يحق لنتنياهو تمزيق وثيقة حركة حماس السياسية ورميها في سلة المهملات ، فهي لم تقدم له جديداً حينما ترفض شرعية مشروعه الإستعماري التوسعي ، فمشروعه يقوم على الشرعية اليهودية ، ودولة يهودية ، وموضع طمأنينة ليهود العالم ، ومشروع حماس إسلامي ، ببرنامج إسلامي ، ودولة بمنظور ومرجعية إسلامية ، وكلاهما من موقعيهما يتعارضان مع بعضهما البعض ، ليس لأن أحدهما ظالم والأخر عادل ، بل لأنهما لا يستجيبان لقيم العصر والعدالة والمساواة وكلاهما ضد الأخر ويبدد وجوده كبشر على أرض واحدة فشل كل منهما لتصفية الأخر منذ ولادة الصهيونية ومشروعها وإستعمارها لأرض شعب فلسطين العربي .
إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة أوسلو ، ورئيس كتلة المجلس التشريعي الذي جاء به إتفاق أوسلو ويستمد شرعيته من إتفاق أوسلو الموقع في حديقة الورود لدى البيت الأميركي الأبيض ، وإسماعيل هنية أعلن إلتزامه بإتفاق التهدئة مع العدو الإسرائيلي الذي توصل إليه الرئيس الإخواني محمد مرسي يوم 21/11/2012 ، وتم تجديده في عهد الرئيس السيسي يوم 26/8/2014 ، لا نتنياهو قادر على إنهاء حماس ونظامها المنفرد في قطاع غزة ، ولا إسماعيل هنية يملك الشجاعة السياسية في الإعلان عن عدم شرعية النظام الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، فقد طور وثيقة حركته السياسية لتكون أكثر تكيفاً مع نظام أنجبه إتفاق أوسلو ، الذي يعترف بإسرائيل .
لقد شن المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ثلاثة حروب عدوانية همجية على نظام حركة حماس في قطاع غزة 2008 و 2012 و 2014 ، وإستطاع إغتيال العديد من قياداتها ، ولكنه لم ينه نظام حماس وقبضته على قطاع غزة ، وهو لا يريد ذلك وليس في حسابه الأن إنهاء حكم حماس ، فالإنقسام بين فتح وحماس ، بين الضفة والقطاع خدمة أمنية وسياسية مجانية لعدوهما المشترك إسرائيل .
الأعداء هم الذين يتحاربون وهم الذين يتفاوضون وهم الذين يصنعون التعايش والسلام بينهما كما برر ذلك خالد مشعل بقوله " سيدنا محمد فاوض أعداءه " .
ترامب غيرّ ، وكانت لديه رؤية أحادية قبل أن يتولى سلطاته الدستورية ، وإستقبل أبو مازن كرئيس للشعب الفلسطيني يوم 3/5/2017 ، وهكذا لا تستقيم السياسات ولا تبقى على حالها ، وثمة متغيرات تجتاح المنطقة العربية ، بدءاً من نهاية الحرب الباردة 1990 ، وإسقاط نظام صدام حسين 2003 وتفاقم ، حالة الضعف العربي وحروبه البينية .
حماس لا تعترف بإسرائيل ، وفتح كذلك لا تعترف بإسرائيل ، والليكود الذي يرأسه نتنياهو ويقود المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي لا يتعرف بفلسطين ، لا أرضاً ولا شعباً ولا مؤسسة ولا طموحاً ، ولكنه يُطالب فتح بالإلتزام بالتنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب ، مثلما يُطالب حماس بالإلتزام بالتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب .
الواقع أقوى من الأمنيات ، والمبادئ والسياسات تتحول وفق موازين القوى السائدة على الأرض ، وهذا ما تفعله الفصائل ، وما الجموح الإسرائيلي وصلف نتنياهو سوى تعبير عن قدراته وتفوقه وليس وفق مبادئه وقناعاته ، الأمر الذي يتطلب العمل لتغيير موازين القوى على الأرض وفي الميدان كي ينعكس ذلك على السياسة وعلى إستعادة الشعب العربي الفلسطيني حقوقه .

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف