
- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2017-05-16
لصرف الأنظار عن القضايا الحساسّة والخطيرة التي تهدف إليها زيارة ترامب ، تقوم إسرائيل، قبل أسبوعٍ واحدٍ من زيارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب بالتركيز على القضايا الصغيرة للتغطية على الهدف الرئيسيّ للزيارة هو إنشاء الحلف الاستخباراتيّ الجديد بمُشاركة المملكة العربيّة السعوديّة ودول الخليج الأخرى، بالإضافة إلى الدول العربيّة المُصنفّة في كلٍّ من تل أبيب وواشنطن بالدول السُنيّة المُعتدلة، التي ترى في إيران العدو، فيما تنظر إلى إسرائيل كدولةٍ حليفةٍ، كما صرحّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو في واشنطن خلال زيارته الأخيرة للبيت الأبيض في الخامس عشر من شهر شباط (فبراير) الماضي.
حلف الناتو الشرق أوسطيّ، هو الهدف المفصليّ لزيارة ترامب إلى الشرق الأوسط، ولم يكُن اختيار السعوديّة كأوّلّ دولةٍ يزورها صدفة، ولم يأتِ من فراغ ولا يدور في فراغ فترامب سيثبت قواعد اللعبة الجديدة القاضية بحماية دول الخليج بشرطين: الأوّل، دفع مبالغ باهظة جدًا للخزينة الأمريكيّة مقابل حماية العروش، والهدف الثاني، والذي لا يقّل أهميّةً عن الأوّل، هو تشكيل الحلف بين الدول العربيّة المُعتدلة و إسرائيل وأمريكا، ولكي يكون السيناريو كاملاً ومتكاملاً فإنّ الفزاعّة التي تُستخدم لإضفاء "الشرعية" على الحلف الجديد هو وقف التمدّد الإيرانيّ في منطقة الشرق الأوسط، باعتبار الجمهوريّة الإسلاميّة راعية الإرهاب في المنطقة، التي تعمل بدون كللٍ أوْ مللٍ على نشر الفوضى الخلاقّة في الدول السُنيّة، كما تزعم المصادر الأمريكيّة والإسرائيليّة على حدٍّ سواء، وتنشر الإرهاب في المنطقة، وبطبيعة الحال تقوم بتقديم المُساعدات الماديّة والمعنويّة لألد أعداء إسرائيل: حزب الله، عن طريق سوريّة، وهذا الحلف: سوريّة، إيران وحزب الله، يُعتبر في واشنطن وتل أبيب وعواصم الاعتدال خطرًا وتهديدًا يجب التخلّص منه بكلّ الوسائل المُتاحة، بما في ذلك التطبيع مع الدولة العبريّة، دون التطرّق لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ إلى حلّ قضية الشعب العربيّ الفلسطينيّ، الذي احتفى أمس بالذكرى الـ69 لنكبته المشؤومة.
في خضّم هذه التطورّات والمُستجدّات على الساحة الشرق أوسطيّة، يعمل الإعلام العبريّ المُتطوّع لصالح ما تُسّمى الأجندة القوميّة الصهيونيّة يعمل على إبراز الخلافات الهامشيّة بين واشنطن وتل أبيب بالنسبة لزيارة ترامب، ويقوم بتحويلها إلى مشكلةٍ، لا بل إلى معضلةٍ بين الحليفتين الاستراتيجيتين أمريكا وإسرائيل. مثل موضوع نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس مع العلم أنّ نتنياهو لم يذكر في اللقاء مع ترامب قضية السفارة. حسب شبكة التلفزة الأمريكيّة “فوكس نيوز″ كبرى محطّات التلفزيون المؤيدة لإسرائيل.
منسوب التوتّر والخلاف بين واشنطن وتل أبيب يرتفع مع اقتراب الزيارة التي ستبدأ يوم الاثنين القادم الـ22 من شهر أيّار (مايو) الجاري: القناة الثانية في التلفزيون العبريّ كشفت النقاب عن أنّ أعضاء الوفد الأمريكيّ الذين قاموا بزيارةٍ إلى الهيكل المزعوم، وكنيسة القيامة في القدس المُحتلّة، برفقة نظرائهم الإسرائيليين، قاموا بطرد الإسرائيليين من المكان وبرروا هذا الطلب بأنّ “حائط المبكى” هو منطقة تقع في الضفّة الفلسطينية المُحتلّة، ولا شأن لإسرائيل في ترتيبات الزيارة إلى المكان، وعلى الرغم من احتجاج ديوان نتنياهو على هذا التصرّف الدبلوماسيّ غير اللائق، تمترس الأمريكيون في موقفهم، على حدّ تعبير المصادر السياسيّة الرفيعة في تل أبيب، التي تحدثت للتلفزيون العبريّ.
و كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) النقاب في عددها الصادر اليوم الثلاثاء عن أنّ نتنياهو طلب من الجانب الأمريكيّ مُرافقة الرئيس ترامب في زيارته إلى “حائط المبكى” لكنّ طلبه قوبل بالرفض المُطلق، حيث كان ردّ الجانب الأمريكيّ أنّ الحديث يدور عن زيارةٍ خاصّةٍ جدًا بالرئيس ترامب، وبالتالي فإنّ طلب نتنياهو مرفوض، كما أكّدت المصادر الرسميّة الإسرائيليّة.
التقارير الإعلاميّة العبريّة، التي تعتمد على مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب، لم تتطرّق لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ إلى حلف الناتو الشرق أوسطيّ، والذي سيُعلن وفق كلّ المؤشّرات عن إقامته خلال زيارة ترامب أوْ بعدها بقليل، حيث ستُقدّم القضيّة الفلسطينيّة قربانًا على مذبحه.


