يتحدث الكثيرون في الايام الاخيرة عن شريط «بتسيلم»، الذي وثق صداما بين نشيط المنظمة وضابط من الجيش الاسرائيلي قرب قرية مادما في الضفة الغربية. وقد نال الشريط جملة من التنديدات ضد «بتسيلم»، بما في ذلك تنديد الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، اللواء موتي الموز، الذي ادعى بان هذا هو «استفزاز منقطع عن الواقع». يطرح السؤال: لماذا يوجد مثل هذا التجند، عندما يدور الحديث عن تنديدات في نشاط منظمة تتماثل مع اليسار المتطرف، ولكن لا يوجد أي تجند تقريبا ضد العنف المتماثل مع اليمين المتطرف في المنطقة ذاتها، «يهودا» و»السامرة»؟
هاكم مثلا الشريط الذي نشر، مؤخراً، وظهر فيه ملثمون يعتدون بالعصي والحجارة على نشطاء من اليسار في بنيامين، حين وصلوا كي يدعموا الفلاحين الفلسطينيين في رعي اغنامهم في اراضيهم، حيث لم يحظَ بالتنديدات اللازمة للمعتدين وللايديولوجيا التي خلفهم. وترافق مع هذا الشريط في الاسابيع الاخيرة عدة تقارير عن صدامات بين المستوطنين والفلسطينيين وبين المستوطنين وقوات الأمن. ومع أن معظم الاسرائيليين لا يشعرون بهذا الواقع على جلدتهم، يروي نشطاء في «يهودا» و»السامرة» أن هذا بالنسبة لهم هو الحالة العادية، وان الجيش والشرطة لا يفعلان ما يكفي لمنع العنف، وان المنظمة تعمل في صالح المستوطنين، الذين يستغلون هذا مرات عديدة كي يمارسوا القوة ضد الطرف الفلسطيني. كل من شاهد الشريط صدم بالتأكيد، حيث تبين ان هؤلاء هم فتيان يهود يمكنهم ان يعملوا في البقالة القريبة، يتعلموا في المدرسة المجاورة، او يمروا امامك في الشارع وهم يبتسمون.
فهل سمعنا تنديدا بذلك من رئيس الوزراء، وزراء أو نواب من الائتلاف؟ وماذا عن المداولات اليقظة عن الخطر الكامن في العنف المستشري؟ رفاقي الذين خدموا في الحراسة على المستوطنات أيام خدمة الاحتياط او مجرد الحراسة الجارية للمستوطنات يروون عن العجز الذي يشعرون به تجاه المستوطنين الذين يتعرضون للفلسطينيين، ويهددونهم كي ينصرفوا من منطقة معينة. كيف تسمح دولة اسرائيل لعصبة من المسيحانيين المتطرفين المفعمين بايديولوجيا شوهاء، عنيفة وعنصرية السيطرة على جدول أعمالها؟
الجواب هو على ما يبدو جبن زعمائنا. معظمهم يحبذون في الغالب الانضمام الى الجمهور لا قيادته. طاقتهم موجهة بشكل عام نحو قنوات اخرى تماما، مثلا، لمكافحة منظمة «نحطم الصمت». لماذا لا يردون على عنف نشطاء اليمين المتطرف في «المناطق»؟ هل حقيقة أن دولة اسرائيل لا تعمل بما يكفي كي تقتلع من الجذور العنصرية ومشاعر التفوق القومي التي تنتشر في مجتمعنا – لا تمس بها؟
من السهل التنديد بـ»اليساريين»، «نحطم الصمت»، «الاعلام المعادي» وكل من يتجرأ على التشكيك بالعدالة المطلقة لدولة اسرائيل، رغم أن احد وجوه هذه الدولة هو وجه الملثمين الذين يرشقون الحجارة على اناس يريدون رعي اغنامهم في المنطقة.
من المهم القول: الحدث الذي وثق في بنيامين ليس حدثا موضعيا، ولكنه حدث رمزي يشهد على الصمت الجارف للزعامة الاسرائيلية في ضوء العنف وفي ضوء سيطرة محافل غير عقلانية على اجزاء من المجتمع الاسرائيلي. اين منتخبونا ليتحدثوا عن الصهيونية وعن مد يد السلام الى جيراننا؟ لماذا بالذات في الايام التي يكون مطلوبا فيها هنا زعامة شجاعة لا نسمع صوتا يخرج ضد اولئك المجرمين الذين يستخدمون «الايديولوجيا» كمعول يحفرون به؟




لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف