في عدم اليقين الذي يلف رئاسة دونالد ترامب، مهم وممكن ايجاد الفرص التي تعزز أمن اسرائيل للمدى البعيد. اثنتان منها بارزتان، وان لم تكونا سهلتي التنفيذ: اعادة النظر في شبكة العلاقات بين الولايات المتحدة وايران والحرب ضد «داعش». الثانية تتعلق برغبة تراقب الواضحة في حل «أم كل النزاعات»، مثلما قال في الماضي، وتحقيق «الصفقة الاكبر». تعيين صهر ترامب، جارد كوشنير، كمبعوث للنزاع في الشرق الاوسط، هو فرصة لمرة واحدة لهجر النهج الاميركي الكلاسيكي المتمثل بــ»السعي الى السلام عبر مفاوضات ثنائية تؤدي الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين»، والانتقال الى نهج اقليمي، يتحدث عن صفقة رزمة أمنية – سياسية – اقتصادية. على مدى نحو عشرين سنة قادت الولايات المتحدة إسرائيل في مسار ثنائي عقيم «للسلام» بين اسرائيل و»م.ت.ف». ولكن في السنوات الاخيرة طرأت تغييرات دراماتيكية في الشرق الاوسط: شراكة المصالح السياسية – الامنية بين السعودية، الولايات المتحدة واسرائيل، المصلحة الروسية لاستقرار سورية كقاعدة قوة متقدمة، الارهاب الاصولي الذي يهدد مصر، الاردن ودول الخليج والواقع الذي نشأ من حركة ملايين اللاجئين في أرجاء الشرق الاوسط اوروبا – كل هذا يخلق خريطة جديدة من المصالح المشتركة، التي يوجد لاسرائيل فيها فرصة ذهبية لاتخاذ مبادرة تترجم قوتها الامنية – الاقتصادية لذخائر سياسية. الإطار الوحيد الذي يعطي جوابا لهذه الفرص هو إطار التسوية الاقليمية. مسيرة مفاوضات تدمج بين سلسلة من المسارات الثنائية والتحالفات الاقليمية الرسمية وغير الرسمية. للمسيرة الاقليمية هدفان: الاول، في نظر ترامب، هو التصدي المختلف عن سابقيه للتحديات المهمة للولايات المتحدة: عزل ايران، الحرب ضد الارهاب وإدارة النزاع في الشرق الاوسط في ظل التقارب المتجدد من حلفاء الولايات المتحدة الطبيعيين في المنطقة؛ والثاني، في نظر نتنياهو، هو قيادة مسيرة سياسية لا تكون قائمة فقط على اساس التنازلات للفلسطينيين، بل يعطي مقابلا حقيقيا لاسرائيل – عبر الاتفاقات الاقتصادية والامنية التي ستنشأ مع السعودية، الاردن، مصر ودول الخليج. في التسوية الاقليمية لا يكون الشريك رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن وحده، بل ومعه أيضا الرئيس المصري، الملك السعودي، الملك الاردني وولي العهد في اتحاد الامارات، باسناد من ترامب وبوتين. وحسب الفكرة الاقليمية، فان جزءا من الثواب السياسي والاقتصادي لاسرائيل يأتي في المراحل الاولية، والآلية التي تنشأ ستدفع الفلسطينيين لأن يختاروا بين طريق الارهاب والتحريض وبين الانضمام الى واقع اقليمي جديد يحسن لابناء شعبهم ولا يتركهم رهائن في أيدي حماس. في ندوة مهنية عقدت في واشنطن في العام 2012 عرضت التجربة الاسرائيلية في إدارة المفاوضات في واقع غياب الثقة، فكرة تتناقض وجوهر الفكر الكلينتوني «لخطوات بناء الثقة». وفوجئت بان جزءا كبيرا من زملائي ارادوا ان يسمعوا المزيد عن إدارة المفاوضات مع الاعداء حتى عندما لا تكون ثقة. نتنياهو هناك منذ الآن. في أيار الماضي استجاب لدعوة الرئيس المصري الشروع في مفاوضات على أساس النموذج الاقليمي، ومؤخرا كرر هذا مرة اخرى. والآن ايضا في البيت الابيض يوجد من يعرف هذا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف