- الكاتب/ة : ران أدليست
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-04-02
سجلت سلسلة الضربات التي تلقاها، الاسبوع الماضي، مشروع المستوطنات نهايته. يبدو هذا للآذان الاسرائيلية كادعاء يساري أو استفزاز مرفوض. ما يجعل هذا القول واقعا متدحرجاً هو موازين القوى في الشرق الاوسط الجديد، ولا سيما سلوك إدارة ترامب.
بدأ هذا الاسبوع مع مبعوث الامم المتحدة الى الشرق الاوسط، الذي بلغ عن انتهاك قرار الامم المتحدة 2334 في كانون الاول 2016. وكما يذكر فقد قرر مجلس الامن بان المستوطنات ليست قانونية، وان اسرائيل مطالبة بوقف البناء. وقضى مبعوث الامم المتحدة بأن إسرائيل لا تنفذ قرار المجلس. وبعد ثلاثة اشهر سيعود، ومن المعقول الافتراض بان شيئا لن يتغير. فمع ان حكومة اسرائيل لن تنقض على التلال، إلا أنها ستحاول الاستهتار مع "توسع" آخر في "المناطق" وبيت آخر في القدس. وبشكل عام فان للاستهتارات من هذا النوع ارتداداً على مستهتريها، سواء بشكل تقدم في الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية أم في شكل جولة عنف. وبشكل عام فان هذا الثلاثي يرتبط فيه الواحد بالآخر: الاستخفاف الاسرائيلي، الاعتراف بالفلسطينيين، وحفر القبور في الطرفين.
كما أن مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة تبنى، الاسبوع الماضي، قرارا يشجب البناء في المستوطنات في الضفة الغربية، في شرقي القدس، وفي هضبة الجولان، ودعا الدول والشركات التجارية الى الامتناع عن إقامة أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع المستوطنات. غير أن دولة إسرائيل لا يديرها مجلس حقوق الانسان، بل مجلس "يشع" للمستوطنين. ورد ممثله جلعاد أردان بمشروع قانون يستهدف جمع المعلومات الاستخبارية لغرض تقديم مؤيدي الـ "بي.دي.اس" الى المحاكمة. وعندها جاءت إدارة ترامب ودقت دبوسا من جانبها في بالون الاوهام الذي نفخه مجانين النبوءة مع انتخابه.
وكما يذكر، ففي لقائه مع دونالد ترامب، تلقى بنيامين نتنياهو درسا في العقارات وفي اعادة التموقع والتجارة بشكل عام: "أنت ايضا سيتعين عليك تقديم تنازلات". في مقابلة مع "اسرائيل اليوم" كان ترامب اكثر تركيزا مما في معالجته لـ "اوباما كير" أو إقامة السور على حدود المكسيك: فقد قال ان "توسيع المستوطنات يقلص المساحة التي بقيت شاغرة للمفاوضات"، وعليه فهو يؤمن بان "توسيع المستوطنات لا يساهم في المساعي للوصول الى السلام". لا شك ان من وجه ترامب قال له بالشكل الاكثر صراحة: حرب اسرائيل ضد الفلسطينيين تتسبب بما يكفي من المشاكل مع البلدان العربية. الجيش الأميركي يقاتل اليوم كتفا بكتف مع المقاتلين العرب، واذا دفعت نحو مستوطنة ونقلت السفارة الى القدس، فانك تمس بالجهد الحربي على النفوذ في الشرق الاوسط حيال بوتين. وفضلا عن ذلك، فان اليهود في جيبنا.
عندما عاد نتنياهو بوجه مكفهر ويدين فارغتين انتظر زيارة مبعوث الرئيس، جيسون غرينبلات، كي يحاول ايجاد صيغة شقلبة ما تسمح له بان يكون حاضرا في الصراع على أصوات اليمين حيال "البيت اليهودي". وتبين أن الامر الاول الذي فعله غرينبلات (محام عقاري) حين وصل الى البلاد هو نزع الكيبا عن رأسه وبعد ذلك وزع وقته بين القدس ورام الله، وألقى بيانا دقيقا جدا: "نؤكد الالتزام المشترك لاسرائيل والولايات المتحدة في التقدم نحو سلام حقيقي بين اسرائيل والفلسطينيين لتعزيز أمن اسرائيل واستقرار المنطقة"، وأكد "التزام ترامب بأمن دولة اسرائيل وبالجهد لمساعدة الاسرائيليين والفلسطينيين للوصول الى سلام دائم عبر مفاوضات مباشرة".
مشاريع الاحابيل
من ناحية نتنياهو واليمين، كانت زيارة غرينبلات عملية تخريبية سياسية داخلية. من الآن فصاعدا بدأ تجنيد الاصدقاء لمحاولة امساك الهوائية الترامبية في مزاج استفزازي وانتزاع جملة منه يمكن التلويح بها ضد اليسار. فجند رون ديرمر، السفير في واشنطن، "اصدقاء اسرائيل"، وبعث نتنياهو الى واشنطن رئيس مكتبه، يوآف هورفيتس، الذي أدار بالفعل نيابة عنه شركة لتأجير السيارات. وجلس الرجلان مرة اخرى مع غرينبلات وعادا منه مع تصريح نوايا عليل آخر: "الوفد الأميركي شدد مرة اخرى على قلق الرئيس ترامب من البناء في المستوطنات في سياق التقدم نحو اتفاق السلام"، و "أوضح الوفد الاسرائيلي بأن اسرائيل تعتزم التقدم نحو تبني سياسة بناء في المستوطنات تأخذ بالحسبان قلق الرئيس، وان المحادثات كانت جدية وجيدة وهي مستمرة".
تبين ان نتنياهو، الرجل الذي يسبح في سياسة واشنطن كالتمساح في المستنقع، فقد حدته. فترامب يغرق في مياهه الضحلة، إذ رفض هذا الاسبوع طلبه الانذاري لالغاء "اوباما كير" وقسم كبير من اعضاء مجلس النواب الجمهوريين يرون في الجنون الذي يمارسه في البيت الابيض خللا حقيقيا، واليهود يرون فيه المحرك لموجة اللاسامية. وفي جهد أخير يروون بانه ابتزت صيغة ما بمستوى آخر سيجارة للمحكوم بالاعدام: تلال جرداء لعمونة مقابل سلسلة جبال تمنع في المستقبل باقي المستوطنات ولكن تسمح لنتنياهو باستراحة محارب لاسبوع آخر، شهر آخر، في البيت اليهودي. آه... نعم، القي بعظمة اخرى: المحامي ديفيد فريدمان عين ليكون سفيرا في اسرائيل. فريدمان يهودي يمني يعتمر الكيبا، مثل غرينبلات، ومثله – مطهر المفاسد الخاص لترامب. وحين سيعنى بمسألة المستوطنات فانه سيلحس اليد التي تطعمه.
صحيح ان هذا الاسبوع كان بداية ذروة في معارضة العالم والولايات المتحدة لاستمرار البناء، ولكن ترامب لم يفعل أي شيء لم يحصل قبل خمسين سنة من ذلك. ففور حرب "الايام الستة" صوتت الأمم المتحدة على القرار 242 الذي يطالب "بانسحاب القوات المسلحة لاسرائيل من الاراضي التي احتلت في المواجهة الاخيرة" و"تحقيق حل عادل لمشكلة اللاجئين". ولا كلمة عن دولة فلسطينية. اما العمل على اقامة الدولة الفلسطينية، فقد قامت به دولة اسرائيل عندما منعت عنهم، بالعنف، الهوية والمواطنة، وفي واقع الامر أجبرتهم على خوض صراع في سبيل الكرامة الذاتية، المساواة والاستقلال، بما في ذلك الارهاب.
بدأ هذا الاسبوع مع مبعوث الامم المتحدة الى الشرق الاوسط، الذي بلغ عن انتهاك قرار الامم المتحدة 2334 في كانون الاول 2016. وكما يذكر فقد قرر مجلس الامن بان المستوطنات ليست قانونية، وان اسرائيل مطالبة بوقف البناء. وقضى مبعوث الامم المتحدة بأن إسرائيل لا تنفذ قرار المجلس. وبعد ثلاثة اشهر سيعود، ومن المعقول الافتراض بان شيئا لن يتغير. فمع ان حكومة اسرائيل لن تنقض على التلال، إلا أنها ستحاول الاستهتار مع "توسع" آخر في "المناطق" وبيت آخر في القدس. وبشكل عام فان للاستهتارات من هذا النوع ارتداداً على مستهتريها، سواء بشكل تقدم في الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية أم في شكل جولة عنف. وبشكل عام فان هذا الثلاثي يرتبط فيه الواحد بالآخر: الاستخفاف الاسرائيلي، الاعتراف بالفلسطينيين، وحفر القبور في الطرفين.
كما أن مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة تبنى، الاسبوع الماضي، قرارا يشجب البناء في المستوطنات في الضفة الغربية، في شرقي القدس، وفي هضبة الجولان، ودعا الدول والشركات التجارية الى الامتناع عن إقامة أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع المستوطنات. غير أن دولة إسرائيل لا يديرها مجلس حقوق الانسان، بل مجلس "يشع" للمستوطنين. ورد ممثله جلعاد أردان بمشروع قانون يستهدف جمع المعلومات الاستخبارية لغرض تقديم مؤيدي الـ "بي.دي.اس" الى المحاكمة. وعندها جاءت إدارة ترامب ودقت دبوسا من جانبها في بالون الاوهام الذي نفخه مجانين النبوءة مع انتخابه.
وكما يذكر، ففي لقائه مع دونالد ترامب، تلقى بنيامين نتنياهو درسا في العقارات وفي اعادة التموقع والتجارة بشكل عام: "أنت ايضا سيتعين عليك تقديم تنازلات". في مقابلة مع "اسرائيل اليوم" كان ترامب اكثر تركيزا مما في معالجته لـ "اوباما كير" أو إقامة السور على حدود المكسيك: فقد قال ان "توسيع المستوطنات يقلص المساحة التي بقيت شاغرة للمفاوضات"، وعليه فهو يؤمن بان "توسيع المستوطنات لا يساهم في المساعي للوصول الى السلام". لا شك ان من وجه ترامب قال له بالشكل الاكثر صراحة: حرب اسرائيل ضد الفلسطينيين تتسبب بما يكفي من المشاكل مع البلدان العربية. الجيش الأميركي يقاتل اليوم كتفا بكتف مع المقاتلين العرب، واذا دفعت نحو مستوطنة ونقلت السفارة الى القدس، فانك تمس بالجهد الحربي على النفوذ في الشرق الاوسط حيال بوتين. وفضلا عن ذلك، فان اليهود في جيبنا.
عندما عاد نتنياهو بوجه مكفهر ويدين فارغتين انتظر زيارة مبعوث الرئيس، جيسون غرينبلات، كي يحاول ايجاد صيغة شقلبة ما تسمح له بان يكون حاضرا في الصراع على أصوات اليمين حيال "البيت اليهودي". وتبين أن الامر الاول الذي فعله غرينبلات (محام عقاري) حين وصل الى البلاد هو نزع الكيبا عن رأسه وبعد ذلك وزع وقته بين القدس ورام الله، وألقى بيانا دقيقا جدا: "نؤكد الالتزام المشترك لاسرائيل والولايات المتحدة في التقدم نحو سلام حقيقي بين اسرائيل والفلسطينيين لتعزيز أمن اسرائيل واستقرار المنطقة"، وأكد "التزام ترامب بأمن دولة اسرائيل وبالجهد لمساعدة الاسرائيليين والفلسطينيين للوصول الى سلام دائم عبر مفاوضات مباشرة".
مشاريع الاحابيل
من ناحية نتنياهو واليمين، كانت زيارة غرينبلات عملية تخريبية سياسية داخلية. من الآن فصاعدا بدأ تجنيد الاصدقاء لمحاولة امساك الهوائية الترامبية في مزاج استفزازي وانتزاع جملة منه يمكن التلويح بها ضد اليسار. فجند رون ديرمر، السفير في واشنطن، "اصدقاء اسرائيل"، وبعث نتنياهو الى واشنطن رئيس مكتبه، يوآف هورفيتس، الذي أدار بالفعل نيابة عنه شركة لتأجير السيارات. وجلس الرجلان مرة اخرى مع غرينبلات وعادا منه مع تصريح نوايا عليل آخر: "الوفد الأميركي شدد مرة اخرى على قلق الرئيس ترامب من البناء في المستوطنات في سياق التقدم نحو اتفاق السلام"، و "أوضح الوفد الاسرائيلي بأن اسرائيل تعتزم التقدم نحو تبني سياسة بناء في المستوطنات تأخذ بالحسبان قلق الرئيس، وان المحادثات كانت جدية وجيدة وهي مستمرة".
تبين ان نتنياهو، الرجل الذي يسبح في سياسة واشنطن كالتمساح في المستنقع، فقد حدته. فترامب يغرق في مياهه الضحلة، إذ رفض هذا الاسبوع طلبه الانذاري لالغاء "اوباما كير" وقسم كبير من اعضاء مجلس النواب الجمهوريين يرون في الجنون الذي يمارسه في البيت الابيض خللا حقيقيا، واليهود يرون فيه المحرك لموجة اللاسامية. وفي جهد أخير يروون بانه ابتزت صيغة ما بمستوى آخر سيجارة للمحكوم بالاعدام: تلال جرداء لعمونة مقابل سلسلة جبال تمنع في المستقبل باقي المستوطنات ولكن تسمح لنتنياهو باستراحة محارب لاسبوع آخر، شهر آخر، في البيت اليهودي. آه... نعم، القي بعظمة اخرى: المحامي ديفيد فريدمان عين ليكون سفيرا في اسرائيل. فريدمان يهودي يمني يعتمر الكيبا، مثل غرينبلات، ومثله – مطهر المفاسد الخاص لترامب. وحين سيعنى بمسألة المستوطنات فانه سيلحس اليد التي تطعمه.
صحيح ان هذا الاسبوع كان بداية ذروة في معارضة العالم والولايات المتحدة لاستمرار البناء، ولكن ترامب لم يفعل أي شيء لم يحصل قبل خمسين سنة من ذلك. ففور حرب "الايام الستة" صوتت الأمم المتحدة على القرار 242 الذي يطالب "بانسحاب القوات المسلحة لاسرائيل من الاراضي التي احتلت في المواجهة الاخيرة" و"تحقيق حل عادل لمشكلة اللاجئين". ولا كلمة عن دولة فلسطينية. اما العمل على اقامة الدولة الفلسطينية، فقد قامت به دولة اسرائيل عندما منعت عنهم، بالعنف، الهوية والمواطنة، وفي واقع الامر أجبرتهم على خوض صراع في سبيل الكرامة الذاتية، المساواة والاستقلال، بما في ذلك الارهاب.
بعد "الايام الستة" اخترعت حكومات المعراخ الف سبب وسبب "استراتيجي" لمواصلة الاحتفاظ بـ "المناطق". بعد انتخابات 1977 وصعود اليمين دخل الباري عز وجل كمفتي الفقه السياسي الأمني، ومن هنا فصاعدا حتى هذا اليوم تنتج مصانع أحابيل الحكومة منتجات الانباء الزائفة التي غايتها تبرير الاحتفاظ بـ "المناطق". المشكلة هي أن شيئا لم يتغير منذ قرار الامم المتحدة 242. كلما تعزز واتسع مشروع المستوطنات، هكذا كبرت وتعززت الجبهة العالمية ضده. ومسيرة المعارضة للاحتفاظ بـ "المناطق" داخل اسرائيل طالت كيلومترات بعد الجبهة العالمية – ومع ذلك، باستثناء غير المحظوظين ممن قتلوا اثناء الحروب على "المناطق"، كلنا ربحنا من الاحتلال. ولا يزال ثلثان دائمان من سكان اسرائيل مستعدين لاعادة المستوطنات مقابل السلام.
من خلف الضجيج السياسي يفهم زعماء اليمين بانه انتهى عصر الاقتحامات. وبالحد الاقصى فانهم سيقتحمون بكاء عندما سيخلون المستوطنة التالية. وتتجه الجهود اليوم نحو تجنيد ميزانيات وقوانين لتعميق التدين في دولة إسرائيل. هذه قصة صمت الذئاب في جلد الخراف لـ "البيت اليهودي" حين يتحدثون عن الانتخابات. في المرة التالية سيذهبون مع لبيد الى وزارة المالية. انتبهوا فقد حذرناكم.
من خلف الضجيج السياسي يفهم زعماء اليمين بانه انتهى عصر الاقتحامات. وبالحد الاقصى فانهم سيقتحمون بكاء عندما سيخلون المستوطنة التالية. وتتجه الجهود اليوم نحو تجنيد ميزانيات وقوانين لتعميق التدين في دولة إسرائيل. هذه قصة صمت الذئاب في جلد الخراف لـ "البيت اليهودي" حين يتحدثون عن الانتخابات. في المرة التالية سيذهبون مع لبيد الى وزارة المالية. انتبهوا فقد حذرناكم.