- الكاتب/ة : نتسان هوروفيتس
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-05-10
أقوم، أحياناً، بقرص نفسي للتحقق من أنني موجود بالفعل. يساري وصهيوني. يقولون في اليمين إنه لا يوجد شيء كهذا؛ حيث لا أستطيع أن أكون صهيونياً إذا كنت يسارياً. على مشارف اليسار يقولون عمليا الشيء ذاته: لعبتكم خاسرة لأن الملعب معوج، لا يوجد ولا يمكن أن تكون دولة «يهودية وديمقراطية، لأن الحديث يدور عن تناقض ومفارقة. لهذا لا توجد فائدة للفصل بين الدين والدولة ولا أمل للعدالة الاجتماعية، ولا حاجة الى السعي الى السلام. صراعات اليسار الصهيوني مصيرها الفشل لأن «اليسار الصهيوني» هو بالضبط مثل «يهودية وديمقراطية»: الأمل الكاذب في أفضل الحالات ومؤامرة في اسوأ الحالات. حسب اليمين فان اليسار الصهيوني هو خيانة مقنعة، وحسب اليسار الراديكالي هو نوع من أنواع اليمين. والأخطر من ذلك هو أن اليسار الصهيوني، بسبب المفارقة، ينشئ خدعة الطبيعية وبهذا فهو يخدم اليمين. اسرائيل، حسب الوصف الصهيوني الاساسي لها مثلما يقول اليسار الراديكالي، ليست شرعية. إن من يقوم برفع بلطة كهذه على عنق اليسار الصهيوني يعتقد بذلك أنه يقوم بازالة الاقنعة ويضع موقفا حاسما أمام اليمين. وهم عمليا يخدمونه ويخلدون سلطته، مثل المستوطنين والحكومة الذين يزعمون أن هناك خيارا واحدا وهو إما المستوطنات وإما الـ «بي.دي.اس». ومن يعارض المستوطنات ينضم الى من يقاطعون اسرائيل: كل اسرائيل وليس «المناطق» فقط. هذا بالضبط ما يقوله من ينتقدون اليسار الصهيوني من اليسار: لا يمكنك أن تكون صهيونيا وتعارض الاحتلال، لأن الصهيونية بتعريفها تؤدي الى الاحتلال. بسبب ذلك فان المعارضة الحقيقية للاحتلال تحتاج الانفصال عن الصهيونية والتعريفات الاساسية لاسرائيل. على جانبي المتراس المزيف هذا يعترفون بأن المستوطنين هم الممثلون الحقيقيون للصهيونية. في اليمين يقولون ذلك بتفاخر وعلى أطراف اليسار يقولون ذلك باشمئزاز، لكن المقولة متشابهة. هذه قصة قديمة. منذ فجر الحركة الصهيونية سُمعت هذه الاقوال الفارغة. عندما طرح بوروخوف على لينين الصهيونية الاشتراكية سخر منه البلشفي الروسي، وقال إن من يحاول أن يجلس على كرسيين – الصهيونية والاشتراكية – سيقع في الفراغ الموجود بينهما. بوروخوف وأتباعه لم يرتدعوا – من هرتسل وحتى رابين، وكانت «اوسلو» هذه هي الطريق. وقد تحققت ليس بشكل كامل، لكن بشكل واضح. ما هي هذه الطريق، الصهيونية؟ دولة ديمقراطية متنورة للشعب اليهودي ولجميع مواطنيها، ايضا اولئك الذين ليسوا يهودا. ومن هنا تم اقتطاع خطوط العمل: الهجرة اليهودية وقانون العودة، اضافة الى السعي الى اتفاق مع مواليد البلاد غير اليهود ومع الجيران، دعم هوية وتعليم ليسا بالضرورة دينيين، وإقامة جهاز لحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية – الدمج الذي بدونه لا توجد ديمقراطية حقيقية. سلطة اليمين في العقود الاخيرة هي التي حولت التقاء «اليهودية والديمقراطية» الى أمر غير ممكن. قوانين الولاء والفرض الديني والقطبية الاجتماعية والاكاذيب حول العرب الذين يتدفقون واليساريين الخونة. هذا تشويه كامل للصهيونية. إلا أنه بدل مكافحة ذلك بثقة كبيرة يزداد الشك. ليس المستوطنات والاحتلال، وليس تحطيم دولة الرفاه، وليس التحريض – اليسار الصهيوني هو الذي يتحمل المسؤولية. من هنا يؤثرون على فرصه للعودة الى السلطة. ويقولون إنه لا حاجة الى عودته الى السلطة لأن سياسته تشبه سياسة اليمين. الهجوم المتشعب شديد. ففي اليسار الصهيوني ايضا توجد فوضى وتملص من القيم الاساسية. قد يكون الانتصار الحقيقي لليمين هو الذي دفع كثيرين في اليسار الى الايمان بفشل الطريق. ولكن مع مرور 11 سنة متتالية لولاية نتنياهو أصبح الامر واضحاً: فجوة عميقة بين القناعات وبين العنصرية التي تبشر بالعنف وتركز الثراء في أيدي قلة، وبين الاشتراكية الديمقراطية الاسرائيلية التي في مركزها توجد مساواة قيمة الانسان. هذه هي الجبهة الحقيقية.