تستوجب الحملة التي تشنها مجموعة من المنظمات والهيئات لتشوية صورة إسرائيل وسمعتها تبنّي طرق جديدة للمواجهة. فساحة المعركة لا تقتصر على ميدان القتال الحقيقي فحسب. فأولئك الذين يحلمون بالقضاء على إسرائيل لا يرتدعون عن استخدام شتى الوسائل: يشيعون الأكاذيب ضدها في الإعلام، ويهاجمونها في منتديات قضائية، ويحاولون المس بها اقتصادياً. في هذه المجالات جميعها ـ في الإعلام وفي القضاء وفي الاقتصاد ـ ينبغي الرد بحرب لا هوادة فيها. حصلنا في الأيام الأخيرة على مثال ممتاز لاستخدام أدوات جديدة من أجل دحر الكراهية ضد إسرائيل، وذلك بتلقينا بشرى قرار بنك Comerica الأميركي إغلاق حساب مصرفي تابع لتنظيم «الرابطة الدولية للمحامين الديمقراطيين» (IADL)، وهو تنظيم يساري متطرف. فخلف هذا الاسم المتجمِّل، يختبئ تنظيم جرى تفعيله من الاتحاد السوفياتي إبان فترة الحرب الباردة كي يكون «وكيل تأثير» في الدول الغربية. ومنذ نهاية الحرب الباردة، يبدو أن هذا التنظيم يصبّ جل جهوده ضد إسرائيل، فهو يسعى، ضمن أشياء أخرى، لتوسيع المقاطعة (BDS) في مجالات الاقتصاد والثقافة والأكاديميا، ويتهم إسرائيل بـارتكاب «جرائم حرب»، ويحاول الدفع نحو إلقاء القبض على إسرائيليين وتقديمهم إلى المحاكمة في خارج البلد. ولا يكتفي نشطاء هذا التنظيم بنزع الشرعية الكلامي وبفبركة الاتهامات فحسب، بل يجهدون في السعي، بمختلف الطرق والوسائل، لإلحاق أضرار جدية، اقتصادية وغيرها، بالدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهم يحلمون بإنشاء محكمة خاصة تجري فيها محاكمة الصهاينة المكروهين بجريرة ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية». أمّا الآن، فسيضطر نشطاء «الرابطة الدولية للمحامين الديمقراطيين» إلى الانتقال إلى حالة دفاعية، وإلى تكسير رؤوسهم في محاولة لإعادة ضمان وتنظيم تدفق الأموال إليهم. ما الذي أيقظ البنك الأميركي فجأة وجعله يدرك أنه يشارك في نشاط لمنظمة لاسامية؟ لن يكون من المبالغة الافتراض بأن الضغط الحازم وحده الذي مارسه نشطاء مؤيدون لإسرائيل هو الذي دفع مسؤولي البنك إلى اتخاذ هذا القرار بإغلاق الصنبور لمنظمة IADL. فتبني التشريعات المتشددة التي تحظر المقاطعة ضد الدولة اليهودية من جهة، ورسائل التحذير التي أوضحت لرؤساء البنك مسؤوليتهم المحتملة عن نشاط غير قانوني يقوم به هذا التنظيم المعادي لإسرائيل من جهة أخرى، أثبتت نجاعتها وحققت غايتها. من المتوقع أن تكون المعركة من أجل القضاء على حملة المقاطعة ضد إسرائيل طويلة الأمد، وأن تشهد حالات من الصعود والتقدم، مقابل أخرى من الهبوط والتراجع. وما «الرابطة الدولية للمحامين الديمقراطيين» (IADL) سوى تنظيم واحد فقط من بين تنظيمات كثيرة أخرى في الشبكة اللاسامية العنكبوتية التي تطورت واتسعت في شتى أرجاء العالم. ومع ذلك، فإن هذا النصر الصغير الذي تحقق بإغلاق حسابه البنكي في الولايات المتحدة يؤشر إلى الاتجاه الصحيح. تعمل ماكينة التحريض في حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات» (BDS) بوساطة نوعين من الوقود: الكراهية والتمويل. من الصعب، حدّ المستحيل، إخفاء الكراهية اللاسامية، إذ إنها قديمة قدم الشعب اليهودي. ومن هنا ضرورة وواجب الاهتمام بتشييد سدود ناجعة لمنع انتقال الأموال إلى الوكلاء اللاساميين المتعددين. فقد أثبت وقف تدفق الأموال جدواه كأداة ناجعة جداً في محاربة الإرهاب، كما أن «إرهاب» نزع الشرعية المُمارَس ضدنا، لن تقوم له قائمة بدون الدعم المالي الذي يأتي، في غالبيته، من دول عربية ومن بعض الحكومات الأوروبية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف