خرج اللواء سامي ترجمان، أول من أمس، مثلما في كل صباح، لركضه اليومي في جفعات عيدا. من سماعاته يسمع من كان قائد المنطقة الجنوبية في "الجرف الصامد"، اللواء احتياط يوم طوف ساميا، فمن كان نائبه في الحملة يجري لقاء وينتقد أداءه وسلوك الجيش. يسمع ترجمان الخطوة البشعة من ساميا، ويمكن الافتراض بأنه تمنى لو يتفجر. ترجمان، الذي خرج الأفضل من بين من تعرضوا للنقد في التقرير، محظور عليه بسخف أن تجرى المقابلات الصحافية. فهو لا يزال رسميا لواء في البزة العسكرية، في إجازة اعتزال. وهكذا، يجد نفسه عرضة للهجوم من الداخل، ويتلقى النار من الطرفين. ليس مجرد النار من داخل معسكر القيادة في بئر السبع، بل من داخل مكتب من وصف نفسه منذ الآن كسياسي في المستقبل. ترجمان لا يمكنه أن يتحدث. ولكن يمكن التقدير بحذر بانه كان سيسأل نفسه هكذا: يوم طوف ساميا، الذي كان نائبي في القيادة، يتحدث على هذا النحو؟ عني؟ ذاك الذي عانقني في نهاية الحملة، بعد خمسين يوما من القتال، وقال: "تحية لسامي على إدارة المعركة"؟ فقد كان نائب قائد المنطقة، برتبة لواء، فلماذا لم يتحدث؟ فهو يتحمل مسؤولية من خلال الرتبة والمنصب. كلما مرت الكيلو مترات يمكن التقدير بان كمية الاسئلة التي تراكضت لترجمان في رأسه تزداد فقط. يوم طوف، الذي لم تكن له كلمة سيئة واحدة ليقولها حينئذ؟ هو الذي ينتقدني الان؟ ذاك الذي امتدح عمل القيادة حيال هيئة الاركان، الجاهزية، السعي الى الاشتباك؟ طلب للعمل ضد الانفاق رغم معارضة رئيس الأركان ووزير الدفاع؟ المقابلة في السماعات تستمر، ساميا يبالغ في أقواله، وترجمان يتقدم نحو إنهاء الركض. ولعله سأل نفسه هل نائبه في الطوارئ لم يعرف ما هي صورة الاستخبارات التي تلقتها القيادة. كيف رغم ذلك أدرنا حملة لا بأس بها، مع مراعاة الظروف، وحتى في نظرة سنتين ونصف الى الوراء نجحت في تحقيق هدوء مثير للانطباع لم يشهد له مثيل أبدا حول بلدات الغلاف؟ من يعرف سامي ترجمان يقدر بانه انفجر ضحكاً حين قرأ في "واي نت" الاقتباس التالي على لسان ساميا: "في هيئة الاركان وفي القدس تحدثوا عن 68 و 87 نفقاً، وأنا أول من ثبطهم وقلت انه يوجد 31 نفقاً فقط". يوم طوف ثبط شعبة الاستخبارات؟ أحد ما تحدث مرة عن عدد يفوق 32 محور أنفاق؟ من أين جاء بهذا. ليس لترجمان ما يتوقعه من يوآف غالنت، الذي كان قائد المنطقة الجنوبية وأخذ كأسا كبيرة ورش منها كل ضابط كبير تقريبا، وبالتأكيد اذا كان الحديث يدور عن أحد ما تلقى الترفيع من غابي أشكنازي، خصمه المرير. ساميا، الذي كاد لا يصل الى التحقيقات ما بعد الحرب، لعله كان لديه بعض ممن يتوقعه منه. ولكن حتى هذا انتهى، أول من أمس. مع نشر استنتاجات المراقب، لا مفر من القول بصوت عال للجمهور ما بات ضباط كثيرون ومقدرون يصرخون به بصوت عال داخل الجيش: وزير الدفاع ليبرمان ورئيس الاركان آيزنكوت اخطأوا اخطاء جسيمة لعدم ابقائهم ترجمان في الجيش. فالقرار المتسرع بتعيين آفيف كوخافي نائباً لرئيس الاركان، وعمليا جعله المرشح الوحيد لخلافة آيزنكوت قبل نشر استنتاجات المراقب، يمس بالجيش الاسرائيلي. وحتى لو اعتقدا بان كوخافي هو نجم أعلى فسيتبين في التقرير أنه غير صحيح، كان يجدر بهما أن ينتظرا قبل الاعلان. من ناحية ترجمان، فان قيادة المعركة، اجتياز فحص المشط الحديدي، والخروج حتى بلا أي ملاحظة تقريبا يعد نجاحا هائلا في اسرائيل 2017. من اللحظة التي دخل فيها الى القيادة، دفع نحو معالجة الانفاق، أنزل هيئة الاركان الى اجتماع خاص في الموضوع، سعى الى الاشتباك ودفع نحو الحملة البرية رغم معارضة غانتس ويعلون. وعندما جرى جدال في الكابنت فيما اذا كان ينبغي قصف الفوهات – كان بين الوحيدين ممن حذروا من الضرر الذي من شأنه أن يلحق وتحفظ. ترجمان هو حصان مندفع، النقيض للقب الذي الصقوه بقائده. في التحقيقات وقف امام كل الجيش واعترف أين اخطأ ولم يبحث عن مذنبين ومعاذير. ورغم ذلك، سمع غانتس يصف افيف كوخافي، هذا الاسبوع، بانه "رئيس شعبة الاستخبارات الافضل في الاربعين سنة الاخيرة" وعنه لم يقل أي كلمة. ترجمان يسكت، كما ذكرنا. ولكن اذا كان ينبغي التخمين ما الذي مر في رأسه على مدى الكيلومترات العشر التي قطعها في أقل من 50 دقيقة يمكن التقدير بانه كان عصبياً جداً. ولعل هذا ساعده في تحقيق نتيجة الركض التي لا بأس بها لرجل ابن 53 سنة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف