إذا كانت هذه التي جرت، أول من أمس، مباراة كرة قدم فان موشيه كحلون، الذي علق تخلّف حيال نتنياهو في الشوط الأول (مهزلة الهيئة)، نجح في التعادل في الشوط الثاني وتسجيل هدف نصر رائع. لقد بنى كحلون لنتنياهو، أول من أمس، مدرسة للسياسة، وأثبت انه عندما يكون هناك امام نتنياهو خصم يستحق اسمه، ولا يتردد في استخدام القوة وهو مستعد ليدفع الثمن، فان نتنياهو لا يعود غير قابل للهزيمة. المشكلة هي أن المباراة لم تنته، أول من أمس. هناك احتمال أن تكون بدأت بصعوبة، أول من أمس. وعليه، فلا يزال بانتظارنا تطورات، تقلبات، ودرامات، فالليل لا يزال في أوله والمال يعد على الدرجات. قبل أن يعدوه، وزع كحلون، أول من أمس، غير قليل من المال، وقد فعل هذا بشكل دقيق: وزعه على الناس الذين بعثوا به الى الكنيست. من حقه. لقد خطط للحدث كأنه حملة عسكرية بكل معنى الكلمة. وحدة خاصة حقاً وراء خطوط العدو. والأمر الوحيد الذي كان ينقص هو أن يصل كحلون إلى المؤتمر الصحافي متخفيا وكأن هذا عملية «ربيع الصبا»، في باروكة شقراء. يعرف نتنياهو كيف يشتم حالات كهذه من مسافة بعيدة، وكان ينبغي الامساك به في الزمان والمكان غير الصحيحين والعمل بصمت تام. لم تكن استعدادات رجال كحلون للمؤتمر الصحافي لتخجل مداولات السباعية السرية لنتنياهو في العقد السابق، قبل الهجوم النووي الايراني، مع فارق واحد: المؤتمر الصحافي، بخلاف الهجوم الإيراني، في النهاية تم. كانت هذه مباراة محصلتها صفر: كان واضحا للجميع أنه حتى لو كشف نتنياهو أمر انعقاد المؤتمر الصحافي قبل نصف ساعة منه، فانه سيترك كل شيء وسيأتي بمروحية، ينزل منها مباشرة الى مركز البث المباشر. وكان كحلون يعرف انه حتى او أطلع نتنياهو في اللحظة الاخيرة على انه سيعقد مؤتمرا صحافيا يعلن فيه عن سلسلة العطايا، فان بيبي سيترك كل شيء، سيصعد الى مروحية، وسيهبط مباشرة الى الاحتفال. هذه القصة، التي يدعو فيها نتنياهو نفسه لكل المناسبات التي يحسن فيها وزير المالية للشعب، ملها كحلون تماما. فقد جعله نتنياهو كيس الضربات الرسمي في قضية الهيئة، وأقسم كحلون على ان هذه هي آخر مرة يحصل فيها هذا. أولاً، لقّن كحلون، أول من امس، نتنياهو درسا صغيرا. ففي محيط وزير المالية استقبلوا بابتسامة بيان رئيس الوزراء المتصالح الذي جاء فيه ان «خطوة وزير المالية هي خطوة في الاتجاه السليم سينظر فيها بالإيجاب». وعرفوا ان ليس لنتنياهو أي خيار آخر. هذه الصيغة الوحيدة التي يمكن له أن يعدها على عجل كي ينقذ نفسه من الحرج. فاذا هاجم فكرة كحلون لمنح المليارات لـ 800 الف شخص معظمهم يصوتون لـ «الليكود» و»كلنا» فانه سيسجل هدفا في مرماه. اما اذا رحب بها كمن يجد غنيمة كبيرة، فسيخرج إمعة. وبالتالي فقد فعل شيئا بين هذا وذاك. لدى كحلون رسائل وضمانات من نتنياهو يقول فيها رئيس الوزراء انه لن يتدخل في صلاحياته، ولن يمنع اعمالا تتعلق بشؤون وزارته. لم يرغب كحلون في التلويح بهذه الرسائل، أول من أمس. فهو يعرف ان نتنياهو يعرف انها موجودة. والان، لنرَ بيبي يجر الدولة الى الانتخابات، بعد دقيقة من تسجيل كحلون رزمة كهذه من الانجازات. كانت، أول من أمس، ايضا لحظة بائسة ومهينة واحدة، حين هجمت جوقة بلاط التاج برئاسة مهرج البلاط، دافيد بيتان، على كحلون بالتهديدات فور المؤتمر الصحافي. كان هذا المظهر الأول لعذابات نتنياهو. فهم يتواجدون هناك دوما من أجله، اولئك البيتانيون والكيشيون، كي يلفظوا الاحباط والاستياء اللذين يشعر بهما رئيسهم. ولكن بعد نصف ساعة فهم حتى نتنياهو أن لا مفر أمامه. هذه المرة هو ملزم بان يسير على الخط، حاليا على الاقل. من يعرف كحلون كان يمكنه أن يلاحظ، أول من أمس، في لغة جسده، مؤشرات النصر. التخفف من العبء، الرضى. بالضبط النقيض التام لسلسلة المناسبات المشتركة مع نتنياهو والتي فرضت عليه قبل العيد. فقد رفعت هذه المناسبات ضغط الدم لدى كحلون الى ذرى جديدة. وطور داخله مضادات لكل ما يتعلق بنتنياهو، ولم ينجح في أن يجبر نفسه على النظر باتجاهه. اما الان، فقد ترتب الحساب. وانحشر نتنياهو ودفع الثمن. فماذا بعد؟ كل شيء منوط ببيبي. كحلون لن يسعى الى الانتخابات، ولكن إذا فعل نتنياهو ذلك فسيسرع كحلون في هذا الاتجاه. لديه منذ الان خطط احتياطية، ونتنياهو لن يحب ايا منها. فضلا عن ذلك، ولعله الاهم: حاول كحلون، أول من أمس، ان يدير دفة السفينة الثقيلة باتجاه جديد. فقد فهم اخيرا بان ليس مناسبا له ان يبقى رهينة لاسعار السكن، فقرر الاحسان للشعب. من ناحيته، الشعب هو الضعفاء. فاحساسه بالرسالة في هذا المجال لم يطمس. والخطة التي عرضها تتعارض مع فكر نتنياهو تعارضا شبه تام. هذا سبب آخر للمواجهة بينهما. هنا أيضا، لا ينوي كحلون التراجع. فهل سيطرح بيبي خطة وزير المالية على الحكومة لاقرارها؟ لنرَه يفعل ذلك. ولنرَ من الذي لن يؤيدها. وماذا عن المعوقين؟ سيحصلون على استحقاقهم مثلما وعد. واذا تصرف نتنياهو تصرفا حسنا في الاسبوعين القريبين، فلعله يدعى أيضا الى المؤتمر الصحافي في موضوع المعوقين. الآن، دعونا نرى نتنياهو.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف