- الكاتب/ة : باراك رابيد
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-05-05
كتب الصحافي والأديب الفرنسي، ألفونس كار، في أحد مقالاته في العام 1849 «كلما تتغيّر الأمور، تظل كما هي»، - وصف هذا التعبير المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض بدقة. أو بصيغة جديدة لأقوال رئيس الحكومة الإسرائيلي سابقا، اسحق شامير، عشية مؤتمَر مدريد: ظل البحر دون تغيير، ظل الفلسطينيون والإسرائيليون كما هم، وظل الوسطاء الأميركيون ذاتهم. وبعد ولاية بيل كلينتون، جورج بوش الابن، وباراك أوباما، فإن الرئيس ترامب هو الرئيس الرابع الذي يحاول التوصل إلى اتفاقية سلام تاريخية بين إسرائيل والفلسطينيين. ترامب هو الرئيس الرابع الذي يطلب من إسرائيل كبح البناء في المستوطنات، ويعيّن مبعوثا خاصا من أجل عملية السلام، ويلتقي رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الفلسطيني، ويطلب منهما استئناف المفاوضات المباشرة بينهما، ويعلن أنه يود أن يكون وسيطا بين الجانبَين. تشير إدارة ترامب خلال الـ 110 أيام منذ أن بدأ بشغل منصبه إلى أن ترامب لا يجدد شيئا، ولا يغيّر قواعد اللعبة، ويحاول دفع السلام قدما مستخدما الطرق ذاتها، يستخدم الوسائل ذاتها لا سيّما أنه متحمس مثل سابقيه. تبدو مبادَرة السلام الخاصة بترامب والتي ما زالت بنودها غامضة كجولة أخرى من المفاوضات المباشرة والثنائية بوساطة أميركية، من أجل التوصل إلى ترتيبات لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. حتى أن الحديث عن مبادَرة السلام الإقليمية يبدو على الأقل في هذه المرحلة كوصف مبالغ به إلى حد معين حول الدعم الخارجي من قبل الدول العربيّة بشأن المفاوضات، وهو الدعم الذي حاول كلينتون، بوش، وأوباما تحقيقه ولكن لم ينجحوا تماما. سُئل المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبيسر، في البيان الصحافي اليومي، بعد وقت قصير من انتهاء اللقاء بين ترامب والرئيس محمود عباس، لماذا الرئيس الأميركي متفائل إلى حد بعيد وما الذي تغيّر مقارنة بالمحاولات السابقة والإخفاقات من جهة الرؤساء سابقا؟ «يختلف هذا الرئيس عن الرؤساء الآخرين»، قال سبيسر بثقة مضيفا: «أسلوبه مختلف». سبيسر صادق. مقارنة بالرؤساء السابقين، فإن توجه ترامب يختلف قليلا ويبدو مريحا أكثر لليمين الإسرائيلي. فهو يتحدث عن «اتفاقية سلام» بدلا من التحدث عن «دولة فلسطينية»، وعن «كبح» البناء في المستوطنات ولا يتحدث عن «تجميد»، ويتطرق علنا إلى قضايا آثرت الحكومات السابقة التحدث فيها مع الفلسطينيين من خلال لقاءات مُصغّرة، مثل نقل الأموال لعائلات «الإرهابيين» أو الصراع ضد التحريض. ليس من الضروري أن يكون تغيير الأسلوب هذا سيئا، حتى أن جزءا منه إيجابي جدا، ولكن المضمون لم يتغيّر. بعد مرور بضعة أشهر من الأحلام والتخيّل حول مجيء المسيح المخلص، على أعضاء لوبي المستوطنين في الحكومة، الكنيست، ووسائل الإعلام أن يعتادوا على أن عملية السلام لن تتقدم في الوقت الراهن. قال سبيسر إن ما تغيير هو الاحترام الذي يبديه كلا الزعيمين تجاه الرئيس الأميركي. ليس من المؤكد أن الاحترام هو الكلمة الصحيحة. يبدو أن استخدام كلمة الخوف تصف بشكل أدق ما يشعر به كل من بنيامين نتنياهو ومحمود عباس تجاه ترامب. التغيير في هذه المرحلة على الأقل هو حجم العصا التي يعتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الفلسطيني أن الرئيس الأميركي يحتفظ بها تحت الطاولة في الغرفة البيضاوية. يشعر نتنياهو وعباس بقلق، ويعرف ترامب هذا جيدا. ربما هذا القلق يفتح نافذة فرص لإحداث تغيير وانطلاقة لم يحققهما الرؤساء السابقون. انتظر ديوان رئيس الحكومة في القدس، أول من أمس، بفارغ الصبر التحديثات حول اللقاء بين ترامب وعباس. نتنياهو ورجاله ليسوا متأكدين تمامًا ما الذي يريد ترامب القيام به وما هي استراتيجيته حول الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني. حتى أن نتائج زيارة ترامب إلى المنطقة ليست واضحة في القدس بعد. من المتوقع أن يقدّم البيت الأبيض إجابة حتى نهاية الأسبوع. ولكن يعرف المسؤولون في القدس ورام الله أن الدافع وراء دفع عملية السلام قدما هو ترامب ذاته. سمع مستشارو نتنياهو وعبّاس، الذين تحدثوا مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض في الأسابيع الماضية الرسالة ذاتها - يولي الرئيس اهتماما كبيرا لهذه القضية. قال ترامب عند انتهاء المؤتمر الصحافي مع عباس إنه سمع طيلة سنوات أن الصفقة الأصعب للتحقيق هي الصفقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. «دعونا نرى إذا ما في وسعنا إثبات أنهم أخطأوا»، لخص أقواله. إذا كان يرغب ترامب بالقيام بهذا حقا فعليه بلورة استراتيجية واضحة قريبًا جدا.