هونين * 0

تقع هونين على الحدود اللبنانية, وعلى بعد 28 كلم. عن صفد, و3 كلم شمال-غرب الخالصة, وفي الجنوب الشرقي لجبل عامل.

أراضي هونين متداخلة في أرضي تابعةٍ لها في الجانب اللبناني, ولهذا استطاع أبناء هونين استرجاع أراضيهم في الجانب اللبناني وفلاحتها بعد الهجرة القسرية, لوجود أوراقٍ رسميةٍ بامتلاكهم لها. وكانت هونين مركزاً تجارياً للقرى المحيطة بها, لنشاطها الزراعي, خاصة زراعة التبغ والتين.

شيد الصليبيون قلعةً فيها عام 1179, بعد حصن جسر بنات يعقوب, للدفاع في حال تعرضهم لهجومٍ من جهة الشمال.[1] ودعاها الصليبيون " كاستيل نوف". و يقال أنها كانت تحتوي على مئة " بئرٍ كفرية " لتأمين المياه أثناء أيام الحصار, ويبلغ معدل عمق البئر الواحد حوالي الخمسين متراً. وكان تحت المسجد خزانٌ للماء بطول عشرة أمتار, وعرض ستة أمتار, على امتداد المصلّى في المسجد. أشار إلى القلعة الرحالة العربي ابن جبير, عندما مر بالمكان سنة 1183. وقد استسلمت الحامية لصلاح الدين سنة 1187, ولكنها عادت إلى حوزة الصليبين إلى أن دمرها القائد الظاهر بيبرس سنة 1266.

كان فيها مدرسةٌ ابتدائيةٌ للبنين.

تعرضت هونين لحملات فرنسيةٍ متعددةٍ لإخضاعها, وإخضاع قرى جبل عامل, إلى أن تم قهر المقاومة العربية. ثم سُلمت للانتداب البريطاني على فلسطين, مع أخواتها الست قرى, ولكن مختار هونين بقي يستخدم ختم المخترة اللبناني.

بدأ الاستيطان الصهيوني في الجزء الشمالي من أراضي القرية بمستوطنة " مسجاف ", ثم أنشئت مستوطنة " مرجليوت " في السنة 1951, جنوب قلعة هونين مباشرة. وقد تردد اسم مرجليوت كثيرا في الأخبار عندما هاجمتها قوةً فدائيةً تابعةً للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين, بتاريخ 12 \ 11 \ 1988.

عدد السكان في السنة 1948 كان 1879 نسمة. مدرستها, ومقبرتها, وآثار القلعة الصليبية لا تزال ظاهرة , ويتردد عليها الكثير من السياح, المحليين والأجانب.

تستخدم بناية المدرسة كمستودعٍ زراعي.

----------------

عاد اسم هونين واسم المستوطنة التي بنيت على أرضها, مرجليوت, عاد يتردد في الأنباء بعد صدور كتاب لِ " تومر غاردي " مؤخراً, علقت عليه جمعية " تذكرت –زوخوروت " في إحدى نشراتها, على شكل مقالٍ بعنوان " أدب إسرائيلي آخر " تحرير " يوناثان مندل ", وهو حامل دكتوراة في تاريخ الشرق الأوسط, بتاريخ 9 \ 2012, أنقل عنه هنا ببعض التصرف:

" وزارة الثقافة قلقة من ازدياد الكتابة والإنتاج الفني في المجتمع الإسرائيلي حول مواضيع النكبة الفلسطينية. أحد الأمثلة على ذلك كتاب تومر غاردي. ولد تومر في كيبوتس دان في الجليل, وبشجاعة كتب عن إسكات التاريخ في الرواية الرسمية الإسرائيلية, والآليات التي تسمح بذلك.

كان مع صديق له يشربان كاساً من الجعة. فذكر الصديق أن متحف الكيبوتس المسمى " بيت أوسشيكن ", مبنيٌّ كله من حجارة القرية التي كانت في المنطقة قبل أن دُمرت في السنة 48. قالها الصديق بخفة ٍ عابرةٍ , ولكن شيئاً تغــيّر في قلب تومر. أدت هذه الجملة إلى خروجه " بقصةٍ " صغيرة عن تاريخ فلسطين.. إلى أنقاض هونين, وإلى أعمال العنف والاغتصاب التي حدثت هناك من قبل الجيش الإسرائيلي, وإلى لاجئي القرية, وإلى أحشاء الحركة الصهيونية, و" ذاكرتها الذاتية " كما " لو أنني ابتلعت حصاناً على قيد الحياة.. وهو يركل ويعدو في داخلي, وأنا راكب على ظهره.. خرجت لأطرح سؤالاً, لأوضح, لأشكّك, لأبحث, ولأدخل في الأرشيفات, لأقرأ الصفحات غير المقروءة, لأفتح الملفات المليئة بالعجب وغرائب القصص."

خلال بحثه في تاريخ المنطقة التي نشأ فيها يكتشف غاردي في أرشيف الدولة وثيقةً سرّيةً من أيلول 1948, عنوانها " قرار عمليات رقم 2 ", وقد تم التوقيع عليها من قبل قائد كتيبة 23 من لواء الكرمل, ويصف البند 3 الغرض من العملية: " اقتحام قرية هونين, قتل العديد من الرجال, القبض على أسرى, وتفجير بعض منازل القرية, وحرق ما يمكن حرقه. "

سحب هذا العمل من الحرق والتفجير ومحاولة إخفاء الأدلة, سحب البساط من تحت قدمي غاردي. أخذ في قراءة الناقص, وأخذ في قراءة المَمحي. فوجد أن الطريق من كيبوتسه إلى المطلة يتكون كله من حجارة بيوت قرية هونين المهدمة.

غرق غردي في خلال هذه الرحلة في المياه العكرة لعملية النسيان الإسرائيلية, تبين له أن أربع نساء من هونين قد اغتصبن على أيدي جنود إسرائيليين, وقتلن بعد ذلك. وجد وثائق المحكمة العسكرية , وفهم من قراءتها أنه قد جرت تبرئة الجنود المغتصبين. مُسحت الجريمة. مُسح العار. مُسحت النساء. ومُسحت القرية. كل ذلك بسبب "الخصوصية الشخصية وحماية حقوق الفرد ".

إلا أنه يرفض قبول هذا المسح. أراد حماية حقوق الضحايا. أراد إيقاف الظلم التاريخي. أراد أن يُسمّى الاغتصاب اغتصاباً. والتطهير العرقي تطهيراً عرقياً. ويستمر في تحقيقه, ويعثر على وثائق المحكمة في العام 1950, والتي يعترف فيها الجنود الأربعة بالاغتصاب, والفعل. يكتب أسماءهم. يأخذ صورا عن وثائق الأرشيف. ويحاول إعادة المشطوب!

خرج غاردي عن الطريقة التي تريده إسرائيل الرسمية أن يفكر بها. وبدلاً من ذلك اختار أن يرى الناس عبر الوثائق الناقصة. ووجد عبر الإنترنت شباب قرية هونين في برلين, في نادٍ رياضيّ لهم ( مع الأسف مغلقٌ الآن!), واتصل بهم.

نشركتابه بالألمانية.

نجح غاردي في رؤية الإنسان في هونين. تخيل اللقاء بهم. ربما ساعده هذا في كتابة ما قد كتب.[1]

--------------------------------------

________________________________________

[1] The War for Palestine: Re-writing the History of 1948. Euggen l: Rogers & avi shalom.eds.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف