الى المحاكمة، والبضائع والمساعدات الإنسانية من تركيا الى غزة تنقل بشكل جار عبر ميناء أسدود.
أمرت الاستخبارات التركية رئيس قيادة الذراع العسكرية لـ «حماس»، صالح العاروري، بمغادرة أراضي الدولة. وقد انتقل إلى قطر، وعندما عاد إلى تركيا بعد زمن ما، طُلب منه بعد يومين أن يغادر إلى الأبد. وشدد مصدر اسرائيلي ضالع في العلاقات بين الدولتين على أن تركيا تفي بتعهداتها ألا يكون نشطاء الذراع العسكرية، الذين يدخلون أراضيها، مشاركين في التخطيط لأعمال ضد إسرائيل، وهم لا يسمح لهم بتجنيد الأموال لهذه الغاية على الأراضي التركية. يمكن التقدير بأن الاستخبارات التركية تفتح عيونها على أعمال رجال «حماس»، رغم تعاطف الرئيس أردوغان وكثيرين آخرين في الحكم مع المنظمة في غزة.
أما الحوار السياسي – زيارات الوزراء وكبار الموظفين – وكذا تسريع العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، والتي لم تتضرر تقريباً بسبب قضية مرمرة، فيتقدمان على نحو جميل هما أيضا.
وكما أسلفنا، يوجد أيضاً أغلب الظن تحسن واضح في العلاقات الأمنية والاستخبارية. فشركات أمنية كبيرة وصغيرة من إسرائيل، في مجال السايبر أيضا، تعمل بنشاط في محاولة لاستئناف علاقاتها أو الدخول إلى السوق التركية. ويحصل هذا ليس فقط في اتصالات القطاع الخاص أو الشركات الأمنية الحكومية، بل أيضا في مستويات العمل في جهاز الأمن. حتى قبل نحو عقد كانت تركيا سوقاً مهمة للتصدير الأمني الإسرائيلي، وتعاون الشركات الاسرائيلية والأجنبية، بينها شركات سنغافورية باعت أسلحة وعتاداً عسكرياً للجيش التركي.
كانت العلاقات في المجال الاستخباري الرسمي هي الأخرى وثيقة للغاية، وحسب «وول ستريت جورنال» تضمنت تبادلاً للمعلومات عن الأعداء والخصوم المشتركين، مثل سورية وإيران، وطلبات مساعدة قدمتها الاستخبارات التركية («ميت») لـ «الموساد» ولـ «أمان» لتزويدها بالمعلومات عن منظمات عصابات وإرهاب كردية. وحسب مصادر كردية، وكما سبق أن نشر في هذه الصحيفة قبل بضعة اشهر، فقد طلبت «ميت» في الماضي من «الموساد» مساعدتها في صراعها ضد نشطاء إرهاب أكراد، ولكن هذه الطلبات رفضت.
إحدى ذرى التعاون الاستخباري كان في الزيارات شبه الدائمة لقادة «الموساد» و»أمان» لدى نظرائهم في تركيا، واستضافتهم في إسرائيل بين الحين والآخر. كل رؤساء «الموساد»، من أيسار هرئيل في الخمسينيات والستينيات وحتى مائير دغان وتمير باردو، الذي في عهده تضعضعت العلاقات (في أعقاب حادثة مرمرة ولكن أيضا لأسباب أخرى، وعلى رأسها محاولة أردوغان أن يصبح زعيم السنة في الشرق الأوسط) فعلوا هذا.
قبل نحو سنة حل يوسي كوهين محل باردو. ونشرت في الإعلام التركي أنباء عن أن كوهين زار تركيا في العام 2016 والتقى موظفين حكوميين كباراً. يمكن التقدير بأن أحدهم هو أكان فيدان، رجل ثقة أردوغان الذي يترأس «ميت». ومنذ أكثر من سنة تنشر أنباء عن نية استبداله وتعيينه سفيرا في اليابان، ولكن حتى الآن لا يزال فيدان يقف على رأس الاستخبارات التركية.
كوهين نفسه التقى مسؤولين أتراك كبارا، ولكنه فعل ذلك بحكم منصبه السابق كرئيس لمجلس الأمن القومي، وكمن كان مشاركا الى جانب المحامي يوسف تشخنوفر في المفاوضات التي أدت الى إنهاء الأزمة.
تحتاج الاستخبارات التركية للاستخبارات الاسرائيلية لعدة أسباب. أولاً، بسبب السمعة التي لـ «الموساد» ولـ «أمان» كجهازين لديهما معلومات عما يجري في الشرق الأوسط وقدرات ترتبط بذلك. سبب آخر هو المعلومات التي لدى الاستخبارات الاسرائيلية عن ايران، التي تواصل إقلاق تركيا، سواء بسبب تدخلها في سورية أم بسبب الحدود المشتركة بين الدولتين، اللتين تكافحان من أجل الأسواق والنفوذ في الجمهوريات الإسلامية في وسط آسيا. سبب آخر يغري الاستخبارات التركية هو أن إسرائيل تعتبر حليفا للولايات المتحدة، ولـ «الموساد» قدرة كبيرة على الوصول الى الـ «سي.آي.إيه».
3. قريباً سيدخل سلاح الجو الى نطاق العمل التنفيذي المنظومة الأولى لـ «مقلاع داود» (سابقا «العصا السحرية») التي توجد منذ الآن لديه وتجتاز سلسلة تجارب – منظومة لاعتراض الصواريخ في مدى نحو 200 كيلومتر، وثمة تطوير مشترك بين «رفائيل» والشركة الأميركية «رايتأون». «مقلاع داود»، التي في مرحلة لاحقة سيتم تعديلها أيضا لتعترض طائرات غير مأهولة، ستشكل شريحة الدفاع التي تكمل «القبة الحديدية» القادرة على اعتراض صواريخ بمدى حتى 70 – 80 كيلو مترا ومنظومة «حيتس» (سهم) للصواريخ بعيدة المدى، بما فيها الباليستية.
قبل نحو شهر أعلنت وزارة الدفاع عن إجراء سلسلة تجارب «تتوجت بالنجاح». فقد طلبت رفائيل الدعوة للتجارب التي تمت في شدما قرب متسبيه رامون ملحقين عسكريين من دول تبدي اهتماما بشراء المنظومة، بينها بولندا، الهند، وكوريا الجنوبية، والتي أبدت في الماضي اهتماما بالقبة الحديدية التي هي الأخرى تطورت في «رفائيل». ولأسف «رفائيل» ووزارة الدفاع، ورغم جهود التسويق، لم تشتر أي دولة المنظومة حتى الآن. فقد فكرت بولندا بذلك بجدية، ولكن الضغط الأميركي دفعها لتغيير رأيها، وبدلا من ذلك تزودت بمنظومات دفاعية من طراز باتريوت من إنتاج رايتون. أما سنغافورة فاشترت رادار القبة الحديدية من إنتاج إلتا، شركة ابنة للصناعة الجوية.
ولمفاجئة «رفائيل»، عارضت رايتأون تواجد الملحقين العسكريين في التجربة، وذلك أغلب الظن خوفاً من منافسة «رفائيل» لها على الأسواق في العالم، وأن يمس نجاح المنظومة بفرص بيع باتريوت. باختصار، رايتأون، منتجة الباتريوت، ضد رايتأون الشريكة في إنتاج «مقلاع داود».
وجاء من «رفائيل» التعقيب التالي: «هذا ليس واردا على الإطلاق. لم يكن توجه كهذا ولا يوجد أساس لهذا الادعاء. ونضيف: إن علاقاتنا مع شركائنا الأميركيين ممتازة». أما وزارة الدفاع فرفضوا التعقيب.