يوم الاربعاء، 26 نيسان، الساعة الرابعة بعد الظهر، جلست كفاح، الحامل في شهرها التاسع، في بيتها في حي داري في العيسوية، وكانت تستعد للخروج لحضور حفل زفاف في القرية بعد ساعتين.
سبويلر: لا يوجد هنا قتلى أو عيون اقتلعها الرصاص المطاطي، بل مجرد قوة من حرس الحدود اقتحمت في الوقت ذاته سبعة منازل في العيسوية وحولت الأسطح إلى مواقع لها.
لم تكن اشتباكات في الشارع في تلك الساعة. وكتبت هذه السطور احتجاجا على السقف العالي الذي يجب أن يصل اليه العنف الاسرائيلي من اجل أن يكتب أحد ما شيئا عنه.
وعودة إلى كفاح. فجأة سمعت طرقات قوية على باب المنزل. فتحت الباب وشاهدت ثلاثة جنود من حرس الحدود وضابطا. وسألت: «ماذا تريدون؟ أنا وحدي وحامل وليس هناك رجال في البيت». بدأت كفاح التحدث بالعربية، وعندما لم يسمعوا لها، رغم أنها كانت على يقين بأن واحدا منهم على الأقل يفهم ما تقول، تحدثت بالعبرية. دخلوا الى المنزل بالقوة وتوجهوا الى الشرفة، ووقف القناص الملثم من وراء درابزين الشرفة وصوب بندقيته نحو الشارع، وجلس الآخرون على الارض وبدؤوا يستخدمون هواتفهم المحمولة. قالت كفاح للمحامية ايتي ماك: «لقد خافت ابنتي التي تبلغ اربع سنوات، لا سيما من القناص الملثم. وخشيت من قيام الشباب برشق الحجارة». وهذا يعني أن الجنود سيردون بالقاء قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وهي حامل في الشهر التاسع.
لم تعرف كفاح أن الجنود قد دخلوا الشرفة بعد عدم نجاحهم في الصعود إلى السطح، أو إلى شرفة اخرى في البناية.
وبعد نحو ساعة وصل شقيقها، وطلب هو وأحد الجيران من الجنود الخروج من البيت. قال الضابط في البداية إن ذلك لا يعنيه، وهو لا يزعج، وأن لديه تصريحا. فأجابه الجار: «لا يوجد هنا رجال، فقط نساء وأطفال. دعني أرى التصريح الذي لديك». ولم يظهر الضابط أي تصريح مكتوب، ومع ذلك خرج الجنود من البيت ونزلوا الى الأسفل. ولكن الجار سمع ضابطا آخر وهو يقول لهم: «لماذا نزلتم، اصعدوا مجددا إلى البيت وافعلوا ما تشاؤون».
عندها صعدوا مجددا وجلسوا في البيت ثلاث ساعات، حتى الساعة الثامنة مساء. وبسبب ذلك لم تذهب كفاح الى حفل الزفاف.
جمالات ايضا كانت تستعد لحضور حفل الزفاف. كانت الساعة الخامسة بعد الظهر، وكان زوجها في الحمام عندما اقتحم 15 جنديا من حرس الحدود البيت، وقاموا بتجميع اصحاب البيت في غرفة واحدة وتفتيش الغرف الأخرى.
وكان أحدهم يحمل قنبلة (قنبلة صوت أو غاز مسيل للدموع)، ما أخاف الجميع. دخل أحد الجنود إلى الحمام وسأل الزوج: «هل يوجد هنا شباب؟». قالت لهم جمالات: «بربكم، ماذا تريدون، يوجد هنا أولاد صغار». فقام الجنود بالصعود الى السطح بعد أن حطموا عائقاً من البلاستيك. فطلبت جمالات منهم مرة اخرى الخروج من البيت. «نحن لا نعمل لدى حرس الحدود. ليس لهم حق في استخدام بيتنا لأغراضهم»، قالت جمالات للمحامية ماك في التصريح المشفوع بالقسم قبل تقديم الشكوى. بنات جمالات لم يستطعن النوم بعد الاقتحام لبضع ليال.
في الوقت ذاته قامت قوة لحرس الحدود باقتحام منزل إبراهيم. «لم يطرقوا الباب، ولم يطلبوا الاذن، صعودوا مباشرة إلى السطح»، قال. أحدهم «درزي أو بدوي» طلب من ابراهيم وزوجته صنع القهوة لهم. «لا تقم بتهديدنا ولا تطلب منا أي شيء»، أجاب ابراهيم فكان رد الجندي «ابن زانية»، حسب ابراهيم. وبقي الجنود فوق السطح مدة اربع ساعات. ويتساءل إبراهيم: «هل لدى اليهود أيضا تدخل الشرطة هكذا؟».
كان رد المتحدثة بلسان الشرطة: «في الأسابيع الماضية حدثت عمليات إخلال شديدة بالنظام. قام عشرات الملثمين برشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة نحو المدنيين ورجال الشرطة في الشارع القريب، وفي بعض الحالات أصيب رجال الشرطة والجنود. وفي اعقاب هذه الحوادث قام الجنود ورجال الشرطة بعمليات ميدانية من اجل الوصول الى المشبوهين بالاخلال والعنف. وشملت هذه العمليات البحث عن اماكن القاء الزجاجات الحارقة ومعرفة المشبوهين واعتقالهم. وخلال النشاط دخلت الشرطة الى كل مكان اعتبرته مصدراً للاخلال بالنظام وللعنف، أو أن المشبوهين هربوا اليه. وهذه العمليات تهدف الى منع الاخلال بالنظام والعنف التي تعرض حياة الابرياء وقوات الامن للخطر».
في العيسوية يقولون عكس ذلك. الشارع كان هادئا، اذا لم يدخل حرس الحدود الى القرية فلا أحد يقوم برشق الحجارة. هذه العمليات هي من اجل التدريب أو خلق الاحتكاك بشكل متعمد (كما أثبتت تقارير للشرطة وصلت الى المحامية ماك، السنة الماضية، والتي اعترفت فيها الشرطة بـ «دخلنا الى العيسوية من اجل افتعال الاحتكاك مع السكان»).
التحقيق الذي تم نشره في 2016 من معهد «اسرائيليين للابحاث السياسية» جاء فيه أن قرية العيسوية هي القرية التي تعود للقرن السادس عشر (في رواية اخرى للقرن الثاني عشر)، والتي كانت مساحتها 12 ألف دونم قبل أن تقوم اسرائيل بمصادرة 9 آلاف دونم من أراضيها، اضافة الى اهمال جميع المجالات مثل البنى التحتية والتعليم والصحة والرفاه.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف